«هو أول من ألقى قنبلة في البرلمان السوري مصوتاً بورقة كتب فيها، فليسقط الاحتلال، وعاشت سورية»، هذا ما ذكرته الصحف الصادرة في أربعينيات القرن الماضي عن الأمير "شايش عبد الكريم"، والكلام لحفيده الأمير "طلال الشايش" الذي أضاف بقوله: «في يوم المطالبة باستقلال سورية، جاءت برقية لجدي تطالبه بالحضور إلى البرلمان، فركب سيارته متوجهاً إلى "دمشق"، وفي منتصف الطريق التقى بجنرال فرنسي قال له: «يا أمير إن صوّت ضد فرنسا سندمّر "قطرة" فوق رؤوس قبيلتك، فلم يأبه لهذا التهديد».

والأمير "شايش عبد الكريم" العباسي الهاشمي أمير قبيلة الموالي في سورية، والوطن العربي ولد عام /1900م/ في قرية "قطرة" الواقعة شرقي "معرة النعمان" بـ/عشرين كم/، هذه القرية التي توصف بعاصمة الموالي، وهذه القبيلة هي من أكبر القبائل المتواجدة في سورية، وموزّعة بين "حمص" و"حماة" و"إدلب" و"حلب"، والقيادة العليا لها بدأت منذ عام /1566م/ على يد الأمير "عيسى بن مهنا" حتى وصلت إلى الحفيد الأمير "شايش" الذي تقلّد الرئاسة عام /1920م/ وفي عام /1921م/ ثار على الإحتلال الفرنسي، وانتخب نائباً عن بادية حلب في المجلس النيابي السوري /1932م/ وتجدد انتخابه /1936م/و /1943م/، وفي دورة/1947م/انتسب إلى الكتلة الوطنية، وأصبح عضواً في الحزب الوطني.

أمضى الأمير "شايش عبد الكريم" حياته مدافعاً عن حرية الوطن، ورفع رايته

«أمضى الأمير "شايش عبد الكريم" حياته مدافعاً عن حرية الوطن، ورفع رايته»، قالها حفيده الأمير "طلال"، وأضاف: «حين دخلت قوات الثورة العربية الكبرى بقيادة الشريف "حسين" قاد جدي قبيلة الموالي، والقبائل الموجودة حول مدينة "حلب" كقبيلة "الحويرات" بقيادة الشيخ "جميل العيسى"، وقبيلة "البوشعبان"، وقبيلة "البورمضان" ضد الاحتلال العثماني، لذلك هاجمت الجيوش العثمانية قرية "قطرة"، فتصدّت القبيلة لهذه الحملة، وكبّدتها خسائر فادحة، واستشهد في هذه المعركة الأمير "أحمد الكنج" الملقب بـ"أبو التوم"، إضافة لعدد كبير من أبناء القبيلة وعندما علمت إحدى سرايا الجيش العثماني، وكان أغلب عناصرها من المغرب العربي بأن أمراء القبيلة من العباسيين انسحبوا من ساحة المعركة فرجحت الكفّة لصالح القبيلة، التي طاردت الحملة حتى أدخلوها أسوار "معرة النعمان" ثمّ هاجمت مدينة "حلب".

صورة تجمع أبناء من آل الشايش

وفتح الأمير "شايش عبد الكريم" باب سجن القلعة، وأخرج السجناء، وتم بعد ذلك طرد قوات الاحتلال العثماني من "حلب" و"المعرة"، وحين دخلت القوات الفرنسية محتلة اجتمع الأمير "شايش" مع "ابراهيم هنانو" آواخر عام /1921م/، وتم الاتفاق على الثورة، فثارت قبيلة الموالي بقيادة الأمير "شايش" والأمير" عبد الرزاق" والشيخ "فارس العطّور" وهاجموا الفرنسيين وقطعوا الخط الحديدي، وأحرقوا المحطات، واشتبكوا مع الفرنسيين في أنحاء "الخوين الكبير"، و"تل الغبار" و"أم جلال" و"التمانعة"، وكانت المعركة الحاسمة في قرية "قطرة"، حيث قتل قائد الحملة الفرنسية على يد الأمير "عبد الرزاق" ابن عم الأمير "الشايش"، وفي عام /1925م/ حين اشتعلت الثورة في المحافظات السورية هاجم الأمير الشايش مقر القوات الفرنسية في "معرة النعمان"، وفي محطة "أبو ضهور" فضربت هذه القوات القبيلة بالطائرات، وبعد معارك عدّة خاضها الأمير "شايش" تم إلقاء القبض عليه مع الشيخ "فارس العطور"، وأودع في سجن القلعة في "حلب"، وتم فيما بعد دفع ديّة لإخراجه من السجن مع الشيخ "العطّور".

أخيراً الأمير "شايش عبد الكريم" الذي فجّر أول قنبلة في البرلمان السوري ظلّ مدافعاً عن كرامته، وكرامة بلده حتى وافته المنية عام /1966م/».