أصابني التعب والإرهاق من قيادة المترو.. أقدامي التي أملك، انتظرتُ دون جدوى مجيء السرفيس وبعد أن نال التعب من جسدي ويئست من مجيء ناقل الفقراء، حزمت أمري وقررّت أن أستقل سيارة خاصة لتنقلني إلى المنزل..

فشاءت الأقدار أنّ تجمعني بسائق ٍ زهد الحياة وأطبق فمه حتى الممات... سألته بحشريّة الصحفي المعهودة: عن الصّحة والأحوال، عن العائلة والأطفال، عن الضائقة والمال، عن الأغنية والموّال؟ فأجاب بحمد الله على كلِّ سؤال، لكن ما إن سألته عن الشرطة، حتى وقعتُ في ورطة، وانفجر البركان الخامد الذي جلس خلف المقود، ليشكي لي أمره ويوضحُ لي مرضه فقال لي:

"اسمي ركان الدروبي من سكان مدينة حمص،أعمل سائقاً على تاكسي خاصة أملكها (الملك والحمد لله)، وهذا العمل يكفي قوتي وقوت عيالي، ومن أيام استيقظت فلم أجد السيارة أمام باب الدار(مكان مبيت السيارة المُعتاد)، فأسرعت إلى الشرطة وأخبرتهم عن سرقة السيارة وأجبتُ على مجموعة الأسئلة التي طرحها المحققون من أجل الإلمام بجوانب القضيّة، وعدت إلى المنزل شاكياً أمري لله بالمصيبة التي حلّت عليّ وعلى عائلتي.

وما هي سوى أيام حتى زفّ إليّ رجال الأمن الخبر السعيد بعثورهم على السيارة، وأخبروني بقدرتي على استرجاعها من دائرة الحجز في إدارة المرور، غمرتني السعادة بعودة السيارة، وشعرت بالفخر لعظمة العمل الذي يؤديه رجال الشرطة في البلد، وذهبت فرحا ً لكي أحضر سيارتي المحجوزة، لأصدم بخبرٍ صعقني مفاده أن ّ هناك مخالفة على السيارة يجب عليّ دفعها، وعندما سألت عن سبب المخالفة وقيمتها المادية قالوا لي: هي مخالفة قيادة سيارة بدون امتلاك رخصة وغرامتها مئة ألف ليرة سورية.

أيّ أنّ الّلص الذي سرق السيارة وضُبط فيها لا يملك رخصة قيادة آلية...وعليّ دفع الغرامة لأستعيد سيارتي المسروقة". وبضحكة أنهت رحلتي معه قال لي: "صدقني يا صديقي، إذا كنت أعرف أنه لا يملك رخصة قيادة لما سمحتُ له بسرقة سيارتي".