تربى في أسرة علم، وأدب والده كان خطيب "الجامع العمري" في "إدلب" كل إخوته درسوا دراسات عليا، حيث حصل الدكتور "محمد عطا بطل" وأخوه "مجاهد" على شهادة الدكتوراه، وهي حالة نادرة أن تجد اثنين من أسرة واحدة يحصلان على شهادة الدكتوراه في ذلك الوقت أوائل الثمانينيات.

من أساتذته الذين أثروا في شخصيته الأستاذ "نهاد معلم" و"بديع معلم" الشاعر المعروف، والأستاذ "نهاد مشنطط"، والأستاذ "مصطفى قطيع" و"أحمد قطيع"، فتركوا أثراً بالغاً في نفسه.

موقع eIdleb التقى الدكتور "محمد عطا بطل" في الحوار التالي:

الدكتور "محمد عطا بطل"

  • حدثنا عن حياتك أثناء الدراسة في سورية والاتحاد السوفييتي السابق؟
  • ** درست الهندسة الميكانيكية في جامعة "حلب".. بدأت دراسة الدكتوراه في العام 1981 حتى 1987 وحصلت عليها في العام 1987 من معهد الطاقة في موسكو وهو عبارة عن جامعة متخصصة في مجال الطاقة، وكانت لي نشاطات اجتماعية وفنية في موسكو حتى إنني قمت بتأليف زجل باللغة الروسية لكن باللحن العربي وقد لاقى استحساناً كبيراً لدى الروس، وخلال دراستي قمت بزيارة العديد من الجمهوريات السوفييتية، فزرت بخارى وطشقند وسمرقند والكثير من المدن الأخرى.

    مع مراسل الموقع

    ومن الملاحظ أن كل شيء في المدن الإسلامية السوفييتية ينطق بالنفحة الشرقية، حتى المنشآت الحديثة فمحطات المترو في طشقند مزينة بالفسيفساء الشرقية، والزينة والخطوط العربية، حتى لتشعر أنك في "دمشق"، وخلال دراستي في روسية وقبلها قمت بعدة زيارات إلى أوروبا وتركز اهتمامي على تاريخ الحرب العالمية الثانية لأنني قرأت الكثير عن أضرار الحرب، ومما لفت نظري في برلين وجود متحف مصري ووجود متحف آخر للشرقيات "للشرق العربي" حيث شاهدت غرفة اشترتها إحدى الأميرات من حلب عام 1650 وبوابة عشتار من مدينة بابل ونسخة للإله السوري حدد جُلبت من تركيا وخريطة للعالم وضعها العالم العربي "الإدريسي".

  • من الواضح أنك تحب السفر كثيراً، ترى ماذا قدم لك؟ وكيف أثر في شخصيتك؟
  • غلاف الرواية التي ترجمها الدكتور "بطل"

    ** في كل مدينة أوروبية قمت بزيارتها كانت تستهويني المتاحف والمعالم الأثرية، ومن المدن التي تركت أثراً في نفسي مدينة "بودابست" التي تحتوي على أضخم برلمان في العالم من حيث البناء والجمالية والفنية فهو مبني بطريقة فنية بديعة، كذلك مدينة "فيينا" المشهورة بقصورها وكنائسها. فالسفر منحني معرفة عميقة بالتاريخ، وساهم في إغناء ثقافتي في كافة المجالات الفكرية، والاجتماعية، والمهنية. فقد قرأت التاريخ الإسلامي بتفصيل واسع وتاريخ المسيحية وقرأت التوراة والإنجيل وكثيراً عن الديانات الأخرى. وقرأت الاقتصاد، والفنون، وكتاب الأغاني، وغيرها كثير مما لا أجد مجالاً لذكره. ولا أستطيع أن أدعي أنني مبدع أو متميز في أي اختصاص سوى اختصاصي في الهندسة، إذ إن الميول العلمية تأخذ قسطاً كبيراً من مجهودي.

    *حدثنا عن مجال تخصصك العلمي في الدراسة والتأليف؟

    ** قمت خلال عملي في جامعة "حلب" بتأليف خمسة كتب ضخمة في العنفات البخارية، والعنفات الغازية، والمحطات النفاثة، والهيدروليك. وقمت بالعديد من الأبحاث العلمية في مجال الطاقة وكتبت العديد من المقالات العلمية. وتوجت أعمالي العلمية ببحث قمت به في مركز أبحاث الطاقة في ولاية بنسلفانيا الأمريكية وعنوانه كان "تطوير عمل الدارات المركبة في المحطات الحرارية". وهو نفس التصميم المعتمد في محطة "زيزون" في محافظة "إدلب".

    وحالياً أشرف على شهادة الدكتوراه ضمن هذا المجال لأن التصميم المقترح لا يوجد له شبيه في العالم إلا في اليابان وبصورة مغايرة، واقتراحي في هذا المجال كان: الاستفادة من طاقة الوقود الغازي السائل في تبريد عدد من الأماكن في المحطة التي تحتاج إلى تبريد، وهذا يتطلب إضافة واردات أخرى إلى الدارة التقليدية مما يرفع مردودها من 48% إلى 62% وهي قفزة هائلة في عالم الطاقة في حال تنفيذها. فمن المعروف أن الفكرة النظرية تحتاج إلى عشرات السنين حتى تدخل في التطبيق العملي. ومن الممتع القول: أن من يزور أمريكا تبهره الحضارة والنظام إلا أن بلادنا سورية تبقى أجمل بكثير من أي بلد آخر فقد رفضت كافة المغريات التي قدمت لي من قبل الجالية السورية للبقاء في أمريكا.

    على صعيد الفن التشكيلي قمت بتصميم العديد من النماذج، ووضعتها في خدمة بلدية "إدلب". منها ما يزين الساحات، ومنها ما هو ألعاب للأطفال، وقمت بتنفيذ مجسم تشكيلي لفيل في حديقة الباسل عام 1997 وهو مازال صامداً أمام الرياح، وعبث الأطفال. تمثل وضعية المجسم حيوان الفيل عندما يقترب من البحيرة ليشرب فيفاجئه التمساح ويلتقطه من خرطومه فيثبت الفيل قائمتيه الأماميتين محاولاً تخليص نفسه وبذلك يتكور جسده، ويمط خرطومه مما يصبح شكلاً مناسباً لصعود الأطفال على ظهره، والتزحلق على خرطومه.

    كما قدمت مجسماً تشكيلياً باسم صندوق "آل البطل" الخيري لتزيين أحد دوارات المدينة الذي يحمل اسم "دوار البطل" وهو عبارة عن ثلاث شمعات ضخمة تمثل المحبة والسلام. وقد قدمنا هذا المجسم باسم العائلة حرصاً منا أن تحذو العائلات الأخرى حذونا في تجميل ساحات المدينة، ومن بين التصاميم التي قدمتها نموذج لساعة مائية عربية لكنها تحتاج إلى جهة رسمية لتتبنى تنفيذها. ومن منطق الارتباط بمدينتي ومحافظتي انتسبت إلى "جمعية العاديات" وقدمت لهم عدة محاضرات منها محاضرة عن الساعات المائية عند العرب. وأنا أشعر أن من واجبي الإسهام في تقديم ثقافة "إدلب" للعالم الخارجي بأجمل صورة. فمثلاً: أستغرب أن محافظة "إدلب" مشهورة بالزيتون ولا تجد أغنية عن الزيتون وقطافه، لذلك بادرت وقمت بتأليف أغنية توضح طقوس قطاف الزيتون فيها، وسيقوم بغنائها المطرب "باسل نجار" وهي من ألحان الموسيقار "زياد عجان".

  • مؤخراً صدرت لك رواية قمت بترجمتها عن اللغة الروسية. حدثنا عن هذه التجربة؟
  • ** قرأت ملحمة "جلجامش" وحضارات الشرق القديم ولفت نظري رواية لكاتبة روسية تتحدث عن "جلجامش" والحضارة السومرية والبابلية ومما استدعى انتباهي أن هذه الرواية قد طبعت في موسكو عام 1986 بمقدار 100000 نسخة حدثتني نفسي أيقرأ الروس تاريخنا من خلال رواية؟، ونحن لا نعرف إلا اليسير عنه!؟، فشدني الحماس إلى ترجمة هذه الرواية، ولدى طباعتها نصحني أحد الأصدقاء بأنها تصلح لأن تكون مسلسلاً تلفزيونياً، مما جعلني أتأخر في إصدارها، وقمت بتأليف مسلسل بعنوان "حمورابي" كتبت منه خمس حلقات، وبانتظار شركة تلفزيونية لتتبنى إنتاج هذا العمل لكن ضخامة الديكورات المطلوبة في المسلسل جعل معظم شركات الإنتاج تحجم عن إنتاج هذا المسلسل، لذلك توقفت مؤقتاً، وقمت بإصدار الرواية بمقدار 1000 نسخة فقط آملاً أن أجد يقرأها في عالم الإنترنت والفضائيات، وهذه الرواية هي أول منشوراتي الأدبية. وقمت بتأليف كتاب في "التاريخ الهندسي" جاهز للنشر، وكتاب آخر انتهيت من معظمه أيضاً في التاريخ الهندسي، وهناك كتاب آخر ألخص فيه ما شاهدت من طرائف وغرائب في مدن العالم التي زرتها وأتمنى أن أجد الوقت المناسب لإتمامه وزيارة بلدان جديدة ولاسيما أنني أجيد اللغة الروسية والإنكليزية بطلاقة وخضعت لعدة دورات لتعلم اللغتين الفرنسية والألمانية.

    ومن الجدير بالذكر أن د. "محمد عطا بطل" مواليد "إدلب" 1953 وهو أب لثلاثة أبناء، أكبرهم يدرس في كلية طب الأسنان وابنتان في المرحلة الثانوية والابتدائية. وزوجته مهندسة تعمل في الجامعة.

    درّس في جامعات "حلب ودمشق واللاذقية" وأكاديمية "الأسد للعلوم العسكرية" وتفرغ للتدريس في جامعة "تشرين" فقط.