انتشر نمط "المصلبات" كطراز عمراني اعتمد عليه أجدادنا القدماء في بناء منازلهم ولا يزال قائماً في بعض مناطق محافظة "إدلب" ومنها قرية "دير حسان" شمال مدينة "الدانا".

وعن هذا الفن المعماري وطريقة البناء المستخدمة تحدث الحاج "حمود فخرو" 88 عاماً خلال زيارة موقعeIdleb إلى "دير حسان" في تشرين الثاني من عام 2011: «يعتمد البناء بشكل رئيسي على الطين والحجارة وهي من أكثر المواد توافراً في الطبيعة وأقلها كلفة، ويمتاز بوجود ركائز وجدران سميكة ويكون السقف بشكل أقواس متصالبة ومتقاطعة مع بعضها بعضاً في وسط الغرفة وتصل سماكة الركيزة الواحدة إلى نحو خمسة أمتار وكلما ارتفع البناء تزداد سماكة الركيزة وكذلك جدار الغرفة وعادة ما يكون حوالي المتر ونصف المتر في حين أن أبعاد الغرفة من الخارج تكون حوالي 9×9 في حين أنها من الداخل تكون 6×6، عند بدء انتشار هذا النمط من البناء كانت تبنى الجدران لبنة فوق لبنة مع وضع الطين الممزوج بالتبن لتتماسك مع بعضها بعضاً ثم يتم ملء الغرفة بالتراب ليتم البناء فوقها ووضع السقف وانتهاء العمارة ثم إزالة التراب بعد جفاف الطين وتماسك حجارة السقف ثم فيما بعد عرف القالب الخشبي الذي كان يوضع كرابط بين زوايا الغرفة وجدرانها وحفظ الحجارة المتشابكة من السقوط ريثما يجف الطين الذي يوضع بين الحجارة ليصبح البناء كله كتلة واحدة».

كانت تبنى بعض الخزانات الخشبية في الجدران للاستفادة من سماكتها تستخدم لوضع بعض أغراض المنزل والمونة أو الثياب وعادة ما كانت توصل بالمصلبة غرفة أصغر منها ولكنها دون أقواس يصل فيما بينهما باب صغير تستخدم عادة كبيت للمونة أو غرفة طعام

وفي وصفه لهذا النمط العمراني وكيفية إنجازه قال "تركي عبد الرؤوف": «يتم بناء الجدران في البداية ثم يركب قالب الخشب على شكل أقواس حيث يتم وضع الحجارة التي تربط ببعضها بعضاً بواسطة الطين المجبول مع التبن وعرض الجدار عند البدء حوالي 80 سم وعند العمود أو الركيزة يصل لنحو أربعة أمتار كما أن سطح الغرفة يكون سميكاً وبشكل مستو وقد استبدلت الطبقة العليا منه فيما بعد بالاسمنت لحماية سطح الغرفة والحفاظ عليه من تأثير العوامل الجوية وكذلك نجد حال الجدران حيث تبدو من الخارج بشكل لا يختلف عن البيوت العادية المربعة والمستطيلة وبشكل قائم حيث تبدو الحجارة مرصوفة فوق بعضها البعض بواسطة طبقة من الطين».

الركائز السميكة التي يقوم عليها البناء

وأضاف: «كانت تبنى بعض الخزانات الخشبية في الجدران للاستفادة من سماكتها تستخدم لوضع بعض أغراض المنزل والمونة أو الثياب وعادة ما كانت توصل بالمصلبة غرفة أصغر منها ولكنها دون أقواس يصل فيما بينهما باب صغير تستخدم عادة كبيت للمونة أو غرفة طعام».

وعن مزايات هذا الطراز قال "عبدو عبد الغفور": «يمتاز هذا النوع من البناء كما هو حال معظم البيوت القديمة الطينية أنها باردة بالصيف ودافئة بالشتاء لسماكة الجدران والسقف واعتمادها على استخدام الطين في بنائها ووجود طبقة سميكة على السطح كما كان الطين الممزوج بالتبن يستخدم في طلاء الغرف من الداخل لتكون ملساء ومن ثم أصبحت تطلى بمادة الكلس الأبيض وهي أنعم وتعطي لوناً أبيض للغرفة».

الحاج حمود فخرو

وأضاف: «هذا النموذج يعرف أيضاً في بعض المناطق باسم "البيت الغمس" واستخدم في بناء المساجد لأنه يساعد في تقليل الحاجة إلى الأعمدة في منتصف البناء وهذا النمط بات اليوم قليلاً جداً حيث تم استبدال معظم الغرف الموجودة ببناء حديث والاستفادة من المساحة الكبيرة التي يشغلها البيت الواحد لزيادة مساحة الغرفة أو المنزل في حين لا يزال بعض الأهالي مصراً على الحفاظ على هذا النموذج كجزء من تراث الأجداد الأصيل الذين استطاعوا من خلاله إثبات تميزهم في فن العمارة وإيجاد أبنية مميزة بطرازها العمراني مقارنة مع التقنيات التي كانوا يعتمدون عليها».

البناء كما يبدو من الخارج