الإنشاد الديني من العادات الاجتماعية والثقافية الصلبة التي تشتهر بها محافظة "إدلب"، وهو لون من ألوان الفنون الذي يختص بمدح الرسول والصحابة وآل البيت، والمتعارف عليه بشكل عام أن الإنشاد هو الغناء المهذب الذي ارتقى فتحول إلى أداة تربية وتهذيب للوجدان.

يقول السيد "محمد الحلبي" من سكان "معرة النعمان": «لابد من الإشارة في البداية إلى أن الإنشاد الديني علامة من علامات الفرح والاحتفال في معظم المناسبات الدينية وبعض المناسبات الاجتماعية التي تقام في مدينة إدلب ومدنها كمدينة "المعرة" على سبيل المثال، فهو لا يعتبر كنوع من أنواع الفنون فقط، بل هو أيضاً أداة للتذكير بالله وتربية النفس، فتجد فرق الإنشاد الديني في كل مناسبة اجتماعية سعيدة كالأعراس أو أثناء الاحتفال بالذكرى المولد وغيرها من المناسبات الاجتماعية والدينية».

عندما ينشد المرء يشعر بأنه يحلق في السماء وقدميه على الأرض، وهذا هو السر الذي يجعل المنشد أكثر تعلقاً في الغناء الديني، ولابد له من اللجوء إلى كتب التثقيف والتوجيه والإرشاد، وأن يستوعب كل الكلمات التي قيلت في المجالس ولا سيما تلك التي فاضت بها قلوب العلماء والصالحين للاستفادة منها والأخذ بها، والغاية هي تعليم الناس وتوجيههم إلى محبة أواصر الدين ودعوتهم للتعلق بها كما يجب، والاعتدال هو سمة هذا الواجب

معظم منشدي العهد السابق في "المعرة" وافتهم المنية ولم يتبق لها سوى الحاج "تركي العفيسي" ويٌلقب بشيخ المنشدين، "eSyria" التقى المنشد "تركي" بتاريخ "20/5/2012" في محله في سوق الفرواتية ليحدثنا عن الإنشاد وأهله قائلاً: «الغناء الديني هو غناء مؤثر ناجح يستمد قوته من الصوت الجميل الخالي من النشاز ومن الخبرة الفنية بالأنغام والمقامات، بحيث يمتلك المنشد التصرف بها على النحو الذي يبعث الشجو والطرب لدى المستمعين، بالإضافة إلى ضرورة تمكنه من اللغة العربية وقواعدها بحيث يتمتع إلى جانب الخبرة بذوق عربي سليم يحجزه عن اللحن ويسمو به عن الكلام الركيك والتراكيب المعقدة أو الممجوجة في الأذن، وما أجدر أن يكون المنشد من ذوي القلوب الملأى بمحبة الخالق والفياضة بمهابته وتعظيمه، وبهذا يكون الإنشاد كما السهم ينفذ إلى قلوب السامعين.

الحاج تركي العفيسي

ولهذا اللون من الغناء أعلام في مدينة "معرة النعمان" كان لهم الفضل سابقاً بوضع القواعد الأساسية له معتمدين في ذلك على اقتباس بعض الألحان من لون القدود والموشح الحلبي بحكم القرب من مدينة "حلب" والاتصال ثقافياً وحضارياً وفنياً، ومن أهم هؤلاء الأعلام السيد "محمد سعدو الداي" والحاج "صبحي العفيسي" وكل من "وجيه" و"وحيد عبد الجواد" والحاج "محمود الميزر" وجميع المذكورون بإضافة لي شكلوا فرقة أسموها "أبا الزهراء" تحت قيادة "محمد سعدو الداي" الذي تتلمذ مع الملحن "عبد القادر حجار" على يد الشيخ "عمر البطش" الذي كان يُرافقهم في إحياء الموالد والحفلات أينما حلت.

المنشد "عماد الدين مليشو" وهو من منشدي العهد الحديث يقول: «تتلمذنا على أيدي أساتذة كبار واستخلصنا منهم التجارب والعبر بعد الجلوس أمامهم أثناء الإنشاد لنخرج اليوم ونقدمه إلى الناس بطريقتنا، فالموضوع ليس حرفة معينة حتى نمتهنها بل طريق تعويد الروح على الذكر، والإنشاد هو فن وإبداع لا ابتداع كما يصفه البعض، ويكفي أنه يُقدم في الأعراس والمناسبات كبديل من الغناء الشعبي الهابط، وبذلك يُمكِن من حضور رجال الدين، وبما يشابه حضرات الذكر والإنشاد في الغرف والزوايا الدينية، يُنشد أيضاًَ في صالات الأفراح وتُقسم الحفلة إلى فقرتي إنشاد وإرشاد يكون الإنشاد أكثر طولاً».

فرقة إنشاد

المنشد "زياد الميزر" يتحدث قائلاً: «عندما ينشد المرء يشعر بأنه يحلق في السماء وقدميه على الأرض، وهذا هو السر الذي يجعل المنشد أكثر تعلقاً في الغناء الديني، ولابد له من اللجوء إلى كتب التثقيف والتوجيه والإرشاد، وأن يستوعب كل الكلمات التي قيلت في المجالس ولا سيما تلك التي فاضت بها قلوب العلماء والصالحين للاستفادة منها والأخذ بها، والغاية هي تعليم الناس وتوجيههم إلى محبة أواصر الدين ودعوتهم للتعلق بها كما يجب، والاعتدال هو سمة هذا الواجب».

المنشد زياد الميزر