هو أحد أقدم أسواق مدينة "معرة النعمان"، من يدخل إليه يحس بهدوء الأصالة فيه ومن حجارته وأزقته يشتم عبق التاريخ، ورغم صغر هذا السوق وضيق ممراته وأزقته إلا أنه يشهد حركة تسوق كبيرة، حيث يضم بين جنباته محلات تبيع بضائع متنوعة، يتفرع سوق "التجار" من شارع "أبي العلاء" في وسط مدينة "المعرة" تقريباً وينتهي بسوق الصوف والأواني المعدنية، يضم محلات تبيع بضائع متنوعة غذائية ومجوهرات وألبسة وأجباناً وألباناً وحلويات.

موقع eIdleb تجول في سوق "التجار" والتقى الحاج "ديبو السراقبي" الذي يبلغ من العمر 90 عاماً وهو صاحب أحد أقدم محلات السوق الذي يقول: «ورثت هذا المحل عن والدي رحمه الله وأنا أعمل في هذا السوق منذ حوالي سبعين عاماً وقبلي والدي عمل في السوق بسنوات طويلة لذلك يمكن القول بأن المحل مفتوح هنا منذ أكثر من 120 عاماً، السوق كان مخصص لبيع الأقمشة فقط ومحلنا بقي محافظاً على هذه التجارة فقد ظللنا نبيع الأقمشة، ويمكن أن أتذكر بعض التجار الذين كانت لهم محلات في هذا السوق منهم الحاج "عادل غريب" و"حمود الدرفيل" و"مصطفى غريب" و"أحمد شيخ طه" و"محمد شيخ طه"، منذ سنوات طويلة وهذا السوق يسمى سوق "التجار" وكنا نبيع الأقمشة فقط أما اليوم فقد دخلت السوق بضائع أخرى، كذلك كان السوق يضم محلات لخياطين وصيدلية حيث أصبحت الصيدلية محل عطار ولم يبق سوى خياطين اثنين في السوق، والسوق لم يكن مسقوفا سابقاً وإنما سقفه تم حديثاً تقريباً منذ 15 عاما عندما قمنا نحن تجار السوق بالتعاون وقمنا بمد صفائح معدنية على أطرف المحلات وسقفه».

معظم المحلات الموجودة في السوق هي صناعات تقليدية قديمة مثل صناعة الشوادر وصناعة الخرج وصناعة الأواني المعدنية، ولكن نحن نسعى لإخراج محلات الصناعات التي تصدر أصوات إلى خارج المدينة، حيث سيتم فور تجهيز المنطقة الصناعية ترحيل محلات الحدادين والصناعات المعدنية من السوق ومن ثم المباشرة بتنظيم السوق من خلال تأهيل الطرق والممرات وتجهيز الأرضيات والساحة بشكل ينهض بالوقع الخدمي للسوق ويحافظ على طابعه المعماري الأثري

ويضيف ابنه "مرهف": «هذا السوق مشهور في مدينة "المعرة" ورغم صغر حجمه إلا أن زبائنه كثيرون ومن مختلف المناطق المحيطة بـ"المعرة"، وظل لسنوات طويلة يعرف بسوق "التجار" وحالياً تعددت تسمياته بين الناس فالبعض يسميه سوق الخياطين والبعض سوق الحدادين وآخرون سوق الدجاج وسوق القصابين وذلك بسبب انتشار محلات هذه المهن في السوق مؤخراً، وحسب ما عرفنا عن أجدادنا بأنه سوق قديم يزيد عمره على 500 سنة وأنا أعرف محلات كانت متواجدة في السوق ولم تعد الآن ومنهم اسكافي كان يصنع الأحذية القديمة المعروفة بالنسبة للجيل القديم لم يعد حالياً موجودا، وللسوق زبائن دائمون يقصدون محلاته خصيصاً وسابقاً كان السوق مقتصر على تجارة الأقمشة ومنذ سنوات معظم تلك المحلات غيرت إلى بضائع أخرى حيث فلم يعد هناك إقبال كالسابق على الأقمشة بل أصبح الجميع يلجأ إلى الملابس الجاهزة».

الحاج ديبو سراقبي

ويقول السيد "عبد الرحمن الصيادي" صاحب أحد أقدم المحلات في السوق: «يعتبر هذا السوق رمز مدينة "المعرة" القديمة الممتدة من متحف "المعرة" وحتى الجامع الكبير، ونحن موجودون في هذا السوق منذ أكثر من خمسين عاماً حيث نعمل منذ تلك السنين في مجال العطارة، ومحلنا كان سابقاً صيدلية وهو يشرف على ساحة السوق المعروفة باسم "عكاظ"، وأذكر أنه كان يوجد في السوق سابقاً خان يسمى خان "بيت الحديد" وبجانبه حمام مهجور حالياً إضافة إلى أروقة كانت موجودة لكنها تهدمت، وما زالت قناطر المحلات محافظة على شكلها الأثري».

الأستاذ "أحمد غريب" مدير متحف "المعرة" ذكر بأن «تاريخ سوق "التجار" في "المعرة" يعود إلى أواسط العهد العثماني، ولكونه أحد الأسواق الأثرية الهامة في مدينة "المعرة" فهو متابع من قبل دائرة الآثار وتحت إشرافها المستمر، وما يزال هذا السوق محافظاً على طابعه المعماري الأثري، حيث أبنية معظم المحلات مازالت غمس بطريقة الطي وهي طريقة في البناء جميلة جداً، كما أن بعض المحلات مازالت محافظة على أبوابها الخشبية، وسوق "التجار" إلى جانب الأسواق المحيطة به كلها أسواق قديمة تنتشر حول الجامع الكبير في وسط المدينة تقريباً».

مرهف سراقبي

بدوره المهندس "حسام البش" رئيس مجلس مدينة "المعرة" أكد أن «معظم المحلات الموجودة في السوق هي صناعات تقليدية قديمة مثل صناعة الشوادر وصناعة الخرج وصناعة الأواني المعدنية، ولكن نحن نسعى لإخراج محلات الصناعات التي تصدر أصوات إلى خارج المدينة، حيث سيتم فور تجهيز المنطقة الصناعية ترحيل محلات الحدادين والصناعات المعدنية من السوق ومن ثم المباشرة بتنظيم السوق من خلال تأهيل الطرق والممرات وتجهيز الأرضيات والساحة بشكل ينهض بالوقع الخدمي للسوق ويحافظ على طابعه المعماري الأثري».

عبد الرحمن صيادي