«من الأدوار الهامة التي لعبها الحلاق أنه وسيلة الإعلام الوحيدة قبل أن يعرف الناس ما وسائل الإعلام»، والكلام للحلاق "مطيع فتّالة"، و"فتّالة" هو أحد أقدم الحلاّقين في "أريحا"، فحدثنا أثناء زيارة موقع eIdleb لدكانه عن مهنته بقوله:

«عندما بلغت السادسة من العمر، أتى بي والدي إلى دكان "صبحي الحلاق" الذي عرف بهذا الاسم في المدينة ونواحيها، ولم يكن في "أريحا" كلّها سوى ثلاثة دكاكين للحلاقة، وبدأت العمل كصانع صغير، أعمل الأشياء البسيطة التي يطلبها منّي معلمي، وبقيت على ذلك أربع سنوات، حتى أصبحت قادراً على الحلاقة بشكل جيد، فبدأت استغل غياب معلمي عن الدكان، وأحلق للزبائن الذين يأتون في فترة غيابه، وفي فترة الأعياد عندما يتوافد الناس بكثرة أساعده بالحلاقة لبعض الزبائن وخاصة الأطفال.

ومن الأدوار الهامة التي لعبها الحلاق أنه وسيلة الإعلام الوحيدة قبل أن يعرف الناس ما وسائل الإعلام بكثير، فهو صديق لكلّ الناس يعرفهم جميعاً، الصغير والكبير، المتعلم والجاهل، العامل وصاحب العمل، ويتعامل معهم بدافع الحب والصداقة، فيقصّون عليه ما يحصل معهم، ويقوم هو بإعلام كل من يرتاد دكانه بقصصهم بغرض التسلية وإضاعة الوقت، وتطبيقاً للمثل القائل "لسان الحلاق بجطلين"، و"الجطلين" ما يطلق على طرفي المقص. لأنّ الحلاقين يتكلمون كثيراً

ولكون الحلاقة لم تكن متطوّرة كما هو الوضع الآن فلم تكن "الموضة" معروفة، وأغلب الزبائن يكتفون بالحلاقة أربع مرات في العام، وبالإضافة لصغر المدينة عليّ أن أخرج إلى القرى المجاورة، لأحلق لأهلها الذين لا يقصّون شعرهم سوى مرة أو مرتين في العام، فأذهب إلى القرية، وأحلق لبعض الأسر بالكامل، ولا أتقاضى أجراً نقدياً، إنّما الأجر في نهاية الموسم من محصول الفلاحين».

يحلق لأحد زبائنه

وعن الدور الذي لعبه الحلاق في تلك الفترة يقول: «لم يكن الحلاق هو الشخص الذي يقوم بقصّ الشعر وتسريحه فقط، بل كان يلعب دوراً مهمّاً في المجتمع، فهو الطبيب الذي يعالج الأمراض بمختلف أنواعها، ولم يكن يتوانى عن مساعدة أي شخص إذا أمكنه ذلك معتمداً على الطب العربي والأعشاب، إضافة إلى عمله في ختان الأطفال، وطبّ الأسنان، ومازلت حتى الآن أتعامل مع الطب العربي، ولدي خبرة كبيرة في معالجة "حب الشباب" و"الثعلبة" و"تساقط الشعر" و"التالول"، وهو من الأمراض الجلدية المعروفة ولا يزال عدداً من الناس يقصدني بغرض المعالجة». ويضيف: «ومن الأدوار الهامة التي لعبها الحلاق أنه وسيلة الإعلام الوحيدة قبل أن يعرف الناس ما وسائل الإعلام بكثير، فهو صديق لكلّ الناس يعرفهم جميعاً، الصغير والكبير، المتعلم والجاهل، العامل وصاحب العمل، ويتعامل معهم بدافع الحب والصداقة، فيقصّون عليه ما يحصل معهم، ويقوم هو بإعلام كل من يرتاد دكانه بقصصهم بغرض التسلية وإضاعة الوقت، وتطبيقاً للمثل القائل "لسان الحلاق بجطلين"، و"الجطلين" ما يطلق على طرفي المقص. لأنّ الحلاقين يتكلمون كثيراً».

وفي لقاء مع السيد "عبد الحميد فتّاله" الابن الأكبر قال: «لوالدي الفضل في تعليمي الحلاقة، فبعد أن تركتُ المدرسة، وبحكم العادة، فإنّ الوالد أورثني مهنته، لذلك صرت أساعده في عمله، وأراقبه كيف يعمل بكل دقة واهتمام، وهو بدوره يعلمني وينبهني للأشياء الأساسية، حتى أصبحت من أكثر الحلاقين شهرةً في "أريحا"، ولدي أخوان تعلما أيضاً المهنة عن والدي، ولكلّ منهما "دكّانه" الخاص.

ووالدي أول حلاق اتبع "الموضة" في "أريحا"، وهو أول من أدخل "السشوار" إلى "دكانه"، وأغلب الحلاقين في "أريحا" تعلموا على يديه».

يشار إلى أنّ الحلاق "مطيع" من مواليد أريحا عام 1952 ولا يزال يمارس مهنته بشكل منتظم.