يعتبران عشقهما لمعدن الفضة قد ولد معهما بالفطرة، فـ"سوسة الملوك" (أي التعلق بمعدن الفضة) كما يسمونها يعتبرونها من أهم الأشياء في حياتهما، وفي كل يوم أربعاء حيث بازار مدينة "إدلب" هما على موعد مع متعة من نوع خاص، حيث يمضون ساعات طويلة من نهار هذا اليوم وهما يتجولان بين باعة و"بسطات" الفضة لإشباع نهمهما من التفرج على قطع الفضة، ومع نهاية النهار تنتهي تلك الجولة بعد أن يكونا قد اختارا بعض القطع لتضاف إلى مقتنياتهما الفضية والتي يعتبرانها أغلى من الذهب.

إنها حكاية "محمد ميري وخالد عقابية" اللذين جمعتهما الهواية والعمل حيث شاءت الأقدار أن يجتمعان في مكان عمل واحد في متحف "إدلب".

أعرفهما منذ سبع سنوات وألاحظ هوسهما الكبير بالفضة، وعندما يلتقيان شخصا يحمل سبحة له طقم فضة أو يلبس خاتم فضة يلفت نظرهما مباشرة وتجدهما باللاشعور قد سألاه عن الخاتم وطلبا تفحصه حيث نلاحظ بأنه يسيطر عليهما فضول كبير في التعرف وتفحص تلك الخواتم

موقع eIdleb التقى السيدان "محمد ميري وخالد عقابية"، حيث يقول "محمد ميري": «قصة اهتمامي بمعدن الفضة بدأت قبل 25 عاما عندما كان عمري 15عاما حيث رافقت والدي في إحدى رحلاته إلى مدينة "حلب" وهناك اشتريت أول قطعة فضة بحياتي وهي هذا "البلاك" الذي ألبسه في معصمي، وما يميز هذا البلاك أنه من صناعة حرفي أرمني من "حلب" توفي اسمه "وانيس" وهو أشهر من صنع الفضة الأصلية، فقطع الفضة المشغولة من قبل "وانيس" مشهورة جداً وهي من نوع "روباظ" أي الأصلية تماماً، وهي فضة صافية لم تدخلها أي خلائط نحاسية أو غيرها لذلك هي مشهورة بجودتها، وبضاعة "وانيس" حالياً مفقودة ولا توجد قطع إلا عند الأشخاص الذين اشتروها منذ سنوات طويلة مثلي، ومن بين المجموعة الفضية التي أشعر بسعادة كبيرة بامتلاكها خاتم فضة إيراني مزين بحجر فيروز أزرق وخاتم كوبرا حلبي مع حجر عقيق بني إضافة لـ"زردات" فضية جميلة، ولدي خاتم فضة أخر يسمى "عاشق ومعشوق"، وخواتم الفضة تختلف من ناحية حجمها وحجم الحجر الكريم فيها وأنا مهتم كثيرا بمتابعة يوم البازار حيث أتجول في السوق بغية الإطلاع على قطع الفضة المعروضة وربما استطيع الوصول إلى قطعة جميل تضاف إلى مقتنياتي، وأنا أهوى كثيراً شراء خواتم الفضة لأني أعشق كثيراً هذا المعدن وفي الحقيقة لا أعرف السبب الحقيقي لذلك، وللفضة عيارات مثل الذهب فهناك عيار 60 وعيار 90 وهو الأجود وهناك عيار 80 أما الفضة "الروباظ" فعيارها 91 وهي الأجود على الإطلاق، وهناك قطع فضة طبع "حلب" عيارها 60 وهي تعتبر تقليدا عن القطع الأصلية، وخواتم الفضة يكرب لها أحجار من "مرجان" و"ياقوت"».

محمد ميري

ويضيف "خالد عقابية": «أنا مهتم بشراء قطع الفضة منذ حوالي ثلاثين عام عندي عدد من الخواتم أحب أن ألبسها ودائماً أتجول في يوم البازار بغية البحث عن خواتم تكون ملفتة وجميلة وترضى فضولي المحب للفضة وخلال قربي الشديد من هذا المعدن خلال كل تلك السنوات أصبحت على دارية كبيرة بالفضة الصافية من الفضة المخلوطة بالمعادن، فهناك مثلاً فضة مغشوشة حيث يدخلها مادة نحاسية وعندما تفرك قطعة الفضة بين يديك ثم تشتم رائحتها يعطيك رائحة مثل رائحة الصدأ وهذا يعني بأن القطعة دخل في صنعها نسبة من النحاس ومع مرور الزمن يصبح لون القطعة أصفر لأن معدن الفضة الصافي ليس له رائحة صدأ والفضة الأصلية مع مرور الزمن تعطي لون أسود وعندما تفركها تصبح بيضاء أكثر، وقطع الفضة الأصلية قليلة هذه الأيام حيث يدخل في تركيبها النحاس وذلك لغايات تجارية، والفضة غير الأصلية تعطي مع مرور الزمن لون أصفر، وللفضة أنواع فهناك فضة حلبية وفضة تركية وهي النوعية الأفضل وهناك فضة إيطالي وفضة إيراني ولكنها ليست بجودة الحلبي والتركي».

إن اهتمام "محمد ميري وخالد عقابية" بالفضة انعكس إيجاباً على عملهما الأستاذ "فجر حاج محمد" أمين متحف "إدلب" يوضح ذلك بالقول: «هما موظفان هنا وأحياناً نستعين بخبرتهما في هذا المجال، حيث تأتينا أحيانا مصادرات من الفضة قد نلتبس فيها للوهلة الأولى هل هي فضة أم خليط من المعادن الأخرى مثل القصدير أو النحاس المطلي فبكل بساطة وبسرعة أستدعيهما وأسألهما ومباشرة يعطياني الجواب الشافي وقد نحاول التأكد عن طريق بعض الصاغة فنجد بأن كلامهما صحيح 100 بالمئة وهما لديهما الخبرة الكافية في هذا المجال».

خالد عقابية

ويضيف زميلهما في العمل "هيثم العمر": «أعرفهما منذ سبع سنوات وألاحظ هوسهما الكبير بالفضة، وعندما يلتقيان شخصا يحمل سبحة له طقم فضة أو يلبس خاتم فضة يلفت نظرهما مباشرة وتجدهما باللاشعور قد سألاه عن الخاتم وطلبا تفحصه حيث نلاحظ بأنه يسيطر عليهما فضول كبير في التعرف وتفحص تلك الخواتم».

يذكر أن "محمد ميري" من مواليد عام 1970 و"خالد عقابية" مواليد عام 1965 وهما يعملان حارسين في متحف "إدلب" الوطني.

بعض مقتنيات محمد ميري الفضية