سيرة وحكاية تتوزع بين اللباس الشعبي العربي الأصيل والتخصص بمجال خياطة هذا اللباس وهي سيرة خياط "المعرة" العربي السيد "ابراهيم الشيخ جمعة" وهو من مواليد هذه المدينة سنة /1936/ ويعتبر من أوائل متعلمي مصلحة الخياطة العربية ومن المميزين في لباسهم الشعبي وعاداتهم في ارتداء كل ما يُعبر عن الأصالة والمحلية.

موقع eIdleb استمع إلى حكاية الخياطة العربية وتطور اللباس الشعبي في "المعرة" من السيد "ابراهيم" وفي البداية من خلال كلامه قائلاً: «سقا الله أيام كانت الناس تلبس عربي من "جلابية" و"حطة" على الرأس أو "قنباز" ويلبسه بعض الأفندية والمعروفين في البلد، فالبشوات يلبسون "الطقم" و"الطربوش" والعوام العاديون يلبسون بدل "الجلابية" ما يسمونه "القصيرة" وهي صفراء اللون حيث يتم صباغتها عند الصباغين، أما النساء فكانوا يشترون قماش "الخاصة" ويصبغونه، و لم يكن ثمة في "المعرة" إلا خياطي ألبسة اثنين وهما "البدوي" و"العلواني" الذين أتوا من "حماة" وتخرج من أيديهم الكثير من خياطي العربي ومنهم أنا، وفي ذلك الوقت لم يكن أحد في "حلب" يَخيط العربي، فكان الحلبيون يُخَرجون ألبستهم في "المعرة" وأصبحت العلاقة مباشر مع "حلب" في تفصيل الألبسة العربية، وأنا أذكر أن امرأة في "المعرة" فقط كانت تجيد خياطة "الشروال"، لكن مع تقدم الزمن وحتى بداية السبعينيات أصبحت "حلب" أم الألبسة الشعبية لتأتي بعدها "المعرة" وصرت أستعين بالألبسة الحلبية وخاصة في تصميم الشروال الذي كانوا يخيطون سرجاً قصيراً له عكس الشروال الشامي "الدوماني" ذو السرج الطويل».

في منتصف القرن الماضي اندثرت أشكال الألبسة العربية، فبينما كان جميع الناس يلبسونه بصفة عادية، وتتم خياطته بشكل مستمر وعادي، بقي فترةً من الزمن غير متداول وبالتدريج أصبح للتزين والتعبيرعن الماضي، وفي مطلع السبعينات حين كان يحتفل الناس بالفترة الرئاسية الجديدة رغب المحتفلون بتشكيل فرق للرقص الشعبي، وقامت الدنيا ولم تقعد حين تقرر جمع الشباب المرتدي للزي الشعبي في معمل "آل قزيز" وإقامة خيمة كبيرة في ساحة الجامع الكبير للاحتفال، وتم جلب هذه الخيمة من عند "فواز الشايش" ووضع "منقل كبير" في وسط الساحة مقدم من "غياث الجندي" آنذاك، حيث زُينت الساحة بأبهى زينة، وظهر /15/ شاب من مرتدي اللباس العربي وطبعاً كنت من بينهم

وماذا عن قصة اللباس العربي في "المعرة"، ومن ذلك تتمة حديث "الشيخ جمعة" حيث قال: «في منتصف القرن الماضي اندثرت أشكال الألبسة العربية، فبينما كان جميع الناس يلبسونه بصفة عادية، وتتم خياطته بشكل مستمر وعادي، بقي فترةً من الزمن غير متداول وبالتدريج أصبح للتزين والتعبيرعن الماضي، وفي مطلع السبعينات حين كان يحتفل الناس بالفترة الرئاسية الجديدة رغب المحتفلون بتشكيل فرق للرقص الشعبي، وقامت الدنيا ولم تقعد حين تقرر جمع الشباب المرتدي للزي الشعبي في معمل "آل قزيز" وإقامة خيمة كبيرة في ساحة الجامع الكبير للاحتفال، وتم جلب هذه الخيمة من عند "فواز الشايش" ووضع "منقل كبير" في وسط الساحة مقدم من "غياث الجندي" آنذاك، حيث زُينت الساحة بأبهى زينة، وظهر /15/ شاب من مرتدي اللباس العربي وطبعاً كنت من بينهم».

صور للسيد ابراهيم ومن اليسار صورة لوالده

تابع "الشيخ جمعة" قائلاً: «هنا تكونت لدينا جميعاً فكرة تشكيل فرقة رقص باللباس العربي الأصيل، وتكون هذه الفرقة متدربة بشكل صحيح وتأخذ هذا الموضوع بشكل جدي وعلمي، فالأمر ليس سهلاً ويجب أن يكون عن دراية ودراسة عملية، وكان هناك رجل واحد مشهور بهذا الشيء وهو "لطفي العفيسي" وهو فنان مميز على العود والرقص التراثي العربي حيث سهر على تدريب الشباب على حركات الرقص الصحيحة على إيقاع طبل مميز لصاحبه وهو "أبو النور خشان"، وهنا أصبحنا عددنا /16/ شاب ولباس موحد مع تروس وسيوف، وشخصياً أعتبر أن اللبس العربي مرتبط بمصلحة الخياطة العربية، لذلك فإني أخيط الألبسة العربية لمعظم الشباب الهواة المحبين لهذا الزي التقليدي، وفي العصر الحاضر أصبح هذا الزي متنوعاً ومنتشراً بعد أن كانت بدايته كشكل من أشكال الزينة بداية السبعينات، ويستعمله الشباب في الأفراح وجميعهم متمرنون على رقصاته مثل رقصتي "الشيخاني" و "لعب الحكم"».

السيد "ابراهيم الشيخ جمعة" وهو "أبو محمد خير" يلبس الزي الشعبي الأصيل منذ الصغر، تبعاً لتميز والده بهذا النوع من اللباس، وهو يفتخر بأنه أشهر خياطي العربي في "المعرة"، فيرى أن هذا المهنة تزداد حجماً وتجد مكاناً لها تبعاً لازدياد هواتها من الشباب وأصحاب الفرق الشعبية، باعتبار أن هذا اللباس يُعبر عن الأصالة، وبهذا فإن "أبو محمد" متفائل بما يعمل وهو رغم تقدم السن في غاية الحيوية والإنطلاق ومعتنق حر لهذا الإبداع اليدوي الذي لا يفنى أبداً.

الدشداشة الشعبية مع الحزام الملون
السيد ابراهيم في أحد الأعراس