"رسائل إلى الوطن والإنسان" كتاب جديد جمع فيه الأديب "عيسى فركوح" مقالاته المنشورة في عدة صحف، وأهدى نسخه مجاناً لكل طالب علم ومعرفة.

عن كتابه الجديد والأول تحدث الأديب "فركوح" في لقائنا معه: «الكتاب عبارة عن مجموعة متنوعة من المقالات الأدبية والاجتماعية كنت قد نشرتها سابقاً وعلى فترات متقطعة في جريدة "حمص" وفي بعض الصحف الأخرى بين عامي 1971 و1981، وتألف الكتاب من اثنتي عشرة مقالة متنوعة الموضوعات أذكر منها: "الاشتراكية طريق العدالة الحقة"، المرأة بين أعدائها وأنصارها في الماضي والحاضر"، "رسالة إلى المغتربين"، "الطبقية بين الروح والمادة"، "تدمر، التاريخ والحضارة"».

معظم مقالاتي التي كتبتها بالإضافة إلى بعض الدراسات الفكرية والسياسية تأثرت بالفكر المدرحي "المادي- الروحي"، هذه الفلسفة التي وضع أسسها المفكر الراحل "أنطوان سعادة" الذي تأثرت بفكره وبالمبادئ التي نادى بها

وعن سبب توزيع الكتاب مجاناً قال: «لم أبتغ الربح المادي من إصداري وتوزيعي لنسخ المجموعة لأنني مؤمن أن المعرفة قوّة، وقوة المعرفة تؤدي إلى الحكمة، وأساس ارتقاء الإنسان هو أساس مادي- روحي، والإنسانية المتفوقة هي التي تدرك هذا الأساس وتشيد صرح مستقبلها عليه».

الأديب "عيسى فركوح" ومجموعته الجديدة

وللتعرف على البيئة التي نشأ فيها الأديب "فركوح" والتي أسهمت في حضه على الكتابة قال: «نشأت في حي "بستان الديوان" في مدينة "حمص" القديمة في بيت محب للعلم والثقافة، معظم ما يدور فيه من أحاديث كانت تتمحور حول السياسة والأدب، وكان والدي قارئاً من الدرجة الأولى، لديه مكتبة واسعة وغنية بمختلف المعارف، والكثير من هذه الكتب تتضمنها اليوم مكتبتي الخاصة».

وأضاف: «في مدرستي الابتدائية الواقعة في نفس الحي القديم "اليسوعية" كان عندنا حصة أسبوعية مخصصة للمطالعة، نقرأ فيها القصص المحببة والمشوقة التي تخاطب فكر الأطفال، وكانت باللغتين العربية والفرنسية، فمن هنا وإضافة لتأثري بوالدي ازداد حبي للمطالعة وتنوعت مطالعاتي خلال مراحل دراستي المختلفة، ومنذ المرحلة الثانوية تركزت قراءاتي أكثر في الموضوعات التاريخية والسياسية لمختلف الشعوب والحضارات وخاصة التاريخ السوري القديم والحديث، وعام 1971 كتبت أول مقالة وكنت حينها في الثالث الثانوي، حيث شجعني أساتذتي في المدرسة على الكتابة حين رأوا بعض المحاولات الكتابية البسيطة التي تنتمي إلى أدب المقالة».

"فركوح" يوقع على النسخ االتي أهداها في حفل التوقيع

وتابع: «معظم مقالاتي التي كتبتها بالإضافة إلى بعض الدراسات الفكرية والسياسية تأثرت بالفكر المدرحي "المادي- الروحي"، هذه الفلسفة التي وضع أسسها المفكر الراحل "أنطوان سعادة" الذي تأثرت بفكره وبالمبادئ التي نادى بها».

بعد الثانوية درس "فركوح" الحقوق في الجامعة الأميركية "ببيروت" ولم تسمح له ظروفه الأسرية بالمتابعة في الدراسة، فعاد إلى "حمص" وكان له مساهمات فاعلة في تنظيم الكثير من الأنشطة الأدبية والاجتماعية والثقافية ساهمت في بلورة أفكاره وتوسيع الأفق الثقافي لديه: «ابتدأت العمل في لجنة الشبيبة ضمن جمعية "الرابطة الأخوية" "بحمص" من خلال المساهمة في تنظيم المحاضرات الفكرية والأمسيات الثقافية والاحتفالات المختلفة، وفيما بعد تم انتخابي لمجلس إدارة جمعية الرابطة الأخوية وتابعت في نشاطاتي بشكل أوسع لعدة سنوات كعضو في مجلس الإدارة».

جانب من الحضور في حفل توقيع الكتاب

وللتعرف أكثر على ما تحتويه كتابات الأديب "عيسى فركوح" من مضامين وعبر التقينا الأستاذ الناقد "محمد غازي التدمري" الذي كتب مقدمة كتاب "رسائل إلى الوطن والإنسان" فقال: «يقدم الأديب "فركوح" في كتابه رسائل وطنية وإنسانية من خلال رؤية ناضجة ترتكز على وعي مدرك لطبيعة الحياة ومفرزاتها، حيث غمس قلمه في صلب قضايا الحياة وسمح لفكره الواعي أن يتوغل في كل صغيرة وكبيرة، ولم يجد من سبل إلى إيصال أفكاره إلى الآخر غير هذا الأسلوب الأدبي السردي القائم على توجيه رسائل مختصرة ومفيدة تندغم في وحدة الإخاء الإنساني، ومن هذا المنطلق استطاع المؤلف أن يضيء في عيون الناس شموعاً ستترك ضياءها يغمر قلوب الماضين في دروب الحياة من الرهق والقلق، يقودانه إلى الحرية».

وأضاف "التدمري": «وجدت في هذا الكتاب أكثر من هدف، وأكثر من رسالة وأكثر من قيمة، فهذا الكتاب أعتبره انتصار الكلمة الطيبة التي كانت البدء وستكون النهاية، لأننا نعيش في رحاب هذه الكلمة الهادفة الملتزمة بقضايا الوطن والإنسان، الكتاب يتضمن رسائل للزمن الحاضر المعيش والمستقبل المؤمل، هي رسائل وطنية إنسانية تدعو إلى المثل العليا، والاندغام في وحدة الوطن وتحت ظل القادة الأوفياء، ويتضمن رسالة إلى المرأة التي كانت وما زالت نصف المجتمع، ورسالة إلى المغتربين يدعوهم فيها بحرارة إلى العودة إلى حضن وطنهم، ورسالة إلى الحب واعتناق المحبة وغيرها من الرسائل المجتمعية».

من جهته وخلال حفل توقيع الكتاب الجديد في نادي "الرابطة الأخوية" قدم الأديب "نور الدين الهاشمي" قراءة نقدية للكتاب، وقال في كلمته: «كم تمنيت لو أن الكاتب "فركوح" كان غزير الإنتاج أكثر واستمر في الكتابة، فما أحوجنا في هذا الزمن القاحل من الحب الحقيقي للإنسان إلى مثل هذا القلم الذي يسيل حباً ودفئاً ومعرفة، وأنا واثق أن هذا الكتاب سيبقى وردة فواحة يتسلل عبيرها إلى أرواحنا لتزيد سموها وتهديها جادة الحق. وهل هناك أحق من حب الإنسان والوطن، فمن دعا إليهما اكتسب الخلود، فكيف إذا نقش ذلك في كتاب خالد».