يعتبر نفسه هاويا وليس محترفاً في كتابة القصة الأدبية القصيرة، ودليله أنه لم يطبع إلى اليوم مجموعته القصصية الخاصة، لأنه كما يقول: «أعتبر نفسي صحفياً أولاً وأخيراً، وأعشق مهنتي كثيراً وأخلص لها، وهي في معظم الأحيان تسرقني من أسرتي ومن الكثير من التزاماتي الاجتماعية، وتأخذ جل وقتي». إنه الصحفي والقاص الأستاذ "عبد الحكيم مرزوق" الذي التقيناه في مكتبه بجريدة العروبة الحمصية، فحدثنا عن تجربته الشخصية في الصحافة وكتابة القصة.

فعن البدايات يروي الأستاذ "مرزوق": «البداية كانت مع دخولي إلى عالم الصحافة، في مطلع الثمانينيات من القرن الماضي، حيث شدتني رغبة قوية للعمل في ميدان الصحافة، فبدأت أعد لقاءات وتقارير صحفية متنوعة عن أنشطة فرع الشبيبة وأنشرها في جريدتي المسيرة، والعروبة. وفي نفس الفترة اعتمدتني جريدة البعث كمراسل لها في الصفحة الرياضية، وبقيت فيها لمدة أربعة أعوام، قبل أن ألتحق بخدمة العلم، لكن لم أنقطع عن الكتابة للعروبة والمسيرة.

كتابة القصة بالنسبة لي عبارة عن إفراغ شحنة داخلية، فأنا أشعر أنني أكتب من الداخل، ودائماً اربط القصة التي أكتبها بشيء داخلي ذاتي، وأعطيها الكثير من الدفء الوجداني حتى تحمل شيئاً من الصدق. وبعدها أشعر بنوع من الراحة أنني استطعت تفريغ هذه الشحنة من خلال الكتابة

وبعد إنهائي الخدمة وكوني كنت موظفاً في إحدى مؤسسات القطاع العام، قدمت طلباً لنقلي من الوزارة التابع لها إلى إحدى المؤسسات التابعة لوزارة الإعلام، فكان لي ذلك، وانتقلت عام /1992/ للعمل ضمن القسم الثقافي في جريدة الثورة بـ"دمشق"، ومن ثم انتقلت بعدها للعمل في جريدة العروبة حتى اليوم، فعملت ضمنها في المجال الرياضي والثقافي والمحليات، لكنني وجدت نفسي في العمل بالجانب الثقافي بشكل أفضل».

وعن قصة التحول لكتابة القصة القصيرة يقول "مرزوق": «في فترة الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي كلفت من إحدى الصحف تخاطب الشباب، بكتابة زاوية أسبوعية ذات طابع دافئ وحميمي، فكانت فرصة جيدة بالنسبة لي للتعبير عن أشياء ذاتية نابعة من القلب والخيال، وإمكانية صبها ضمن هذه الزاوية التي حملت عنوان (أوراق خاصة). لكن أحد الأدباء كان مطلعاً على هذه الزاوية قال لي ذات يوم أن ما أكتبه فيها هو عبارة عن قصص قصيرة أقدمها بشكل مكثّف فاقتنعت برأيه وعملت على تطوير هذا الموضوع، والارتقاء به نحو الأفضل، من خلال قراءتي لعدد كبير من القصص والتعرف على أساليبها المختلفة، وتابعت في نشر عشرات القصص القصيرة. وبدعوة من بعض الأصدقاء كنت أشارك في العديد من الأمسيات الأدبية التي تقام في مراكز"حمص" الثقافية في المدينة وريفها، إضافة للمشاركة في عدد من مهرجانات منظمة الشبيبة».

  • هل يرى أن هناك تقاطعات بين الصحافة والقصة الأدبية القصيرة؟
  • ** أرى أن هناك تقاطعات وهمية بين الصحافة والقصة القصيرة، فالصحافة تتناول الحدث من الخارج وبشكل عابر وسريع، في حين أن القصة القصيرة عمرها أطول، تدخل إلى العمق، لأنها تتناول القضايا والأحداث بشكل إنساني وجداني.

    وعن موضوعات القصص التي يكتبها قال القاص "مرزوق" قال: «معظم القصص التي أكتبها تعالج بحميمية العلاقة التي تربط بين شخصين، والقصص التي تتحدث عن المعاناة الإنسانية، ودائماً أدخل في قصصي شيء له علاقة بالإنسان، وعلاقاته المتشابكة والمتنوعة، والتي تجعله دائماً يقف حائراً على مفترق عدة طرق، لكنه بنفس الوقت يشعر أن هناك بارقة أمل، وشيء جديد ينتظره، أو حدث سوف يأتي، ويساهم في حل مشكلة ما تعترضه».

    وعما تمثل كتابة القصة بالنسبة للقاص "عبد الحكيم مرزوق" قال: «كتابة القصة بالنسبة لي عبارة عن إفراغ شحنة داخلية، فأنا أشعر أنني أكتب من الداخل، ودائماً اربط القصة التي أكتبها بشيء داخلي ذاتي، وأعطيها الكثير من الدفء الوجداني حتى تحمل شيئاً من الصدق. وبعدها أشعر بنوع من الراحة أنني استطعت تفريغ هذه الشحنة من خلال الكتابة».

    وعن حصيلة القصص التي كتبها والطموحات التي يسعى لتحقيقها أخبرنا الاستاذ "مرزوق": «حالياً لدي حوالي (50) قصة قصيرة، وحوالي (20) قصة قصيرة جداً، أما فكرة إصدار مجموعة قصصية فهي تراودني منذ ثلاث سنوات لكن ربما انشغالي بمهنتي الصحفية، وربما عدم امتلاكي الجرأة لنشرها كوني أعد نفسي هاوياً يمنعني من ذلك، إنشاء الله أستطيع ذلك فيما بعد. وأعتبر أن طموحي في مجال الصحافة الاستمرار بنفس الوتيرة من العمل والنشاط ومحاولة تطوير نفسي والاستفادة من تجاربي وتجارب الآخرين، أما على صعيد كتابة القصة فأبحث باستمرار عن الأفكار والموضوعات الجديدة التي يمكن أن اشتغل عليها وأحقق من خلالها مستوى من الإبداع، ودون أن أتيح فرصة للآخرين لأن يقولوا أنني أتعدى على مهنة الأدب كوني أعمل في الصحافة».

    الجدير بالذكر ن الأستاذ "عبد الحكيم مرزوق" خريج قسم الإعلام (تعليم مفتوح) في جامعة "دمشق، نشر العديد من المقالات في أكثر من مجلة وصحيفة محلية وعربية منها جريدة البيان التي تصدر في الإمارات، ومجلة الكويت، وجريدة الفنون التي تصدر عن المجلس الأعلى للثقافة والفنون في الكويت، بالإضافة لكتابته في مجلة "فنون" (هنا دمشق) التي تصدر عن الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون في سورية لأكثر من عشرين عاماً.

    نشر العديد من قصصه في جريدة الأسبوع الأدبي الصادرة عن اتحاد الكتاب العرب، وكذلك في ملحق الثورة الثقافي. من قصصه القصيرة جداً اختار لنا الأستاذ "عبد الحكيم مرزوق" هاتان القصتان: (عناق) "حين أعلنت الساعة تمام الثانية عشرة ليلاً، كانت العقارب جميعها متعانقة... وحده كان يحتضن الوسادة ويغط في نوم عميق".

    (حب): "أخبرته أنها لم تحب غيره وهو الحب الأول والأخير الذي أشعل وهج الحب الجارف بشخصيته الساحرة والجذابة التي جعلتها لا تنام أكثر الليل، وبعد أن التهبت الأكف من سخونة اللقاء تركها مغادراً ليستمع من أخرى كلاماً عن الحب ولواعجه ويبادلها المشاعر التي اعتاد أن يقولها للكثيرات اللواتي يتقن فنون اللهو".