وفاء لأحد أبرز أعلام مدينة حمص خلال القرن الماضي، العالم في اللغة، الشاعر والضليع بعلم الموسيقى الذي كان له الفضل على الكثير من طلاب حمص الذين عشقوا الأدب ونبض الشعر وما زالوا في هذا الدرب يسيرون.

أقام فرع اتحاد الكتاب العرب بحمص ندوة أدبية بعنوان :" قراءة في حياة الشاعر رفيق فاخوري وفي شعره " شارك فيها الأستاذ ممدوح السكاف رئيس المكتب الفرعي للاتحاد بحمص والدكتور عبد الإله النبهان أستاذ علوم اللغة في كلية الآداب بجامعة البعث وحضرها عدد كبير من الأدباء والمثقفين.

بدأ الندوة الأستاذ السكاف الذي تحدث عن ذكرياته مع الشاعر الراحل واعتبره أحد أعلام الكلاسيكية الشعرية الجديدة في سورية وزعيم تيارها في حمص بلا منازع، ويملك ثقافة تراثية من الطراز الرفيع.فقد كان يتقن الفرنسية ويقرأ الكثير للشعراء الفرنسيين وترجم العديد من آثارهم الشعرية إلى العربية كبودلير وفيرلين ورامبو.

أ. ممدوح السكاف

وأضاف سكاف "أن رفيق فاخوري لم يكن شاعراً فقط وإنما كان يهوى الموسيقى والغناء ويعزف على العود ولديه تسجيلات نادرة لأشهر المطربين والمطربات العرب".

وكان يمتاز بوفائه لأصدقائه وحبه لهم وكانوا يبادلونه الشعور والموقف نفسه، فظل أكثر من 40 عاماً لم يفترق عن أصحابه وأحبائه (أحمد الجندي ومحجوب شاهين ودري الأخرس ومحي الدين الدرويش) فقد كانت طباعهم متقاربة ومواقفهم الحياتية شبه واحدة.

د. عبد الإله النبهان

وختم حديثه بالقول:" أن رفيق فاخوري ولد في حمص عام 1911 ومات في بلدة قونيا بتركياعام 1985، مات في بلد لم يعرف فيه أحداً ولا يعرف لغته، لقد عاش غريباً ومات غريبا، تلك هي مأساة رفيق وقد تكمن فيها سعادته من منظار فلسفته وزاوية رؤيته".

ثم تحدث الدكتور عبد الإله النبهان عن شعر الراحل وتأثره في البدايات بالشعر العباسي، واتسام قصائده بالطابع الخطابي، مورداً عدداً من الأمثلة على ذلك، ورأى الدكتور نبهان أن رفيق فاخوري وجد طريقه في الشعر الذاتي المناسب لطبيعته التي تميل إلى الانزواء والعزلة مكتفياً بعدد من الأصحاب، وأشار إلى أن الشعر الذاتي عند الفاخوري يأخذ اتجاهين وكأنهما متناقضان: الأول يبرز في التحريض على الإقبال على الحياة وملذاتها ونبذ منطق العقل والتقاليد والثاني يبرز الإحساس بالموت مع تشاؤم أسود من الحياة ويظهر هذا التشاؤم بشكل واضح في قصيدته "بين الحياة والموت" فيقول:

ألسنا لعمرك موتى الوجود

بلى نحن في عيشة خاسرة

وفي كل يوم مآسي الحياة

تجدد أحزاننا الزاخرة

حبيب يزول وموت يغول

ودنيا تطل على الآخرة

وفي ختام حديثه أشار د. النبهان إلى عناية رفيق فاخوري باللغة وانتقاء الألفاظ المناسبة لمواضيعها، وهذا يأتي في الأولويات لديه، قبل الصورة وقبل أي شيء آخر، ويبقى شعره عموماً أنموذجاً حياً للديباجة الجميلة والأسلوب الرصين.