صحيحٌ أن فقد البصر قد لا يُعوض أحياناً، لكن المشكلة الحقيقية تكمن في الاستسلام لنتيجة ذلك، وهذا بالتالي يُؤدي بالمكفوف إلى الأمية والاعتماد على الغير في شؤون حياته، النقطة الوحيدة المضيئة في سياق ذلك أن كل فاقد بصر لديه من البصيرة الداخلية وقوة الحواس ما يغنيه بشكل كامل عن وجود البصر، ولهذا فإن المكفوف هو نفسه من أنقذ نفسه واستطاع جلبها من أمواج البحار المتلاطمة إلى بر الأمان الثابت.

ففي عام /1837/ بدأت تظهر في فرنسا لغة خاصة بالمكفوفين وهي في شكلها الحالي اليوم تُسمى لغة "برايل"، موقع eIdleb توجه إلى مُدرس اللغة العربية "حسان شيخ نجيب" وهو أحد المكفوفين الذين تعلموا بالاعتماد على هذه اللغة، وقد تحدث عن بداياتها بالقول: «مؤسس هذه اللغة هو الفرنسي "لويس برايل"، الذي فقد حاسة البصر في /الثالثة/ من عمره، ودرس في معهد "باريس" وتدرج في علومه حتى أصبح موسيقياً بارعاً، وهو يمتلك مهارة في استخدام الأيدي على الآلات الموسيقية، لذلك فإنه اجتهد في كتابة شيفرة عسكرية خاصة اخترعها أحد الضباط لإيصال الرسائل السرية بين المناطق وتتكون من /12/ نقطة، واستطاع تعديل واختصار /12/ نقطة إلى /6/ نقاط ليسهل الموقف التعليمي على الكفيف، ولم تكن طريقة "برايل" الطريقة الوحيدة للكتابة البارزة فقد كان هناك طرق أخرى أيضاً، إلا أن سهولة طريقته وبساطتها أدت إلى إندثار جميع هذه الطرق، وفي البداية استخدمها "برايل" في النوتة الموسيقية للمكفوفين، ولم تر هذه اللغة النور إلا في سنة /1839/ بعد أن قوبلت بصعوبات شتى في المدارس، ولم تُستخدم فيها بشكل رسمي إلا بعد وفاة "برايل" بعدة سنوات، وفي العام /1919/ أُدخلت تعديلات على هذه اللغة وسُميت طريقة "برايل" المعدلة، وهي التي يستخدمها العالم بشكلها الحالي».

تعتمد قراءة "برايل" على تحسيس الأصابع لثقوب على سطح ورقي، وتُقرأ هذه الثقوب بشكلٍ عكسي من اليسار إلى اليمين، أما الكتابة فهي توزيع الثقوب على الورقة وترتيبها حسب كتابة كل كلمة على حدى، وأذكر أني تكمنت من تعلمها خلال /14/ يوماً، وترتيبي هو الثاني في سورية بالنسبة لسرعة القراءة

وتابع "حسان" حديثه عن هذه اللغة قائلاً: «تعتمد قراءة "برايل" على تحسيس الأصابع لثقوب على سطح ورقي، وتُقرأ هذه الثقوب بشكلٍ عكسي من اليسار إلى اليمين، أما الكتابة فهي توزيع الثقوب على الورقة وترتيبها حسب كتابة كل كلمة على حدى، وأذكر أني تكمنت من تعلمها خلال /14/ يوماً، وترتيبي هو الثاني في سورية بالنسبة لسرعة القراءة».

المُدرس حسان شيخ نجيب

"عمر خشان" أيضاً مكفوف وهو يحاول الحصول على شهادة التعليم الثانوي، ويعتبر لغة "برايل" طريق المكفوفين الوحيد لتحصيل العلم، وقد شرح لنا أدوات وطريقة هذه اللغة قائلاً: «أدوات كتابة "برايل" هي المسطرة الخاصة بالكتابة، وتتكون من مئات الخانات، وهذه الخانات هي ثقوب سداسية مرقمة من /1/ إلى الـ /6/، وهناك قلم ولوح "برايل"، ولكل حرف شكل ثقوب معين، فحرف "الجيم" مثلاً يضم /3/ ثقوب من يمين مربع الخانات و/2/ من يسارها، وحرف "الطاء" عكس ذلك، أما حرف "الظاء" وحده فيشمل تثقيب كل الخانة المكونة من /6/ نقاط، وتأخذ كل كلمة حجم كبير على الورق، لأنها تعتمد على تهجئة الحروف، كما يوجد بين كل حرف وآخر فراغ مناسب، ويوجد لدينا في لغة "برايل" حروف وكلمات إنكليزية تتشابه مع حروف اللغة العربية، وبهذا نميز نوع الكتابة من خلال التعريف بها قبل القراءة، ويوجد أرقام حسابية أيضاً من /صفر/ إلى /عشرة/، ويختلف تكوين كل رقم عن جميع الأحرف والكلمات العادية».

نشير إلى أن "محمد الأنسي" هو أول من أدخل "برايل" مجال اللغة العربية، حيث حاول التوفيق بين أشكال الحروف المستخدمة في الكتابة العادية وشكلها في الكتابة النافرة، وقد اختصرت هيئات المكفوفين العربية /102/ كلمة من الكلمات المتداولة على نحو يوفر الوقت والجهد اللازمين للكتابة.

السيد عمر خشان
الكتابة على لوح برايل