«أتمنى أن تصبح تجربتي مثال لكل فتاة فمن الضروري أن تسعى المرأة خلف التعليم، وإثبات الذات فهي المسؤولة عن تربية جيل كامل وبيت الشعر المعروف (الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق) لم يُحكى عن عبث».

والكلام للدكتورة "عدوية قيطاز" التي التقاها موقع eIdleb بتاريخ 27/1/2009. والدكتورة "قيطاز" شخصية متميزة في "معرة النعمان" فهي من بين ثلاثة نساء من "المعرة" حصلن على شهادة الدكتوراة، وقد نشر لها العديد من الأبحاث في مجلات أوربية وعربية وعن مسيرة نجاحها حدثتنا بالقول: «أنا من مواليد "معرة النعمان" /1970م/ كنت من المتفوقات في الثانوية العامة، وكان حلمي دراسة الطب لكنّ مجموع العلامات في الثانوية لم يتح لي ذلك، فدخلت كلية العلوم الطبيعية، ولأنني معتادة على التفوق نلت المركز الأول في كلية العلوم فعينت معيدة فيها، ولم يمنعني زواجي ووجود طفلة من إكمال مشوار التعلم، والفضل يعود لزوجي الذي كان متفهماً جداً، وقد وقف بجانبي فكان خير سند وخير معين، وله الفضل الأكبر في إكمال تعليمي.

لقد حاولت أن أعّلم بقية شقيقاتي، وكم أزعجني أن إحداهن تزوجت، وهي في الصف التاسع أثناء غيابي في دولة الكويت، ولو كنت هنا لما حصل ذلك قبل أن تكمل تعليمها

وأثناء إيفادي إلى مصر الذي استمر سبع سنوات قدّمت خلالها رسالتي الماجستير والدكتوراة، وكانت رسالة الدكتوراة بعنوان دراسة عقاقيرية وبيولوجية لنبات "البلامباجو أو ريكيولاتا" وبنتيجة البحث تبين أنّ هذا النبات وأنواعه مضادة "للبلهارسيا والالتهابات الكبدية"».

الدكتورة عدوية قيطاز

ولكن!! كيف تصف الدكتورة "عدوية" تجربتها وماذا قدّمت لها هذه التجربة عن ذلك تضيف: «للأسف ما زال البعض في" معرة النعمان" يفتقد الشجاعة والقوة لدفع بناته لإثبات ذواتهن وإكمال تعليمهن فبعض الفتيات ما زلن يعانين من واقع مرير حيث الزواج المبكر وعدم رغبة الأهل بإكمال تعليم بناتهم، وهذا للأسف موجود عند بعض الأسر على الرغم من تفوق بناتهم.

أما بالنسبة لي فإن التعليم والسفر الذي أطلعني على حياة أناس آخرين جعل شخصيتي أكثر نضجاً وأكثر عمقاً وهذا انعكس كثيراً عليها، فأنا أستطيع أن أواجه مشاكل الحياة بمفردي وخاصة أنني حصلت على شهادة الدكتوراة خلال فترة قصيرة /عامين فقط/ وهذا عزز ثقتي بنفسي ومدّني بقوة نفسية هائلة على مواجهة الحياة».

عملت الدكتور "عدوية قيطاز" على التدريس في كلية الصيدلة في جامعتي"حلب وإيبلا" عن هذه المرحلة تقول: «هي تجربة ممتعة جداً خاصة التعامل مع طلاب مرحلة متقدمة تعليميا،ً ولقد تبين لي من خلال التجربة أنّ البنات هم أكثر تفوقاً من الذكور، فرغبتهن أكبر ومحصورة في التفوق خلافاً للشباب، وما أسعدني في كلية الصيدلة أنّ الخمسة الأوائل في الكلية هنّ من بنات "معرة النعمان"».

التوفيق بين المنزل والأسرة والعمل أمور قد لا تقدر عليها إلا صاحبات الهمم العالية. فقد استطاعت "عدوية" من خلال تنظيم الوقت الذي اعتادت عليه تدبر أمورها والأهم من ذلك كله هو التفاهم مع زوجها الذي لم يتوانى يوماً عن تقديم كل أشكال الدعم المعنوي. وتشير أيضاً إلى فضل أخيها الحاج "عدنان قيطاز" الذي كان له دور الوالد بعد وفاة والدها.

ولأن الحاج "عدنان" كان يصغي لحديث شقيقته بفخر فقد قدّم مداخلة بقوله: «أحسّ بالفخر والاعتزاز بشقيقتي وأتمنى أن تنال أعلى المناصب فهي مكافحة ومثابرة ومثلها يستحق كلّ التقدير ولا زلت أذكر كيف أن المحيطين بي حين دخلت شقيقتي الجامعة علّقوا بسخرية فهم كانوا يعتقدون أنّ المرأة خلقت فقط للزواج وتربية الأولاد، وحين حصلت شقيقتي على الدكتوراة أدركوا أهمية تعليم البنت، وراحوا يتسابقون لذلك، وهم يحلمون أن تكون بناتهم متفوقات».

ويتابع الحاج" عدنان": «لقد حاولت أن أعّلم بقية شقيقاتي، وكم أزعجني أن إحداهن تزوجت، وهي في الصف التاسع أثناء غيابي في دولة الكويت، ولو كنت هنا لما حصل ذلك قبل أن تكمل تعليمها».

وفي النهاية تختم الدكتور "عدوية قيطاز" حديثها معنا بالقول: «على كلّ فتاة أن ترسم لنفسها هدفاً وأن تسعى لتحقيقه، فكما يقال المئة ميل تبدأ بخطوة، والصعود إلى ذروة الجبل يحتاج إلى البدء، فالمرأة قادرة على أن تصل إلى أي مستوى تعليمي، أو اجتماعي، وهذا سيعزز من مكانتها وموقعها فهي جديرة بأن تنال احترام المجتمع وتقديره، لا أن تكون محطّ نظرات الشفقة فمسكينة هي التي لم توفق بإكمال تعليمها وإثبات ذاتها».