مسيرة حافلة من العمل والعطاء امتدت لنحو نصف قرن وفي أكثر من مجال جعلت من الأستاذة القاضية "صبيحة جلب" اسماً لا يمكن نسيانه بين شخصيات محافظة "إدلب" وحتى في سورية باعتبارها أول قاضية في "إدلب" والثانية في سورية.

فمن عملها بالتعليم ومساهمتها في تأسيس الحركة النسائية بالتعاون مع مجموعة من العناصر النسائية، وإلى عملها بالمحاماة والعمل القضائي حيث أصبحت رئيسة لمحكمة الاستئناف المدني في "إدلب" وعضواً في محكمة النقض في "دمشق"، كما كان للنشاط الاجتماعي والإنساني حيزاً كبيراً في حياتها من خلال مساهمتها بتأسيس عدد من الجمعيات ذات الأبعاد الإنسانية والمجتمعية جمعية "تنظيم الأسرة" وجمعية "الأطفال المصابين بالشلل الدماغي" و"الجمعية الجغرافية"، ومشاركتها في الكثير من نشاطات تلك الجمعيات وغيرها حيث كانت خير ممثلة للمرأة ومنبراً للدفاع عنها وعن حقوقها، ورغم أنها لم تكن متحيزة للمرأة إلا أنها كانت تسعى لأن تأخذ المرأة حقوقها، وتقوم بدورها في الحياة فحملت همومها وساندت قضاياها الاجتماعية.

بعد حصولي على أهلية التعليم عملت في مجال التربية والتعليم في عدد من مدارس المحافظة وشاركت في تأسيس الاتحاد النسائي عام 1968 وتابعت مشواري التربوي بعد حصولي على إجازة في الجغرافيا حيث قمت بالتعليم في ثانوية البنات في "إدلب" لنحو أربع سنوات تقريباً، وخلال ذلك كنت نائباً لرئيسة فرع الاتحاد النسائي بالمحافظة، ثم تم تعييني رئيسة للفرع عام 1974

مسيرة طويلة وتجربة غنية توقف عندها موقع eIdleb بلقائه القاضية "صبيحة جلب" التي بدأت حديثها بالتعريف عن نفسها: «أنا من مواليد مدينة "إدلب" عام 1941 درست في مدرسة "الفاروق" الإعدادية ثم تابعت الدراسة في دار المعلمات في "حلب" وحصلت على أهلية التعليم عام 1961 حيث عملت في مجال التربية إلا أن طموحي كان أبعد من ذلك بكثير وهو دخول عالم المحاماة والقضاء، ولتحقيق ذلك درست الحقوق وحصلت على إجازة في الحقوق من جامعة "حلب" عام 1967 ومن ثم على إجازة في الجغرافيا من جامعة "دمشق" عام 1971».

القاضية صبيحة جلب صداقة دائمة مع القراءة

رحلة طويلة خاضتها "جلب" تتحدث عن بداياتها والتي تركزت في العمل التربوي، تقول: «بعد حصولي على أهلية التعليم عملت في مجال التربية والتعليم في عدد من مدارس المحافظة وشاركت في تأسيس الاتحاد النسائي عام 1968 وتابعت مشواري التربوي بعد حصولي على إجازة في الجغرافيا حيث قمت بالتعليم في ثانوية البنات في "إدلب" لنحو أربع سنوات تقريباً، وخلال ذلك كنت نائباً لرئيسة فرع الاتحاد النسائي بالمحافظة، ثم تم تعييني رئيسة للفرع عام 1974».

أما عن قصتها مع القضاء فقد تحدثت عنه بشيء من التفصيل ومن البداية فقالت: «إن العمل في القضاء كان حلماً راودني منذ الصغر إلا أن تحقيقه لم يكن سهلاً وخاصة في ظل نظرة المجتمع خلال تلك الفترة لعمل المرأة ودخولها في مجالات لم يعتد الناس على رؤيتها فيها، حيث كان أول جدار اصطدمت به هو رفض والدي ممارستي لمهنة المحاماة، وعدم تقبله لهذا الموضوع وتفضيله أن أبقى في مجال التعليم لكونه الأنسب لي كامرأة، وذلك نتيجة عدم تقبل الوسط المحيط بنا لفكرة عمل المرأة في المحاماة، ثم جاء الحاجز الثاني في طريق تحقيق حلمي ولذات السبب كان رفض نقابة المحامين في "إدلب" آنذاك لطلب انتسابي للنقابة، ولكن هذا الواقع بدأ يتغير شيئاً فشيئاً منذ العام 1970 وخاصة بعد تسمية المحامية "غادة مراد" كأول قاضية في سورية عام 1975 ثم تسمية الدكتورة "نجاح العطار" كأول وزيرة في سورية».

حديث عن الماضي

وتابعت القاضية "جلب" تقول: «إن هذا الأمر دفعني للتقدم لمسابقة في القضاء عام 1977 وكنت واحدة من بين 750 متقدماً لهذه المسابقة حيث كنت من بين ثماني متقدمات نجحن إلى جانب 142 متقدماً اجتازوا المسابقة، حيث بدأت عملي في القضاء عام 1978، وخلال ذلك واجهت رفض الزملاء التام لفكرة وجود المرأة إلى جانبهم في القضاء، حيث تفرغت بشكل كامل للعمل لإثبات مقدرتي وإثبات أهلية المرأة للعمل في هذا المجال، وأنه بفضل ذلك وبمشاركة المثقفات والمتعلمات في المحافظة تم فتح المجال أمام المرأة لممارسة مهنة المحاماة، وكذلك دخول القضاء فوصل عددهن في المحافظة حالياً إلى ست قاضيات».

وفي حديثها عن الأعمال التي شغلتها في القضاء قالت: «مسيرة عملي بالقضاء بدأت من النيابة العامة ثم عينت رئيسة لمحكمة الأحداث الجنائية المتفرغة ثم رئيسة لمحكمة البداية المدنية بعدها عينت رئيسة لمحكمة استئناف الجزاء وعضو محكمة النقض ثم رئيسة لمحكمة الاستئناف المدني، أسهمت بكشف خيوط الكثير من الجرائم المركبة والجرائم المشهودة، كما أسهمت بتطوير القانون المتعلق بقضايا الحدود واجتهادها في موضوع الترخيص الإداري وقبول قرار نقل الملكية الصادر دون ترخيص حدودي، لأن الترخيص الحدودي هو إجراء روتيني قد يتأخر لسنوات وقد يضيع حق المشتري بوفاة البائع».

وختمت القاضية "صبيحة جلب" بالحديث عن نشاطاتها الاجتماعية حيث قالت: «انطلاقاً من قناعتي بأن المرأة عنصر هام في المجتمع ولها دورها في كافة النشاطات فقد عملت على المساهمة في تأسيس جمعيتي "تنظيم الأسرة" و"رعاية الأطفال المصابين بالشلل الدماغي" وشاركت في نشاطاتها وفي الحوار مع النساء وتوعيتهن وكذلك شاركت في عدة مؤتمرات عن المرأة في لبنان ومصر والأردن وقدمت محاضرات حول العنف ضد المرأة وعن المرأة في القضاء السوري».

وتقول "ناهد معلم" رئيسة جمعية رعاية المساجين في "إدلب": «إن "القاضية صبيحة جلب" كانت دائماً وما زالت مثالاً للمرأة المثقفة المتعلمة والمكافحة، كما أنها عرفت بحرصها على إثبات أن المرأة قادرة على العطاء والعمل والنجاح في كل القطاعات وكانت مثالاً للقاضية النزيهة التي تحرص على إعطاء كل شخص حقه وإنصاف المظلوم، وكذلك دون أن ننسى ما تقوم به من نشاطات اجتماعية مؤثرة في العديد من الجمعيات والأنشطة الاجتماعية الإنسانية».