تعيش مراكزنا الثقافية حالة من الركود المزمن، فواقع هذه المراكز يكشف عن حالة محزنة غدت الثقافة فيها أشبه بطفلة يتيمةً تبكي وحدتها في أدراج المكتبات وعلى أرصفة الشوارع في الوقت الذي يتحدث فيه الجميع عن العولمة وثقافة العولمة ويتشدقون بعبارات ضخمة يلوي لها الرأس دون أن يقولوا لنا ما الحل.

وبدلاً من الحديث كثيراً عن هذه العولمة لم لا يتم الوقوف على وضع هذه المراكز ومعرفة الأسباب التي تحد من نشاطها جاعلةً منها مجرد مراكز حكومية لا أكثر ولا أقل.

أقمنا هذا العام/7/ محاضرات ونحن نحرص على إقامة هذه المحاضرات في الوقت الذي يكون هناك اجتماع حزبي في الفرقة من أجل ضمان حضور الناس لأننا إذا دعينا الناس لحضور محاضرة لن يأتي أحد

موقع eHoms زار مركزا "المشتاية" و"تارين" الثقافيان محاولاً تسليط الضوء على واقعهما الثقافي، حيث كان لنا في البداية لقاء مع مدير المركز الثقافي في قرية "المشتاية" المهندس الزراعي "ثائر شقيف" الذي قال: «تأسس المركز الثقافي في قرية "المشتاية" عام/2007/م، ويتكون المركز الذي هو عبارة عن طابق أرضي (قبو) مستأجر من الجمعية الخيرية في "المشتاية" من ثلاث غرف، مكتبة وقاعة وغرفة الإدارة، وتضم مكتبته حوالي /1000/ كتاب منوع تلبي حاجة القراء».

المهندس الزراعي ثائر شقيف مدير المركز الثقافي في المشتاية

  • على أي أساس تم تكليفك بإدارة المركز وأنت تحمل شهادة الهندسة الزراعية؟
  • ** عندما تم إنشاء المركز الثقافي في العام/2007/م طلبت "مديرية الثقافة" في "حمص" من البلدية أن يتم فرز شخص من ملاك البلدية لإدارة المركز وكنت أنا الشخص الذي وقع عليه الاختيار كوني أحمل شهادة في الهندسة على أساس أن هذا الوضع لن يستمر أكثر من شهر أو شهرين لكن وكما ترى لازلت أدير المركز منذ سنتين إضافةً إلى عملي كمهندس زراعي في البلدية.

    المراقبة الفنية هناء العبود مديرة المركز الثقافي في تارين

    مضيفاً: «عندما استلمت إدارة المركز الثقافي حاولت قدر الإمكان أن أصنع شيئاً لكني لم أستطع، فالمركز الثقافي بحاجة إلى شخص مختص بالثقافة ونشيط وأن يكون اجتماعي حتى يستطيع أن يجذب الناس إلى المركز الثقافي.

  • كيف تقيّم إقبال الناس على المركز؟
  • مكتبة ثقافي المشتاية

    ** لايوجد أدنى اهتمام بالثقافة، فأغلب رواد المركز هم من الأطفال ولدينا مشكلة حقيقة مع الكبار فعندما نقيم محاضرة فلا يتجاوز عدد الذين يحضرونها/10- 15/شخص وهم يحضرونها محرجين، أما بالنسبة لإعارة الكتب فلايتجاوز عدد زوار المركز وسطياً /2-3/ أشخاص يومياً وعلى مدار الشهر، فأحياناً يدخل المركز/7/أشخاص يومياً وأحياناً يمر أسبوع وأكثر دون أن يأتي أحد.

    ويتابع "شقيف" حديثه بالقول: «كذلك فإن إقامة المحاضرات وفق خطط ربعية يسبب للمركز الكثير من الإعاقة، فكثيراً مايأتينا أشخاص يرغبون بإقامة محاضرات أو أمسيات ونعمل نحن على تأجيلهم كون محاضراتهم غير داخلة في الخطة، فمثلاً منذ عدة أيام طلب مني أحد مغتربي القرية أن يقيم محاضرة لكني اضطرت أن أؤجلها له للشهر القادم لكنه لن يستطيع إقامتها لأنه يكون قد سافر في هذا الشهر كما قال لي. وهناك أمر آخر ينبغي الإشارة إليه أنه لم يعد هناك اهتمام بالعلم والتحصيل العلمي وحال لسان الطالب لدينا في القرية يقول لماذا أقرأ وأتعذب إذا كان أخي أو عمي سيطلبني إلى عنده في بلاد الاغتراب وهذا الأمر انعكس بشكل سلبي على التحصيل العلمي في القرية ففي هذا العام لم يقبل من أبناء القرية في الجامعة سوى/4/ طلاب وفي العام الماضي/2أو3/ طلاب من قرية يبلغ تعداد سكانها/2500/ مواطن».

    وينهي "شقيف" حديثه بالقول: «المركزالثقافي بحاجة إلى أن يكون فيه مسرح وقاعة عرض سينمائي وصالة لإقامة المعارض الفنية وأن يقيم دورات لغة وكمبيوتر حتى يتمكن من جذب الناس إليه وهذه الأمور بحاجة إلى دعم مادي واهتمام أكبر من قبل مديرية الثقافة».

    وعندما توجهنا إلى قري ة"تارين" التي تبعد /28/كم غرب مدينة "حمص" بقصد الاطلاع على واقع مركزها الثقافي كان الواقع واحد مع بعض الفروق البسيطة ومنها على سبيل الذكر أن مدير ثقافي"المشتاية" هو مهندس زراعي أما مديرة ثقافي "تارين" فهي مراقبة فنية، أما العنصر المشترك هو أن المركزين ليس لهما لافتة تشير إلى وجود مركز ثقافي».

    وللاطلاع على وضع المركز الثقافي في "تارين" كان لنا لقاء مع مديرته المراقبة الفنية "هناء العبود" والتي قالت: «أنشأ المركز الثقافي في "تارين" في العام/2007/م وهو مبنى للبلدية (طابق ثاني) يتكون من غرفة إدارة ومكتبة ومستودع وغرفة شاغرة؟؟ وتضم مكتبة المركز حوالي/1000/كتاب ولم نستلم هذه الكتب إلا في الربع الأخير من العام/2008/م».

    وعندما أردنا معرفة عدد الذين يقومون باستعارة الكتب من المركز قالت "العبود": «لايوجد لدينا نسبة إعارة»؟؟!!. وعند الاطلاع على سجلات الإعارة تبين أن أكثر القراء هم أطفال مع وجود أسماء معينة تتكرر في الصفحة الواحدة أو في أكثر من صفحة بحيث لاتتعدى نسبة الإعارة يومياً/6- 9/ أشخاص بينهم/1-2/ كبار فقط وبعد 20/8/2009م لاتجد ولانسبة إعارة واحدة حتى وقت إعداد التقرير.

    وعما إذا كانوا يقيمون محاضرات أو أمسيات شعرية قالت "العبود": «أقمنا هذا العام/7/ محاضرات ونحن نحرص على إقامة هذه المحاضرات في الوقت الذي يكون هناك اجتماع حزبي في الفرقة من أجل ضمان حضور الناس لأننا إذا دعينا الناس لحضور محاضرة لن يأتي أحد».

    مضيفة: «لم نقم لحد الآن بأي محاضرة كتاب داخل المركز، أو عروض سينمائية أو تلفزيونية للأطفال فليس لدينا أجهزة كمبيوتر أو أجهزة عرض تلفزيوني لإقامة مثل هذه الأنشطة، ونحن لدينا قاعة فارغة يمكن إن توفرت الأجهزة اللازمة أن نستخدمها لإقامة هذه الأنشطة».

    يخدّم المركز الثقافي في "تارين" ثلاث قرى تابعة لبلدية "تارين" يبلغ عدد سكانها مع "تارين" حوالي/8890/نسمة حسب أرقام البلدية ومع ذلك تجد أن نسبة من يستعيرون الكتب يعدون على أصابع اليد وأغلبيتهم من أطفال القرية، أما القرى الأخرى فمن النادر أن تجد اسم شخص من قرية أخرى قد استعار كتاباً.