إلى الجنوب الشرقي للجامع الكبير في "أريحا"، وفي أحد أهم الأحياء السكنية القديمة يطالعك بناء أبدعت فيه يد الباني، حيث تجد على كل حجر من حجارته نقوشاً وزخارفاً تدلّ على الحقبة الزمنية التي بني بها، إضافة إلى الهندسة البديعة في ترتيب حجارته التي لا يقل عمرها عن /خمسة/ قرون من الزمن شغل أهم المواقع الرسمية في "أريحا" منذ بنائه الأول في عهد الدولة العثمانية حتى الوقت الحاضر.

إنّه مبنى السرايا القديمة في مدينة "أريحا"، وقد حدّثنا عن تاريخ هذا البناء والأدوار التي لعبها في تاريخ مدينة "أريحا" الباحث التاريخي "مصطفى سمّاق" عند لقائه بموقع eIdleb بقوله: «عند دخول السلطان العثماني "سليم الأول" إلى "أريحا" أمر ببناء السرايا، ليكون مقراً لقائم مقام البلدة فيمارس فيه مهامه الإدارية إضافة إلى أنّه مكان لسكن القائم مقام، وما يدلّ على ذلك وجود أماكن لوضع علف الخيل التي كانت تحت إمرة القائم مقام، ويرجع السبب إلى اختيارهذا المكان وجوده في موقع متوسط من المدينة القديمة بالقرب من أهم الأماكن العامة فيها، حيث يقع إلى الجنوب من الجامع الكبير، إضافة إلى إحاطة الأسواق التجارية له، وأيضاً لوجود مسجد البيّانيّة أحد أهم المساجد في "أريحا" إلى جانبه من الجهة الشرقية».

لقد أمضينا سنوات طويلة في هذه الرابطة حيث كانت مركز نشاط متميز في الفترة السابقة، إلا أنها أصبحت في الوقت الحاضر بعيدة عن مركز المدينة، وهناك دراسة لنقل مقر الرابطة، لتكون قريبة من ذلك المركز، ليبقى هذا البناء مركز إشعاع حضاري يرتبط بشكل جيد مع تاريخه العريق

وعن أقسام هذا البناء يقول "السماق": «يضم هذا البناء العديد من القاعات والغرف التي يصل عددها إلى /عشرة/ غرف، ويقسم إلى طابقين الأول كان يؤدي فيه القائم مقام مهامه الإدارية، والطابق الثاني كان مسكناً له، وقد بنيت على طريقة البناء "المصلّب" الذي كان منتشراً في تلك الفترة كما بنيت بعض الغرف على نظام الغمس والقبب، وفي الجهة الغربية للبناء، تمّ التوسيع في "العهد التركي" أواخر العهد العثماني، وتم بناء عدد من القاعات بطراز معماري عثماني يحمل في واجهة كل قاعة من الخارج رسماً منحوتاً على حجارته يحمل شكل العلم التركي».

الباحث التاريخي مصطفى سماق

وعن دور هذا البناء في العصر الحديث يقول "السماق": «بعد دخول الفرنسيين إلى "أريحا" أبقوا السرايا مقراً للحاكم الفرنسي، ولم يطرأ عليها أي تغيير حتى الاستقلال، فأخذ هذا البناء طابعاً أخراً، حيث كان مقراً لأول بلدية في "أريحا"، وهذا ما تشير إليه منقورة حجرية في إحدى القاعات، وبعد أن تمّ نقل البلدية إلى مكان أخر استأجر المبنى الطبيب الحلبي "عبد القادر قصبجي"، وهو أول طبيب في المدينة، وذلك عام /1947/، وفي عام

/1950/ قام أحد أبناء "أريحا" من "آل المجني" باستئجار المبنى، ليكون أول مدرسة خاصة خرّجت العديد من المثقفين والمفكّرين في أريحا، وبقي حتى عام /1967/ عندما أسست رابطة الإتحاد النسائي، ليكون مقراً لها حتى الوقت الحاضر».

باب السرايا القديم رابطة الأتحاد النسائي حاليا

كما التقينا السيدة "آمنة العبسي" رئيسة رابطة الإتحاد النسائي، لتحدّثنا عن هذا البناء ودوره في عمل الرابطة بقولها: «لقد أمضينا سنوات طويلة في هذه الرابطة حيث كانت مركز نشاط متميز في الفترة السابقة، إلا أنها أصبحت في الوقت الحاضر بعيدة عن مركز المدينة، وهناك دراسة لنقل مقر الرابطة، لتكون قريبة من ذلك المركز، ليبقى هذا البناء مركز إشعاع حضاري يرتبط بشكل جيد مع تاريخه العريق».

السيدة آمنة العبسي رئيسة رابطة الإتحاد النسائي بأريحا