حافظت مدينة "حمص" عبر سنوات عديدة على خصوصية تراث المائدة، ولعلّ "محشي الجزر" أحد أهم الطبخات الشتوية التي امتازت بها وارتبطت بساكنيها.

مدونة وطن "eSyria" التقت الخبيرة الاجتماعية "أمل يوسف" في منزلها بتاريخ 2 كانون الثاني 2016؛ لتحدثنا عن أهم طقوس هذه الطبخة بالقول: «تمتاز مدينتنا بأكلات عديدة ومتميزة عن باقي المناطق، وتعد هذه الوجبة اللذيذة من الطعام واحدة منها، حيث تحلّ أكلة "محشي الجزر" ضيفاً ثقيلاً في شتاء كل عام على موائد الحماصنة بسبب غلائها والجهد المبذول في إعدادها، والمعروف أن الجزر ليس مثل الكوسا من حيث صعوبة حفره والحاجة إلى إزالة القشرة الخارجية؛ لأن الجزر حلو المذاق ويجرب تحويله إلى طعم حامض بوجود التوابل وغيرها؛ وهو ما يساعد القشرة على امتصاص هذه المواد لكي يصبح حامضاً، لذلك تخصّصت سيّدات المطبخ الحمصيّ في طبخه لما يحتاج إليه من أسلوب خاص، ويساعد توافر الجزر الأصفر الكبير وزرعه في ريف المدينة بوجه حصري وبوفرة؛ على ارتباط هذه الأكلة بمدينة "حمص" تحديداً بوجه أساسي، والملاحظ أن سكان الريف يزرعونه من دون طبخه بحكم العادة لتوافر أكلات خاصة بتراث الريف لا تدخل هذه الأكلة في قائمة أولوياتهم واهتماماتهم».

يعتقد بعضهم أن ضخامة الجزر الأصفر تجعله يحتاج إلى كمية أرز أكثر في الحشوة؛ وهذا غير صحيح، لأنه يحتاج أقل من "محشي الكوسا"، ومكوناته تكون حسب ذوق كل عائلة، حيث ينقع بماء فاتر قبل عدة أيام من قرار طبخ هذه الوجبة كي تأخذ وقتها للتحضير الجيد ومن دون عجلة، وعادة تزور المطبخ مرة واحدة في العام كتقليد عائلي متّبع، ويراعى نقع الجزر بماء فاتر وملح وثوم ونعناع من أجل النكهة وتحويل الطعم كما هو مطلوب تماماً

أما عن طريقة تحضيره فتقول: «يعتقد بعضهم أن ضخامة الجزر الأصفر تجعله يحتاج إلى كمية أرز أكثر في الحشوة؛ وهذا غير صحيح، لأنه يحتاج أقل من "محشي الكوسا"، ومكوناته تكون حسب ذوق كل عائلة، حيث ينقع بماء فاتر قبل عدة أيام من قرار طبخ هذه الوجبة كي تأخذ وقتها للتحضير الجيد ومن دون عجلة، وعادة تزور المطبخ مرة واحدة في العام كتقليد عائلي متّبع، ويراعى نقع الجزر بماء فاتر وملح وثوم ونعناع من أجل النكهة وتحويل الطعم كما هو مطلوب تماماً».

الجزر الأصفر

ربّة المنزل "روزا منّون" وهي من سكان حي "عكرمة"، أضافت بخبرتها عن قيمة هذه الأكلة اجتماعياً بقولها: «جرت العادة في مدينتنا على ارتباط أي عادة اجتماعية أو حتّى أكلة بسكان المدينة، ولا تقتصر أكلة "محشي الجزر" عليها فقط، بل ترافقها أكلة "فتّة الجزر" الفاخرة؛ حيث تجمع بين قوام "الفتّة" التقليدية ومحتويات هذه الأكلة في "المحشي"، وتعد بمنزلة اختراع شعبي في عالم الطعام، وهي عموماً من الأكلات الراقية، وأغلب الأحيان ترتبط بطبقة اجتماعية محددة نظراً لتكلفتها المادية العالية، وتغيرات العصر أثرت سلباً بطبخها؛ حيث باتت معظم النساء تحضر الجزر جاهزاً محشواً وتقوم بطبخه فقط، وهناك من يجلبه مطبوخاً لذلك تغيب معظم تقاليد طقوس هذه الطبخة في عصرنا الحالي.

وفي السابق ارتبطت معظم الأكلات في المدينة بتراث اجتماعي وقصة اجتماعية محددة، مثل "محشي الجزر" الذي يرتبط بوليمة تدعى إليها العائلة الكبيرة ويكون التحضير لها مسبقاً، أما اليوم فقد باتت المرأة الحمصيّة تحضر الأكلة شبه جاهزة؛ حيث انتشر الجزر الأصفر الكبير محفوراً وجاهزاً، أو يطبخ عند بعض النساء المتخصصات بطهو هذه الأكلة كاملة لخبرتهن فيها، وهو ما غيّب نَفَس المرأة عن الأكل أولّاً وعن الجمعة العائلية ثانياً».

أمل يوسف
روزا منون