كثيراً ما تستهوي الكتاب والمهتمين في التاريخ تدوين تاريخ قرية أو مدينة أو حتى تدوين تاريخ عصر قد مضى، فيجوبون هنا وهناك بحثاً عن أية معلومة لها علاقة بالمكان، ولكن حكاية الأستاذ "ناصر الأعرج" مختلفة تماماً فهو الشاب الذي يستهويه تدوين تاريخ العائلات في قريته "حاس" الواقعة ما بين مدينة "كفرنبل" و"معرة النعمان"...

فحمل أوراقه والقلم بحثاً عن أي رجل مسن في القرية لكي يدلي بما يعرف. موقع eldleb التقى الأستاذ "ناصر" فحدثنا قائلاً: «منذ أن كنت طفلاً كان هناك سؤال يراود عقلي ألا وهو (متى سكن أهالي "حاس" في هذه القرية؟)، ولكن لم يكن بوسعي معرفة أي شيئ لأني كنت طالباً في الإعدادية وظل هذا السؤال يراودني حتى تخرجت من معهد الرياضيات عام 1995 فحملت دفتري ورحت أبحث عن أي حبل أمسك به ليدلني على الطريق الصحيح، ولم أعد أذكر الوقت الحقيقي للبدايات لأني كنت أجد متعة لا مثيل لها من خلال العمل الذي أقوم به علماً أنني اصدمت بعدة عوائق اثناء جمع المعلومات فعمدت إلى جمعها عن الطريق السؤال غير المباشر (لختايرة القرية)، فجمت ما فيه الكفاية عن عائلة أو عائلتين في القرية».

حكايتي مع الشعر متواضعة فأنا أقرأ كثيراً الشعر الجاهلي والشعر الحديث وشعر التفعيلة والموزون ولكن أكتب عندما أمر في موقف ما، أنا لا أقول عن نفسي شاعر لأن الشعر أمر صعب أنا أنقل ما أشعر به إلى الورقة البيضاء

يضيف "الأعرج": «طبعاً وكل هذه المعلومات كنت أجمعها في فترة الإجازة التي كنت أقضيها في القرية لأنني كنت غير مقيم فيها، والرحلة الحقيقية بدأت منذ خمس سنوات عندما استقريت في القرية فأنا أرى في تاريخ العائلات موضوع مهم يجب أن نقف كلنا عنده، خصوصاً في عصر طغت فيه ثورة المعلومات على كل شيئ, فعندما نتحدث عن بيت قديم أو سوق قديم من الجدير بنا أن نعرف هؤلاء الأشخاص الذين سكنوا هذا البيت أو ذلك السوق، وذلك حتى نصنع لقاء وهمي بين الأماكن وبين أصحابها الحقيقيين».

الأستاذ ناصر الأعرج

وعن "حاس" وأين وصل في جمع المعلومات عن عائلاتها يضيف: «طبعاً "حاس" قديمة جداً وكانت مدينة كبيرة وأنا لم أتطرق إلى "حاس" القديمة أبداً لعدم توفر معلومات دقيقة عنها، ولكن أنا أقوم بجمع معلومات عن قرية "حاس" الحالية، حيث يعتبر آل "شرتح" أساس "حاس" وأول من سكنها قبل (450 عام) تقريباً وهذه معلومات أكيدة ولكن هناك عائلات هجرت القرية منذ زمن وتعتبر أيضاً من أقدم من سكنها وهي "الخطيب" و"السيد" و"الحشمة" و"السنا" و"علوان" وهؤلاء هجروها ولم يبق سوى آثارهم فآل "خطيب" من بقي منهم وادي كبير يقال له الآن (وادي خطيب) و"السيد" لم يبق منهم سوى (سبيل السيد) وهو طريق قديم بينما آل "حشمة" لم يبق من آثارهم سوى أراضيهم التي اشتراها آل "أعرج".

هذا بالنسبة للعائلات بينما بالنسبة للعمل فهو في طريقه للنهاية وسأقوم بإصدار كتيب صغير موثق بالحقائق ومزود بالصور، ولكنه يحتاج لعمل كبير وجهد وأنا أحاول التوفيق بين عملي كمدرس وبين هذا العمل الإنساني التدويني الذي سأهديه لأهالي القرية فأنا أحب قريتي كثيراً».

ما بين أستاذ وصاحب مقلع رمل وجامع معلومات عن قريته يقضي "ناصر" وقته لكن هذا لا يكفيه لنكتشف أنه يكتب الشعر، يقول "ناصر": «حكايتي مع الشعر متواضعة فأنا أقرأ كثيراً الشعر الجاهلي والشعر الحديث وشعر التفعيلة والموزون ولكن أكتب عندما أمر في موقف ما، أنا لا أقول عن نفسي شاعر لأن الشعر أمر صعب أنا أنقل ما أشعر به إلى الورقة البيضاء».

من الجدير بالذكر أن الأستاذ "ناصر الأعرج" مواليد قرية "حاس" عام (1975) خريج معهد رياضيات، وجديراً بنا أن نقدم له الشكر لقاء هذا العمل الرائع الذي يبذل قصارى جهده ليكون ناجحاً ولكي يقم للمكتبة الثقافية لدى أهالي قريته كتيباً يحكي عن أصولهم.