ثمانية عشر عاماً قضاها مغترباً في دولة الإمارات العربية المتحدة، لم تزعزع تعلقه بوطنه قيد أنملة، وكلّ مفاتن إمارة "دبي" لم تنسه لحظة هواء مدينته "إدلب"، فعاد إلى الوطن ملبياً نداء الشوق، ومخلّفاً وراءه كلّ مغريات البقاء، الدكتور "هاشم دويدري" وعبر منبر موقع eIdleb تحدّث عن تجربته في المغترب في هذا الحوار:

  • كيف نعرف القارئ بالدكتور "هاشم دويدري"؟
  • ** ولدت في مدينة "إدلب" عام 1946، ودرست في مدارسها، ثم التحقت بجامعة "دمشق" عام 1965 لدراسة الأدب العربي، وسجّلت في العام نفسه في كلية الحقوق في جامعة "حلب"، حيث درست سنة واحدة فقط تركت بعدها الحقوق، وسجّلت تربية وعلم نفس في الجامعة اللبنانية، أيضا تركتها بعد دراسة عامين، وتفرغت لدراسة الأدب العربي، وبعد تخرّجي في جامعة "دمشق" عام 1969 حصلت على دبلوم التربية عام 1970، ثمّ سجلت في جامعة القديس "يوسف اليسوعية" في "لبنان"، وحصلت على درجة الماجستير عام 1972، عينت بعدها مدرساً في مدينة "إدلب" لمدة عامين، ثمّ التحقت بخدمة العلم، وكان لي شرف المشاركة في حرب تشرين التحريرية، عدت بعدها للتدريس في معاهد اعداد المدرسين، وفي عام 1979 حصلت على درجة الدكتوراه في جامعة "باكو" في "أذربيجان"، وكان موضوع الرسالة هو شعراء الفتوحات الإسلامية في القرن الأول الهجري، وفي عام 1985 انتقلت للتوجيه حيث عينت موجهاً اختصاصيا للغة العربية في محافظة "إدلب"، وفي عام 1991 تعاقدت للعمل في "الإمارات العربية المتحدة"، وبقيت هناك حتى عام 2008 حيث عدت للوطن بعد رحلة اغتراب دامت ثمانية عشر عاماً.

    يعمل في مكتبه

    * وكيف كانت بلاد الغربة؟

    من مشاريع الدكتور هاشم دويدري العقارية

    ** دبي مدينة متميزة بكلّ شيء، في تمدّنها، وفي تعامل أهلها مع الغرباء، وهي بلد يأخذ بمفاهيم المنطقية، والكياسة في التصرف، والسرعة في الانجاز، وقد قطعوا أشواطاً كبيرة في حكاية التمدن، فأنت ترى النظافة في كلّ مكان، فالتمدن هناك حقيقي، حيث وظفوا مفاهيمه أحسن توظيف، فانعكس ذلك على كياستهم وحسن تعاملهم مع الآخرين، ففي "دبي" ما كنت أشعر أبداً أني في بلاد غربة، تتلمس حسن التصرف من قبل كلّ الأشخاص، وترى الإنسان هناك محترماً لدرجة كبيرة جداً، يحبون من يخلص في عمله، وبكل صدق أقول بأنّ السنوات التي قضيتها في "دبي"، كانت من أسعد أيام حياتي.

  • هل فكّرت يوماً بالاستقرار في "دبي"؟
  • ** لم أخطط أبداً للاستقرار الدائم في "دبي"، ولم يغب الوطن عن ذاكرتي على الإطلاق، وهنا أذكر ملحوظة هامة، أنني اغتربت في سن السادسة والأربعين، وفي هذه السن تتجذّر في الإنسان محبة الوطن، وتلتهب في داخله المشاعر والأحاسيس نحو البلد، وكما يقولون حب الوطن قتّال، والتعلق بالأرض لا يساويه أي تعلق آخر، ولا أفتخر بالقول بأني من الأشخاص الذين لا يغيرهم المال، ولا يغريهم التطاول في العمران، ولا التقدم في التمدن، وكل ذلك لا يساوي شيئاً أمام الأحاسيس والمشاعر التي تعلقني بسورية و"إدلب"، وأحب وطني بعجره وبجره، بكل ما فيه بسلبياته وايجابياته، وكل المفاتن التي رأيتها في "دبي"، وكل مباهج الحياة التي كانت تحيط بي، لم تكن تعني شيئا أمام وطني وبلدي، وعندما شارفت على سن الستين، أول شيء فكرت بفعله هو العودة إلى سورية، على الرغم من أنه توافرت لي فرص كثيرة للاستثمار والبقاء في "دبي".

  • وماذا عما يمكن تسميتها بمرحلة التقاعد؟
  • ** بعض الناس يفسّرون كلمة متقاعد على أنها "مت قاعداً"، والله سبحانه وتعالى منحنا ملكات وقدرات، تجعل الإنسان قادراً على العطاء في كل مراحل حياته، وطالما أنت قادر على العمل، فمن واجبك أمام نفسك أولاً، وأمام مجتمعك ووطنك ثانياً، أن يعمل وألا يقعد أو يتقاعس، وحالياً أعمل على مشروعين: الأول هو الكتابة، حيث أقوم بتنقيح وتوثيق رسالة الدكتوراه، بغية نشرها في كتاب، كما أفكر بإعداد كتاب عن رجالات مدينة "إدلب"، أما المشروع الثاني فهو العمل في مجال العقارات، فأنا من الأشخاص الذين يحبون هذا المجال كثيراً، وحالياً بدأت خطواتي الأولى في هذا الميدان، حيث قمت بانجاز أول بناية سكنية.