مسافة بين القلب والعقل يقطعها محب خاص يتميز برهافة الحس ووله العاشق للمحبوب، إنه محب الكتاب الذي يتلهف لكل ما فيه فيبحر في لججه ليعيش متعة الكشف ولذة الوصول إلى الحقيقة المنشودة.

مسافة بين الشك واليقين تمنحنا جوهر المعرفة وسر الوجود من خلال الكتاب كمفهوم مطلق وكرمز معبر عن كل ما هو جليل ومقدس مقدمة تعيد للجمال ألقه وللفكر جوهره المنشود وللإنسان ببعده الحضاري قيمته العليا ونحن في حضرة صرح معرفي من صروح المعرفة والثقافة في مدينة إدلب إنه مكتبة المركز الثقافي ومن أجل إلقاء الضوء على هذه المكتبة والتي تعتبر المكتبة العامة الوحيدة في المدينة وتقدم الخدمات الكبيرة لروادها التقينا أمينها السيد لطفي كتخدا الذي يحمل إجازة في الأدب العربي حيث أشار في البداية إلى تراجع الاهتمام بالكتاب بعد أن بدأت وسائل الاتصالات الحديثة بمزاحمته إذ إن القارئ يلجأ إلى الإنترنيت في موضوع بحثه فيجد مقالات مختصرة تفيده في بحثه دون الرجوع إلى الكتاب والبحث المطول فيما يخص موضوعه حيث لا يمكن الاستغناء عن الكتاب حتى بوجود الإنترنت فللكتاب خصوصيته فهو يحوي معلومات موثقة ويمكن العودة لها متى أردنا، وأردف قائلا:

تمثل مكتبة المركز الثقافي بإدلب الوجه الثقافي للمدينة فهي مجهزة بقاعات واسعة للمطالعة للذكور والإناث وهي قاعات مكيفة تجد فيها الهدوء بالإضافة إلى سهولة إعارة الكتب عبر أجهزة الحاسوب المتوافرة في المكتبة أما الكتب الموجودة فهي متنوعة في مختلف المجالات وقد بلغ عددها حتى الآن سبعة وعشرين ألفا وسبعمئة وأربعة كتب.

تأسست المكتبة عام 1960 وكان أول رئيس للمركز الثقافي الأديب عبد الرحمن جبيرو وأول كتاب دخل قيود المكتبة كان بعنوان: (الصحافة في العالم) قسم المعارف العامة أما آخر كتاب دخلها فكان بعنوان: (الثقافات الأميركية اللاتينية القديمة)

مع ازدياد إدخال الكتب المتنوعة إلى المكتبة عبر سنوات طويلة ازدادت ثراءً وغناً في مختلف الميادين حتى يتمكن القارئ في إيجاد ما يصبو إليه من معلومات في مختلف الميادين فكثرت الكتب التي تهتم بالدراسات الأدبية بشكل ملحوظ فعند شراء الكتب يؤخذ بعين الاعتبار الكتب المطلوبة وغير المتوافرة في المكتبة أما روادها فهم بالدرجة الأولى من طلاب الجامعة والمدارس فتكثر الإعارة للطلاب أثناء حلقات البحث والامتحانات وهناك رواد مولعون بالقراءة أما بالنسبة للباحثين فهم قلة لأن نظام مكتبتنا ومكتبات المراكز الثقافية في المناطق تعتمد على النظام المغلق أي لا يجوز لأحد الدخول إلى المكتبة وذلك حرصا على ترتيب الكتب في أماكنها حسب التصنيف، إلا أنه يوجد قسم خاص داخل المكتبة للباحثين لتسهيل طلباتهم وحاجتهم من الكتب لإغناء أبحاثهم.

وكما هو معروف هناك نوعان من الإعارة إعارة داخلية وإعارة خارجية فكتب المراجع المتسلسلة والمعاجم والمصورات لا تعار إلى خارج المكتبة ليتمكن أكبر قدر من القراء بالحصول عليها.

أما بالنسبة للمكتبات الخاصة التي أهديت لمكتبة المركز فهناك عدة شخصيات مرموقة أهدت مكتباتها أو جزءا منها أذكر منهم الدكتور حسين جبيرو وعادل سفلو والدكتور ياسر ذكور ومؤخرا أهدى الدكتور رياض نعسان آغا جزءً من مكتبته الخاصة للمكتبة، هذا بالإضافة إلى أن الوزير السابق فوزي كيالي أهدى مكتبته الخاصة لمكتبة المركز الثقافي في كفرتخاريم والسيد عبد الله عاشوري أهدى مكتبته إلى مركز معرة مصرين.

أما عدد الكتب المعارة سنويا طبعا هناك سجل للإعارة الخارجية فمثلا عام 2006 بلغ عدد المستعيرين 12340 مستعيرا أما الإعارة الداخلية فقد بلغ العدد حوالي 10000 مستعير تقريبا.

ومن الجدير بالذكر أنه بعد افتتاح عدة كليات جامعية في إدلب قد زاد الضغط على العاملين في المكتبة وعلى الرغم من كفاءتهم العالية في التعامل وسرعتهم في تلبية أي طلب من قبل رواد المكتبة إلا أنها تعاني من قلة عدد الموظفين فيها ولاسيّما أنها تحتاج للصيانة والتنظيف من أجل الحفاظ على سلامة الكتاب، أما الطموح الأكبر فهو أن يعود الكتاب ويحتل الصدارة الأولى في اهتمام طلابنا ومعلمينا لأنه الوجه المشرق في حياتنا.