تتألف من مواد بسيطة توجد في معظم البيوت، ولكنها على وفرتها تعتبر من الأكلات الشعبية والتي تحتاج لوقت وجهد كافيين لجعلها وجبة الأعياد والمناسبات في "وادي النضارة".

الهريسة "أكلة القمح واللحم" تنتشر في بعض المناطق السورية، في حين يحمل طبق الحلويات الشرقية المؤلف من السميد والسكر اسم الهريسة أيضاً في مناطق أخرى.

يحتوي طبق "الهريسة" الشعبي على أهمية كبيرة نتيجة احتوائه على القمح غير المقشور الغني بفيتامين "E" و"B" مع معدن الكالسيوم ومادة النشاء ويحمي بتركيبته هذه من الكثير من الأمراض أولها سرطان الأمعاء الغليظة، والقرحة، ويمنع فقر الدم ويعالج الآلام العصبية والنقرص، ولكن الهريسة في الوقت نفسه تحتوي على كمية كبيرة من الدسم والبروتينات المأخوذة من اللحم ومرقه ما يجعلها خطيرة بعض الشيء إذا ما تم تناولها بكثرة

مدونة وطن"eSyria" التقت بتاريخ 6/3/2013 السيدة "سمون خوري" التي تحدثت عن شهرة هذه الأكلة وأهميتها بالنسبة لأهل المنطقة قائلة: «تحتاج "الهريسة" إلى وقت وعمل لا يتوافران في كل أيام العام، بل يقتصر صنعها على المناسبات والأعياد، حيث يجتمع عدد كبير من الناس ليشتركوا في صنعها وفي تناولها، وهي مكلفة أيضاً لأنها تتألف من مكونين أساسيين هما القمح أو الحنطة غير المقشورة واللحم الذي يفضل أن يكون من الغنم أو العجل الصغير الذي يكون دسماً وطرياً، وارتباطها بالمناسبات أعطاها قيمة كبيرة، حيث كنا ننتظر الأعياد أو الأعراس لنأكل طبق "الهريسة" اللذيذ».

أثناء خفق الهريسة

مع قيمتها المادية يمتلك طبق "الهريسة" قيمة اجتماعية أخرى تأتي من التقليد المترافق لصنعها، والذي تحدثت عنه بالقول: «لأن "الهريسة" تقام في محضر كبير من الأشخاص فهي تتألف من كمية كبيرة من القمح تزيد وتنقص حسب المناسبة والموجودين، ونجمعها في "قفف" كبيرة مصنوعة من القش ونقوم بفرزها عن القشور والحصى الصغيرة جداً لأنها خطيرة إذا ما بقيت في الطعام ومزعجة أثناء المضغ، ثم تنقع في الماء ليلة كاملة لتعاد وتصفى من مائها ويزاد عليها ماء اللحم النظيف الناجم عن غلي اللحم مع مطيبات وبهارات متنوعة وبالأخص" القرفة والقرنفل والغار" بعد سلقه في المرة الأولى، وتترك الهريسة حتى تغلي على نار هادئة في "دست" (وعاء كبير مصنوع من النحاس) يوضع على الحطب وتستمر في الغليان مدة تتراوح بين الأربع والخمس ساعات ثم تطفى بالسمن العربي الحامي بعد نضجها وتخفق بملعقة كبيرة من الخشب وبمساعدة أحد الشبان».

تسكب "الهريسة" بعد الخفق في صحون فخارية أو خشبية لاحتوائها على مواد دسمة تجعلها ذات طبيعة لزجة ناجمة عن النشاء الناتج من الحنطة ومن مرق اللحم والتي لها فائدة كبيرة تحدثت عنها السيدة "ابتسام ابراهيم" اختصاصية تغذية: «يحتوي طبق "الهريسة" الشعبي على أهمية كبيرة نتيجة احتوائه على القمح غير المقشور الغني بفيتامين "E" و"B" مع معدن الكالسيوم ومادة النشاء ويحمي بتركيبته هذه من الكثير من الأمراض أولها سرطان الأمعاء الغليظة، والقرحة، ويمنع فقر الدم ويعالج الآلام العصبية والنقرص، ولكن الهريسة في الوقت نفسه تحتوي على كمية كبيرة من الدسم والبروتينات المأخوذة من اللحم ومرقه ما يجعلها خطيرة بعض الشيء إذا ما تم تناولها بكثرة».

الجدة "سمون"

قد لا يعتمد استخدام اللحم في الهريسة وإنما قد يستخدم الدجاج عندما لا يتوافر الأول ويشترط في وجوده ضمن هذا الطبق أن ينضج بشكل كبير ويصبح لزجاً، ليمتزج مع الحنطة غير المقشورة وهي المادة الرئيسية والتي مازالت تطلب وبكثرة لصنع عديد من الأطباق الشعبية، ولاسيما في فترة الأعياد وعيد الفصح تحديداً وعن ذلك يتحدث "جان قويق" صاحب متجر لبيع الحبوب، قائلاً: «مازال الطلب على البقوليات موجوداً وبشكل كبير ويزداد مع كل موسم، ولا يوجد فترات خاصة باستثناء الأعياد، إلا أن الحنطة تترافق وبشكل كبير مع عيدي "البربارة والفصح"، ومع مواسم الأعراس، وحيث يطلبها الناس في الشتاء لصنع "البربارة والمخلوطة والهريسة" وفي الربيع والصيف لصنع "الهريسة والمتبلة" وحنطة "الهريسة" تتميز من غيرها بأنها كبيرة الحبة غير مشوية وغير مقشورة، ويعد الطلب عليها كبيراً لأنها طبق تقليدي محبب دسم ويشتهر في منطقة "حمص" وريفها كطبق للموائد الكبيرة والعزائم».

من الجدير بالذكر أن طبق الهريسة يقدم وبشكل دائم ضمن الأديرة والكنائس في منطقة الوادي في كل المناسبات لأنه يعتمد على الحنطة التي لها رمز هام في الدين المسيحي.

السيد "جان قويق"