للشعر رواده ومريدوه على مر العصور، منهم من يتخذ المرأة ملهماً لأشعاره، وآخر من يجد في المعاناة والتشاؤم ملاذاً لإبداع أشعار تخرج عن المألوف، وثالث يتخذ من كلا الأمرين مصدراً لما يسطر من أبيات الشعر.

ومن الشعراء الذين يتبعون كلا الأمرين في شعرهم، الشاعر "محمد بدر العلي" الذي بدأ حديثه لموقع eHoms عن تجربته الشعرية قائلاً: «بدأت كتابة الشعر في مرحلة الدراسة الثانوية متأثراً بعدة شعراء مثل: "إيليا أبو ماضي"، و"نزار قباني"، و"محمود درويش"، وفيما بعد المرحلة الجامعية كتبت قصيدة مطولة بعنوان "في معبد الأحزان"، ومضمونها يحوي تأملات عن تناقضات الحياة: "الغنى والفقر، الجمال والقبح، اختلاف العقائد، بالإضافة إلى كتابتي لعدد من القصائد التي في أغلبها تكون شكوى عن الهموم والأحلام».

أكتب شعر التفعيلة مع القافية، كما أكتب الزجل "الشعر المحكي"، ومعظم أشعاري عبارة عن صور اجتماعية تعكس حالة الواقع، فالواقع الذي نعيشه مليء بالقضايا والمواقف التي تستحق منا الكتابة عنها، ومن هذا الباب أرى الشعر كمرآة لكل ما نعيشه بمختلف تناقضاته

وعن مصادر الإلهام في شعره يقول: «الإلهام ضروري برأيي لكتابة الشعر، ربما تكون الملهمة امرأة أو وطن، بالنسبة لي لا أكتب الشعر إلا حين أكون بإحدى قمتين انفعاليتين، قمة الفرح أو قمة الحزن، فقمّتي الفرح والحزن هما المحفزان لدي لكتابة الشعر، أما في الحالة العادية فيتحول الشعر برأيي إلى مجرد نظم وصناعة، أي إلى جسد بلا روح، وباعتبار أن الشعر يحتاج لمعاناة تكون هي التحريض للإبداع والتأثير في الآخرين، اتصفت بعض قصائدي بعدم الإطالة، لكنها عبارة عن صور تعبر عن المآسي وحالات الإحباط وضغط الحياة، وهذا كله يصب في باب الإلهام الشعري لدي».

الشاعر "محمد العلي"

أما عن توجهه في الشعر فيقول :«ينبغي على الشاعر إن أراد التخصيص في شعره أن يتوجه إلى جيل الشباب، فهذه المرحلة العمرية مهمة جداً ولها تأثير بالغ في حياة الإنسان، كما أنّ الشباب يبدي اهتمامه بالشعر متأثراً بالعاطفة إلى حد كبير، وهذا ما يوجب على الشاعر استغلاله جيداً كإحدى النقاط المؤثرة في الشباب، وتسهل مهمة توجيههم إلى طريق الصواب، وبمعنى أوضح تقديم النصيحة أو المشورة بقالب خفيف الظل».

وفيما يتعلق بالصعوبة التي تواجه الشاعرأثناء نظمه لقصائده يرى بأنه: «لابد من وجود صعوبة لإبداع الشعر، فنظم الشعر يحتاج إلى إلمام قوي باللغة، ومعرفة واسعة بكيفية استخدام المفردات، وتوظيفها بما يخدم الغرض منها، فليس من المعقول أن تنظم قصيدة بأسلوب لغوي ضعيف.

كلما كان الشاعر متمكنا من مفرداته كان شعره أقوى وأبلغ، وبالتالي محققاً لمراده وغايته».

عن أنواع الشعر التي يكتبها يقول: «أكتب شعر التفعيلة مع القافية، كما أكتب الزجل "الشعر المحكي"، ومعظم أشعاري عبارة عن صور اجتماعية تعكس حالة الواقع، فالواقع الذي نعيشه مليء بالقضايا والمواقف التي تستحق منا الكتابة عنها، ومن هذا الباب أرى الشعر كمرآة لكل ما نعيشه بمختلف تناقضاته».

للشاعر مشاركات في مجلة "الكفاح العربي"، وفي مهرجان الطلاب في الجامعة، بالإضافة إلى عدة أمسيات شعرية في الريف وفي المركز الثقافي في بلدة "حسياء".

ومن قصيدة "في معبد الأحزان" اختار لنا الشاعر "العلي" هذه الأبيات:

لا تخدعنّك يا شذى هذي المنازل والقصور

إنّ القصور بدون حُبٍّ مثل آثار القبور

إنّ الحياة قصيدةً ما بين شطآن العدم

أين الذين توافدوا منذ ابتداءات القدم

هل تعلمين بأنهم صاروا سراباً في الممات؟

حتى الأب مع ابنه لن يلتقي بعد الحياة

بل كيف نحيا بمنزلٍ ونكون أهلاً أو رفاق

ونصير بعد الموت يمشي كلٌّ منَّا في زقاق

قد جئت أبكي للحياة وكان أهلي يضحكون

ومضيت أضحك للمات وصار أهلي يندبون

ما ذنب من قد عاش أعمى أو كسيحاً أو عليل

ما ذنب مشلول الكيان يعيش في الدنيا ذليل

ما ذنب أنثى في ربيع العمر صارت أرملة

أو ذنب أنثى لم تجد زوجاً وعاشت مهملة

ما ذنب عبدٍ مات ظلماً هكذا دون سبب

من بعد عمرٍ بائسٍ ما بين همٍّ وتعب

إنّي تأملت الحياة فلم أجد فيها السعيد

كلُّ الوجوه حزينة صفراء ترنو للبعيد

إن كان غيري تاجراً بالمال يعطيك الوجود

فأنا بتاج الشعر أعطيك مفاتيح الخلود

جدير بالذكر أن الشاعر "محمد العلي" من مواليد "حمص"- بلدة "حديدة" عام /1965/، حاصل على إجازة في الأدب العربي ودبلوم في التأهيل التربوي.

زاول مهنة التدريس في مدارس "حلب" و"حمص"، وحالياً مدرس للغة العربية في ثانوية "حديدة"، لديه مجموعة شعرية قيد الطباعة بعنوان "من داليات الليل والنساء"، بالإضافة إلى عدد من القصائد التي يتناول فيها هموم الحياة.