«"حمص" شمس قصيدتي.. الهواء الذي تتنفس به... اسمها وحده قصيدة تتردد في مسامع كل الشعراء فيتمنون لو يقرؤوا لها وبها.. وفيها».. بهذه الكلمات عبرت الشاعرة "قمر صبري الجاسم" عن علاقتها مع مدينتها "حمص" وقالت أن "حمص" أعادتها عن قرارها في التنحي عن الكتابة.

"قمر" الشاعرة والصحفية صدر لها حتى الآن (وريقات مبعثرة – للعاطلين عن الأمل– نياشين على صدر قبري– دعوة للرفق بالكلمات). موقع eHoms التقى قمر في (22/11/2008) وكان هذا الحوار:

*حدثيني عن بداياتك مع الشعر؟

** لم أولد وفي فمي ملعقة شُهرة.. هناك في رحم أمي كتبت أول قصيدة بدليل أنها ظلت في المشفى تُعاني من نزيف الحروف، لذا قلت في قصيدتي فاتحة اللغات (وُلدتُ وكان في كفّي قلمْ).

*عاصرتِ جيل الحداثة والنشر الالكتروني والنشر في الصحف والرسالة التي تنتظر أسابيع في البريد. إلى أي الجيلين تشعرين بالانتماء أكثر؟

**هو ليس انتماء، الشاعر ينتمي حتى لجيل ما بعد الموت.. لكل وقت جماله، لن أبالغ وأقول حسب ثقافة (حب العذاب) التي رسّختها جميع الآداب والفنون (انتظار الرسالة أسابيع كان أجمل) الاختلاف أن النشر صار للجميع، وبأسماء مستعارة، فقد تقرأ قصيدة بتوقيع (الملك) أو (الأمير).. كتابات، مما يظن كاتبوها أنها قصائد، وإنَّ كلَّ الظن إثم (في محراب الشِّعر). هنا أؤكد على قولي أنّ من ينجب طفلاً تعترف به دائرة النفوس لكن تربيته تقع على عاتق أهله.. وهذا ينطبق على النتاج الأدبي.

*وجدت لك العديد من القصائد على مواقع ومنتديات متشعبة ما علاقتك مع النشر الالكتروني وهل أنت راضية عنه؟

**نحن جيل محظوظ، في لحظة يقرأ الآلاف قصيدتي، ويعلّقون عليها. عندما أجد قصائدي في مواقع وموسوعات شعرية عديدة، أو كتابات نقدية، سلباً أو إيجاباً، أفرح لأن قصائدي أثارت في قلم الناقد شهوة الكتابة.

*سمعتك في إحدى الأمسيات تردين على قصيدة غناها المغني "كاظم الساهر" اسمها "أنا وليلى".. هل وجدت بها ما يهاجم الأنثى حتى كتبت قصيدة رد؟

**ذاكرتك قوية، القصيدة قرأتها مرة واحدة منذ سنوات... ليلى موجودة في كل العصور.. مَن الظالم ومَن المظلوم... هنا تكمن القصيدة. قد تكون الأنثى وقد يكون الرجل.. أو أحدهما ظلم نفسه.. في وقتها كتبت عن حالة.. لكل قصيدة روحها بتطور الكاتب فكراً وأسلوباً وزيادة معرفته، تتطور رؤيته ورؤياه، محاكمته.. أقصد الكاتب الذي لا يسجن قلمه بتجربته الشخصية. بمعنى إذا كانت الموهبة جسد.. فالثقافة بكل أنواعها هي الروح.

*كل المبدعين يقولون أن "دمشق" محور الفنون والثقافة والذين يعيشون "بحمص" نطاقهم ضيق، ما هي علاقتك "بحمص"؟

**ليس للإبداع جغرافية تعتمد على الكثافة السكانية والمساحة.. نسبة الولادات والوفيات بل على الكثافة المعرفية للكاتب، نسبة ولادات أحلامه ووفيات انكساراته، على مدى المساحة التي يستطيع قلمه أن يعبرها ويعبِّر بها.. ولو كان في كوخ معزول، وبالنسبة لـ"حمص" فهي شمس قصيدتي.. الهواء الذي تتنفس به... اسمها وحده قصيدة تتردد في مسامع كل الشعراء فيتمنون لو يقرؤوا لها وبها.. وفيها.. شاركت في "سورية" وخارجها، ودُعيت منها.. "حمص" الضماد الذي يشفي روحي إن عادت من حلمها مجروحة الأمل.. في لحظة لا أعرف كيف أصفها في برنامج أمير الشعراء، قررت أن أعتزل الكتابة وأتفرَّغ للصمت، ما إن ارتميت في أحضانها، وبلَّلتها دموعي، أعادت إليّ ثقتي بقلمي. عندما قرأت في مهرجان الشعر العربي الثلاثين قصيدتي الشهيدة ذاتها (أمواج عارية).. عادت حية... رغم أنني قبل قراءتها وقفت قصيدة صمت، إجلالاً وإكراماً.

*ما هي روافدك في الكتابة وطقوسك في كتابة الشعر؟

**القراءة.. الحياة.. الناس بهمومهم وأفراحهم.. آمالهم. عملي الإعلامي ثقافة أخرى، من خلال لقاءاتي للإذاعة مع أطباء ومهندسين ومخترعين وحرفيين. ليس لي طقوس... إلا إذا قصدت قولي في ديواني الأخير.. لا أستطيع أن أكتب إلا إذا وضعت أمامي مجموعة أحلام ثقيلة، وبعد أن أنتهي، أحطّمها وألفّها بالورقة التي كتبت عليها، وأضعها تحت الوسادة.

  • في "العاطلين عن الأمل" كنت الصحفية الشاعرة (إن صح التعبير) هل هذا نموذج عصري للشعراء الشباب؟
  • **لم أكن أعمل في الصحافة.... ثم ليس هناك نموذج للشعراء (الشباب) وأضعها بين قوسين لأنني لست مع التصنيفات. نموذج للشعراء الكبار، نموذج للرجل أو المرأة.. هو أسلوب، مثل ملامح الإنسان، شخصيته التي تميزه عن الآخرين، البصمة، التوقيع.. تسميات كثيرة.. ليس من الضرورة أن يكتب الشعراء الشباب مثل (للعاطلين عن الأمل) أنا نفسي اختلفت دواويني عن بعضه، أعتقد أنه ليس معلقاً على ناصية تاريخ ما.. زمنه مفتوح.

    *لماذا توجهت إلى الصحافة هل لديك ما لم تستطيعي قوله في الشعر؟

    **لأنني لا أستطيع العمل في غيرها. العمل والزواج لا يمكن لهما النجاح إن لم يكونا عن محبة... لا عن حب فقط. لا لكي أقول ما لم أستطع.. الشعر يمتلك لياقة معرفية تمكنه من قول أي شيء.

    *أخبريني عن شخصيتك بعيدا عن الشعر؟

    ** لا أستطيع أن أكون بعيدة عن الشعر، إذا حلّلت دم الحروف ودمي ستكون من فصيلة حلم واحدة.. إذا حللت جينات "قمر" وجينات الكلمات لوجدتهما تنتسبان إلى الشعر. "قمر".. حالمة إلى أقصى درجات الأمل.. وواقعية إلى أسمى درجات الإيمان.. يقولون أني وصلت.. لكني مازلت أمسك بالحرف كي لا أقع. ليس بعيداً عن الشعر، كتبت السيناريو والقصة والشعر المحكي... للغناء فقط.. شاركت ببعض مهرجانات القصيدة الشعبية، غنى كلماتي "ياسر الأحمد" و"سونيا مقديد". للتلفزيون "سورية الله حاميها"، وقيد الإنجاز سلوكونات ومونولوجات ناقدة.

    وأعطيت "لفارس كرم" في نهاية /2007/ كلمات أغاني عن عيد الحب، عن الغيرة، القمر، عن المرأة الطفلة، عدداً من القصائد ليختار منها.. استعملت فيها الكلمات المتداولة.

    *كلمة أخيرة عن أحلامك؟

    **عندما كنت طفلة كانت أحلامي بسيطة وساذجة.. أن أركب القطار.. أذهب للسينما.. أحضر مباراة كرة قدم في الملعب.. أن أذهب إلى القطب الجنوبي حيث أبرد مكان على سطح الأرض.. حققتها... والشعر حقق لي الأخيرة.. فقد وصلت إلى القطب الجنوني.. حيث أصدق مكان على سطح الحب.