الظامئون إليك يخلعهم رداء الماء منتصف النظر، ويمدّ من طياتهم حلم الغروب، إليك مفتاحاً. ثمّ يفتح باب العيادة، وأهلاً بالغريب، يدفع بديوانه (الشذرات) هاك بين يديك.

وعلى السطح رشة أسئلة، فمن طبيب للأعصاب إلى شاعر وباحث وكاتب للمقالات النقدية والصحفية إلى مجرّب لكتابة السيناريو فأين وإلى أين تريد الوصول؟

عيناه دائماً تسبقانه بالإجابة حيث تجولان أنحاء العيادة وتدوران في فضاءات ليحكي عن أبي يزيد قصّته. حين التقى به أحد الأشخاص الباحثين عنه بعد أن ذاع صيته وملأت شهرته الآفاق ليسأله: "أين أجد أبا يزيد البسطامي فأجابه أبو يزيد منذ ثلاثين عاماً وأنا أبحث عنه ولم أجده. لكنني لن أقول كما قال أبو يزيد بل أنا مسكون منذ باكورة الوعي الأول للحياة بهاجس أن أكون طيباً وفعالاً فكثيرون هم الفعّالون وكثيرون هم الطيبون ولكن أن تجد طيباً وفعالاً أو فعالاً طيباً فهذا هو المهم، وكيف أكون الاثنتين معاً هذا هو السؤال الذي أبحث عنه".

*أي علاقة تربط بين الطب والأدب؟

" لا أنكر تأثير مهنة الطب عليّ كإنسان وبالتالي كشاعر، الطبيب قد يكون أكثر الناس التصاقاً بالألم الإنساني، والمعاصر الأهم للحظات ضعفه ومواعيد ولادته وموته".

  • وماذا يشغلك حين تلفك العتمة في زنازين القصيدة؟
  • يقول: " كلما اتقد الخيال وتهجيت الاندفاعات للمغامرة والمجازفة, تكشفت ومضة من ومضات وحدة المصير الإنساني, ووحدة الصراع الملتبس من أجل الحق والحرية, صعودا إلى ومضات مراوغة من وحدة الوجود في قشعريرة الانتفاضة الروحية التي تهب الشاعر بعض بركتها ونعمتها وفيضها مرات قليلة شديدة الجذب تفتح وعيه على حنين جبار, وفي قلب هذا الفيض المزلزل تقبض على أصابع تجربة ثقيلة من الإحساس المتجذر بأنني أكتب على مشهد من التاريخ , وكأنني أؤدي رقصتي على مسرح يؤمه شهود من الموتى والقتلى , دمهم في عنقي وأنا مسؤول عن رد مظالمهم والقصاص لهم".

    *إذا كان دمهم في عنقك وأنت تنحو إلى الخلاص فكيف تنظر إلى العالم بهذه الازدواجية؟

    " ما يشغلني كيف التخلص من الشعر في حياتي ...ليس الشعر في القصيدة بل من شعرية الرؤية وشعرية معرفة العالم (قراءة واستقراء وقرننة للواقع والتاريخ والمجتمع) نحن شعوب مستهلكة والمثقفون عندنا ينامون كالدجاج ويفيقون على بيضهم الثقافي المستورد من مداجن الغرب فحين صاحت ديكة الغرب بالقومية وضع المثقفون العرب صيصانهم الغير مكتملة النمو وراحوا ينقنقون، حتى ظهرت الماركسية، وقبل أن تمطر في موسكو رفع الشيوعيون العرب مظلاتهم...ما يشغلني كيف أستطيع أن أوجد ذاتي في وسط هذا الركام من الثقافات والسخافات من الهزائم والانتصارت على تاريخ أعد خصيصاً لأسرنا.. في النتيجة أنا خلاصة كل هذه التبعية، ومن هنا يجيء الشعر بالخلاص وفي أجوائه يُحلق أنى تريد ويُرسم ما تريد وبه تحرض مساحات لونية مفعمة بالفرح أن تهجم لتقضي على مساحات من الخلايا القاتلة، وربما حينها فقط تنحو بهم أيضاً نحو الخلاص، وقتها لن تقول هذه ازدواجية".

    من الجدير بالذكر أن حمزة رستناوي طبيب أعصاب شاعر وباحث له العديد من المؤلفات:

    ـ طريق بلا أقدام ـ مجموعة شعرية دار آرام 2001م وأعيد طبعها في منشورات وزارة الثقافة 2002م

    ـ ملكوت النرجس ـ مجموعة شعرية ـ اتحاد الكتاب العرب 2003م

    ـ سيدة الرمال ـ مجموعة شعرية ـ نشر الكتروني موقع الفوانيس، وعن دار بعل للطباعة 2006م

    ـ الثالوث اليتيم ـ دراسة في النبوة والكهانة والشعر مخطوط

    ـ الشذرات ـ مجموعة شعرية ـ اتحاد الكتاب العرب 2007م