يتألف الإنسان من ثنائية الجسد والروح وعندما تتعب الأولى هنالك من يداويها ويصف لها العلاج، أمّا النفسية مع ما فيها من تضارب وأهواء قد تكون سبباً لعللٍ وأمراضٍ تخص الجسد، فإذا كنّا نسمي من يهتم بأمور الجسد "طبيب" فما هو اللقب الذي يحتله من يساعد في حل مشاكل "النفس" وتعقيداتها؟

"المرشد النفسي" مهنة حديثة العمر نسبياً في مجتمعنا وفرع دخل جامعتنا من مدّة ليست ببعيدة ولكنّه يعدُّ في بعضٍ من دول العالم لقباً مهماً كالطبيب والمحامي والقاضي ... إلى جانب كونه مهنة، وحول تلك النقطة التقى eHoms بعددٍ من المختصين بتدريس فرع "الإرشاد النفسي" وآخرون من مزاولي المهنة في المدارس. والحديث في البداية مع الدكتور "أحمد سلوطة" رئيس قسم "الإرشاد النفسي" في جامعة "البعث" بـ"حمص" الذي قال: «لكي تتحول مهنة الإرشاد لمهنة مقبولة يجب أن تعطى تغطية قانونية تؤمن وجود نقابة أو جمعية مهنية وهذا ليس موجود حالياً فلا يوجد الآن قانون ينظم مهنة "المرشد النفسي" ولا حتى تعريف رسمي لها، ودون هذا التعريف لا يمكن أن تنشأ مهنة "المرشد" اجتماعياً.

إذا لم يكن "المرشد النفسي" مهيأً ومستعداً فإنه سيفشل فشل ذريع في مهمته لذلك فإنّه من أكثر فروع الدراسة الجامعية احتياجاً للتدريب العملي في كلّ قطاعات المجتمع، لكي يستطيع الناس تقبله كشخص يعدّل السلوك، إضافة لتوفر الكثير من الأمور التقنية التي يحتاج لها ومنها غرفته المستقلة

إضافةً للشق "العلمي" حيث أن النشاط الاجتماعي يتم بالمؤتمرات وعن طريق وسائل الإعلام التي تساهم باستضافة أخصائيين نفسيين في مجال معين، هذا كله يحتاج لتنظيم ينبع من أرضيةٍ علميةٍ تأتي بدورها من إعدادٍ علمي جيد لمهنة "المرشد" ووجود مستهلكين زبائن لمهنة "الإرشاد"، وبضرورة أن يكون ذلك الزبون متقبلاً لوضعه بأنّه يعاني صعوبة ما تحتاج لوجود معالج و"مرشد نفسي"».

د."أحمد سلوطة" رئيس قسم الارشاد النفسي في جامعة "البعث"

تندرج في مناهج "الإرشاد النفسي" المدرَّسة في الجامعات وجوب وجود "المرشد" في كلّ مؤسسات الدولة (المدارس، البنوك، المستشفيات، المصانع...) وغيرها والأهم من ذلك هي الشريحة الاجتماعية التي سيتعامل معها "المرشد" وقدرة هذه الشريحة على تقبل الخدمات ودفع مقابل مادي عليها، ولا سيما أنها مكلفة على الصعيدين "المادي" و"المعنوي" وعلى صعيد الوقت أيضاً، كما يقول الدكتور "سلوطة".

أما عن صاحب المهنة فيختم: «"المرشد" ليس شخصاً يتعامل مع مرضى "نفسيين" أو"عُصابيين" بل هو يتعامل مع شريحة الناس الطبيعيين ممن لديهم مشكلات قد تؤثر في تكيفهم نوعاً ما، فمثلاً قد يتعامل مع طالب مدرسة لديه تقصير دراسي، أو مع مريض يعاني من "السرطان"، أو عامل لا يسعهُ التأقلم مع الآلات المتطورة، وحتّى أنه يجب وجوده كشاهد خبرة أي خبير نفسي في القضايا "الجزائية والقضائية" لذلك يجب التعمق بالمهنة، ويبدأ ذلك التعمق في مرحلة الدراسة، أي على الطالب أن يوسّع خبراته، يشارك في ندوات، يطلع على الحديث والجديد في اختصاصه ويستمر ذلك حتى ممارسته لمهنته لتصبح المهارة ضرورية جداً، وأن يفهم الآخرين ليس بكلامهم فقط وإنما بتصرفاتهم وهيئتهم».

المرشدة النفسية "غادة الجنيدي"

تلعب البيئة التي يعيش فيها المرشد النفسي دوراً في الطريقة والأسلوب المتبع ويأتي ذلك من الخلفية المتنوعة للأفراد وأفكارهم وأسلوبهم المعيشي وعن البيئة الوظيفية التقينا بالمرشدة النفسية "غادة الجنيدي" التي تحدّثت عن عمل المرشد في بيئة الطلاب: «تبعاً لعملي في مهنة "الإرشاد النفسي" منذ حوالي خمس سنوات، فأعتقد أن أهمّ شيء هو شخصية "المرشد" وصفاته وقدرته على التعامل مع فئات وأفراد مختلفين في المجتمع وخاصّة في جو المدرسة ومع طلاب متنوعي البيئات، وأهمّ مافي الأمر هو بناء العلاقة مع "المسترشدين" والطلاب لذلك فأنا أدخل في بداية العام الدراسي إلى كل شعبة وأعرفهم عن نفسي وعن عملي الذي يقوم بالأساس على مساعدتهم في مشاكل قد تواجههم أو في أسئلة قد تخطر ببالهم وتشجيعهم على التحدث معي في أي وقت».

وعن الذي يجب أن يحظى به "المرشد" تضيف: « إذا لم يكن "المرشد النفسي" مهيأً ومستعداً فإنه سيفشل فشل ذريع في مهمته لذلك فإنّه من أكثر فروع الدراسة الجامعية احتياجاً للتدريب العملي في كلّ قطاعات المجتمع، لكي يستطيع الناس تقبله كشخص يعدّل السلوك، إضافة لتوفر الكثير من الأمور التقنية التي يحتاج لها ومنها غرفته المستقلة».