"الأيقونات" هي لوحات فنية تحوي مواضيع دينية مسيحية بحتة، وتعتبر جزءاً هاماً من التراث الفني العربي، فهذا التصوير والرسم المقدس لدى المسيحيين يرقى بروح الإنسان وحياته إلى عوالم روحانية جميلة، فتكون بمثابة نافذة نرى من خلالها ما لا يرى بالعين المجردة واقعياً.

يقول الباحث الدكتور "محمد جمال طحّان" لموقع eIdleb: «"الأيقونة" كلمة يونانية تعني باللغة العربية الصورة أو الشبه، وصورة الشيء ليست هي الشيء نفسه هذا ما أكده كل الآباء المدافعين عن الأيقونة ضد مضطهديها، فالأيقونة ليست وثناً نعبده بل هي وسيلة صلاتية تذكّرنا بمن نكرمهم، كأن نقتني مثلا صورة من نحب لنراها كل يوم، تذكرنا بهم ونحضنها ونقبلها كأنها هم، وتعتبر "الأيقونة" لدى اللاهوتيين والمصلين نافذة نتطلع بها إلى السماء وليست هي صنعة خيال بشري لذلك وجب صنعها من مواد طبيعية حية مستخرجة من التراب والبيض والصمغ والخشب وليس من مواد صناعية، و"الأيقونة" لدى اللاهوتيين هي فقط أيقونة الأقنوم لأن أيقونة الطبيعة هي أمر غير مفهوم فأيقونة المسيح ليست يسوع الإنسان إنما هي أيقونة الكلمة المتجسدة، وهكذا الأيقونة مفتاح حقيقي لفهم العقيدة المسيحية، من هنا فالأيقونة ترتبط ارتباطا باللاهوت المسيحي فهي وجهه الآخر ولغته التي تتألف حروفها من اللون والخط، ولم يعتمد فنها في نموه عبر التاريخ على خيال الفرد ومخيلة الإنسان الساقط وتجربته الذاتية بل استنبط قواعده من لاهوت كنيسة الشرق، بحيث تمسك بتقليد عريق يؤهله للشهادة في عصور الاضطهاد».

بدأ هذا الفن في "سورية" في القرن الأول الميلادي وتطور فيها أيضاً، ثم توالت عصور طويلة فتطور هذا الفن الذي عمل منتجوه في خدمة الكنائس الشرقية تحديداً، وما يسمى بالكنائس الملكية هي أيقونات شرقية سورية بمعناها الطبيعي وكان أشهرها في التاريخ ما صور في "حلب" و"حمص" و"حماة" و"دمشق" و"بيروت" و"القدس" وأديرة "سيناء"، وما تزال الكنائس السورية تحتفظ بكثير من الأعمال العظيمة الواردة في معاجم الفن المسيحي على الرغم مما سُرق ونهب وأتلف من الأيقونات التاريخية

ويضيف الدكتور "طحان": «بدأ هذا الفن في "سورية" في القرن الأول الميلادي وتطور فيها أيضاً، ثم توالت عصور طويلة فتطور هذا الفن الذي عمل منتجوه في خدمة الكنائس الشرقية تحديداً، وما يسمى بالكنائس الملكية هي أيقونات شرقية سورية بمعناها الطبيعي وكان أشهرها في التاريخ ما صور في "حلب" و"حمص" و"حماة" و"دمشق" و"بيروت" و"القدس" وأديرة "سيناء"، وما تزال الكنائس السورية تحتفظ بكثير من الأعمال العظيمة الواردة في معاجم الفن المسيحي على الرغم مما سُرق ونهب وأتلف من الأيقونات التاريخية».

الباحث الدكتور محمد جمال طحان

الأب "ابراهيم فرح خوري" "إدلب" تحدث عن رسالة الأيقونة عند الكنيسة ومعانيها الروحاية والإيمانية بالقول: «تنقل الأيقونة المؤمن من الصورة إلى ما خلف الصورة، إلى عبادة الله العلي القدير أو إلى السيد المسيح أو السيدة العذراء أو القديسين، حتى الإنسان يكون قدوة لغيره في حياته، فالأيقونة في المسيحية مثلها مثل الصلوات، والكتب والمصادر الأخرى، تساعد على ترسيخ تلك الأحداث والمراحل والفترات في ذهن المؤمن، وخاصة الصور التي تجسد أحداثاً مسيحية (عقائدية) أو فترات زمنية مسيحية، لتبقى محفوظة لدى المؤمنين، ورسالة الأيقونة في الكنيسة التأمل والخشوع واستحضار العوالم الروحية، حيث يعطون أهمية في النظر للأيقونة توازي الكلمات المكتوبة في مفعولها، وقديما كانت الأيقونة بالنسبة للأميين الذين لا يستطيعون قراءة الكتاب المقدس، هي طريقة فعالة لتقوية إيمانهم وتذكيرهم بمآثر السيد المسيح وقدسيته».

في وقتنا الحاضر مازال هناك فنانون يمارسون حرفة رسم الأيقونات، حيث يبدعون في تلك اللوحات رسائل إيمانية من خلال تأملهم في النصوص الإنجيلية لينقلوا للآخرين الحالة التي وصلوا إليها في إيمانهم، ومن هؤلاء الفنان "جميل كنهوش" الذي يتحدث عن مراحل رسم "الأيقونة" بالقول: «نقوم أولاً بقص الخشب على شكل مربع أو مستطيل بحسب الطلب ومن ثم نلصق عليه قطعة قماشية بيضاء اللون مع وضع طبقة أساسية من دهان أبيض يسمى "ليتيبون" وهو بودرة نمزجها مع الغرّاء والماء ومن ثم نقوم بعملية الحف كي تصبح الطبقة ناعمة وصالحة للرسم عليها. بعد ذلك نقوم برسم الخطوط الأولية للموضوع المراد انجازه رسماً بواسطة قلم رصاص ثم نحفر تلك الخطوط بواسطة أداة حادة وناعمة ونلوّن الموضوع بالألوان المناسبة علماً أنّ الحرفيين قديماً كانوا يستعملون الألوان المتوافرة في الطبيعة مثل الأتربة ذات الألوان المختلفة والخل ومح البيض وغيرها في العمل، أما اليوم فما زلنا نستعمل تلك الألوان الطبيعية إضافةً إلى الألوان العادية والمتوافرة في محلات خاصّة في السوق، وبعد الانتهاء من رسم الأيقونة نقوم بلصق ورق الذهب على خلفيتها لأنها تتضمن مواضيع مقدسة وفي المراحل الأخيرة نقوم بإضافة الزخارف إليها وذلك حسب رغبة الزبون، وأخيراً ندهن الأيقونة بالكامل باللكر للحفاظ عليها وإعطائها اللمعة المطلوبة ويجب أن يكون الخشب من النوع الجيد بحيث يقاوم الحرارة والرطوبة ولا يتشقق عند الرسم عليه وأفضل أنواعه خشب الزان».

الأب ابراهيم فرح
أيقونات كنيسة إدلب