«لم أتزوج خوفاً من أن أترك أخي ولم يتزوج أخي حتى لا نفترق»، قصة أخوين ترعرعا وحيدين ويعيشان في كوخ من القش وهكذا سيموتان دون ولد أو زوجة أو حتى إرث، هذه الأخوّة التي تربط بين "محمد رشاد الداشر" وأخيه "حسن" الطاعنين في السن من مزرعة "الظاهرية" الواقعة إلى الجنوب الغربي من مدينة "إدلب" بحوالي /15/ كم في سفح الجبال المطلة على "سهل الروج" والذين تحدثا لموقع eidleb.

«ولدت لأب فقير وأم مزارعة يعملان في مزرعةٍ لأحد الإقطاعيين في قرية "برج هاب" الواقعة إلى الشرق من "الظاهرية" عام /1929/، ولم يكن لدينا بيت يؤوينا سوى المزرعة التي يعمل بها والدي، مات أبي ولم أكن قد بلغت العشرين وتشردت أنا وأخي "حسن" الذي لم يبلغ الخامسة بين الحقول نبحث عما يسد رمقنا من فتات الطعام وننام في الكهوف والمغارات صيفاً وشتاءً حتى بلغ سن الشباب فبدأنا بالعمل كما كان والدي».

عندما بلغت الأربعين كان أخي قد بلغ الخامسة والعشرين ففكرت أن أتزوج بعدما ملكنا بقرتين نقتات منهما ونبيع بعض الحليب لكن أخي رفض الفكرة خوفاً من أن أتركه وحيداً بعدما تربى على يدي، فكان له ما أراد، وتكررت مشكلة زواج أخي فرفضت خوفاً من أن تأخذه زوجته مني فرفض وبقينا معاً حتى أصبحت في سن الثمانين

هذا ما رواه "محمد رشاد" الأخ الأكبر عن ارتباطه بأخيه منذ الطفولة وأضاف: «عندما بلغت الأربعين كان أخي قد بلغ الخامسة والعشرين ففكرت أن أتزوج بعدما ملكنا بقرتين نقتات منهما ونبيع بعض الحليب لكن أخي رفض الفكرة خوفاً من أن أتركه وحيداً بعدما تربى على يدي، فكان له ما أراد، وتكررت مشكلة زواج أخي فرفضت خوفاً من أن تأخذه زوجته مني فرفض وبقينا معاً حتى أصبحت في سن الثمانين».

الأخ الأصغر "حسن"

الأخ "حسن" الذي يبلغ السادسة والستين من عمره تحدث عن المعيشة اليومية والارتباط بينه وبين أخيه فقال: «بعد أن عملنا وملكنا البقرتين قررنا أن نبني البيت الذي نعيش فيه فقمنا بجمع الحجارة من الجبل الذي عشنا به لخمسة أعوام دون سقف يقينا حر الصيف وبرد الشتاء، خلال هذه الأعوام الخمس كنا نذهب إلى "سهل الروج" نجمع القش ونرعى الأبقار ثم نأتي لنضع القش على سطح البيت حتى اكتمل السقف من القش ووضعنا عليه ساتراً من الأمطار وحجارةً كبيرةً حتى لا تأخذه الريح».

وأضاف "حسن": «كل عملٍ يتم بالتناوب فعندما أذهب لأرعى الخراف العشرة التي بقيت لدينا من ثمن البقرتين، يبقى أخي في المنزل ليرعى شؤونه ويعد الطعام ويهيئ الحظيرة للخراف، وكذلك عندما يذهب أخي ليرعى الأغنام أبقى لأرعى شؤون البيت ولم اذكر يوماً أن خلافاً حصل بيننا فما يقوله أخي أنفذه وما أقوله يلتزم أخي به، لكن مرضه الشديد وطعنه في السن أقعده ولم يعد يستطيع أن يخرج للرعي فتوليت المهمة عنه».

الكوخ من الداخل

التشابه والترابط بين الأخوين ليس بالشكل فقط وإنما باللباس والذي حدثنا عنه الأخ الأكبر "محمد رشاد" فقال: «لدينا اللباس ذاته منذ ثلاثة أعوام وعندما يتلف نتيجة الجلوس على الحجارة فإننا نخيطه بأيدينا ولا نحتاج لغيره، فهو لباس الخروج إلى العمل والنوم لأننا نبقى مع بعضنا نتحدث عن ذاكرة الأيام ولا نحتاج للطعام من الأسواق لأن ما تنتجه أغنامنا يكفينا من اللبن والجبن والزبدة، كما أننا لا نختلط بأحد من أبناء القرية».

القصة التي جمعت الأخوين تستأثر باهتمام أهل القرية بتصرفاتهما الغريبة والمتشابهة وهو ما يذكره جارهما السيد "أحمد العميش" فيقول: «لا يخرجان إلا معاً ولا يختلطان بأحدٍ من أبناء القرية ولا يتحدثان أمام أحد كما أنهما أميان لا يعرفان القراءة والكتابة ولم يدخلا مدرسةً أو يزورا شيخاً ليتعلما، ويقضيان كل أوقاتهما في منزلهما أو تحت شجرة التين التي تظلل مدخل بيتهما، ولا يعرفان كيف يذهبان إلى الطبيب فعندما مرض الأخ الكبير "محمد رشاد" ذهبت به إلى الطبيب بطلبٍ من أخيه "حسن"».

الكوخ وسط الجبال