شغفه باللغة العربية وتمكّنه منها منذ طفولته رسما له طريقاً إلى الكتابة ورفد الثقافة بمشروع يجمع السوريين من محافظات عدّة، إنه مهندس الكهرباء "رامز حسين" مؤسس مشروع "مدى" الثقافي الذي يحمل شعار: "مدانا محبة".

مدوّنة وطن "eSyria" تواصلت بتاريخ 18 أيلول 2018، مع المهندس "رامز حسين" مؤسس مشروع "مدى" الثقافي، فتحدث عن حياته ونشأته قائلاً: «نشأت ضمن أسرة متوسطة الدخل، وتأثرت بوالدي الذي كان معلّماً واستطعت من خلاله أن أتقن الرياضيات واللغة العربية بطريقة لافتة، حيث ساعدني ذلك بدخول المدرسة بعمر أربع سنوات بعد اختبار من قبل الإدارة والمشرفين؛ وهو ما سلط أضواء الاهتمام على قدراتي، وحمل هذا التميز الإيجابية والسلبية في آن واحد بالنسبة لي، فقد أكسبني الخبرة والاختلاط بمن هم أكبر مني سناً، لكنه أفقدني شيئاً من طفولتي وعزلني لأمضي كل وقتي بالدراسة والقراءة؛ ففي الصف الرابع قرأت مجموعة "الناجحون" التي كانت مجهزة لفئة عمرية أكبر مني، ودرست بمدارس منطقة "الزهراء" في "حمص"، وبقيت متفوقاً ومن الأوائل في صفوفي حتى الصف الثامن، وحصلت على الثانوية العامة في مدرسة الشهيد "محسن عباس" عام 1988، كما تأثرت بخالتي وجعلتني أقرب إلى عالم الأنوثة الذي فتح طريق العلم والمعرفة، وكنت محاطاً بجوّ أنثوي ولّد إبداعاً لديّ فيما بعد».

سجلت في كلية الهندسة الكهربائية بجامعة "تشرين" في "اللاذقية"، حيث تعدّ تلك المرحلة من المراحل المهمة في حياتي، حيث أعطتني الخبرة والقدرة على التكيف في كل مكان جديد أقصده، وكانت غنية بمعرفة الأشخاص والحياة، وعلمتني ضرورة العمل؛ فقد كنت أعمل وأدرس بسبب الوضع المادي، وعرفت "اللاذقية" كما رواها وعاشها الكاتب الروائي "حنا مينة"، ووجدتها صورة مطابقة لوصفه

وعن دراسته الجامعية قال: «سجلت في كلية الهندسة الكهربائية بجامعة "تشرين" في "اللاذقية"، حيث تعدّ تلك المرحلة من المراحل المهمة في حياتي، حيث أعطتني الخبرة والقدرة على التكيف في كل مكان جديد أقصده، وكانت غنية بمعرفة الأشخاص والحياة، وعلمتني ضرورة العمل؛ فقد كنت أعمل وأدرس بسبب الوضع المادي، وعرفت "اللاذقية" كما رواها وعاشها الكاتب الروائي "حنا مينة"، ووجدتها صورة مطابقة لوصفه».

نشاط في ثقافي المزة

وفي عام 2011 مع بداية الأزمة السورية التي كانت منعطفاً مهماً، بدأ المهندس "رامز حسين" يرسم ملامح مشروعه الثقافي، ويقول: «قبل الحرب على "سورية" كانت الحياة أقرب إلى الروتين، لكن بعد انتشار وسائل التواصل الاجتماعي "الفيسبوك" والحيز الذي أخذه بمسار الأحداث ونقل المعلومة، عملت على دخول هذا العالم من منطلق المسؤولية التي أحسست بها تجاه مدينتي وبلدي؛ خاصة أن الأحداث في "حمص" كانت تتصاعد في كل لحظة وتشوبها بعض الأخبار الكاذبة التي شوّهت الصورة وحرفت مسار الشارع، وأصبحت صفحتي وصفحات بعض الأصدقاء منبراً ومصدر ثقة لنقل الواقع بصورته الصحيحة، وكانت البداية بكتابة منشور على صفحتي وتمّ نشره في موقع "خارج السرب" تناولت فيه قصة مدينتنا في أربع وعشرين ساعة جسّدت يوماً من أيام الحرب بعنوان: "حمص المدينة التائهة بين ضفتين"، ثم حققت رواجاً في أنحاء "سورية"، وتابعت توثيق القصص من "حمص" ومناطق عدة في وطننا».

وكان لأعماله بصمة بارزة في المشهد الثقافي السوري خلال سنوات الحرب، يتحدث عنها قائلاً: «لا ننكر وجود فجوة كبيرة بين المثقفين والشارع وأزمة حقيقية سببها المثقفون، فبدأت بالنشاط الثقافي وسدّ تلك الفجوة، ثم قررت الانتقال من الحالة الفردية إلى مشروع العمل الجماعي إيماناً مني ومن بعض الأصدقاء بأن التغيير الثقافي سيكون عن طريق العمل الجماعي ومن قلب الشارع، لم يكن يهمنا مفهوم النخبة، وإنما الانطلاق من صميم الشارع وخاصة الشباب، فكانت بداية أعمالنا عام 2013 في نادي "حمص" الثقافي الاجتماعي، حيث كنت من المؤسسين وتركت النادي لاحقاً لأسباب بنيوية، لم أتوقف، بل أخذت المحاولة بتأسيس شيء جديد وأطلقت مجلة "خوابي" الإلكترونية في عام 2014، التي خلقت حالة ثقافية فريدة في "سورية"، ثم أحدثنا مشروع "خوابي" وقمنا بنشاطات ثقافية منوّعة؛ كمهرجان "خوابي" الشامل الذي أُقيم في "حمص" المدينة التي كانت تعاني ويلات الحرب وفقدان الأمن والأمان فيها، وكنت مدير "خوابي"، وعملنا كفريق عمل جماعي لإنجاح نشاطاتنا حينئذٍ».

نشاط ثقافي سياحي

وعن مشروع "مدى" الثقافي يقول: «أسّست مشروع "مدى" الثقافي عام 2016، وعملت بذات الروح التي عملت بها في "خوابي"؛ ففي "مدى" وصلنا إلى النضج في التجربة والانتشار بالأنشطة في "دمشق" و"حمص" و"اللاذقية" و"السويداء" وغيرها، ورفعنا شعار: "مدانا محبة" قولاً وفعلاً، فانتقلت الحالة الثقافية إلى حالة اجتماعية تجمع فرق المشروع وبعض المتابعين لنا، كما استطعنا من خلال نشاطاتنا المتنوعة أن نجمع السوريين ونحقق جوّاً حضارياً تسوده المحبة، وعليه نستطيع أن ننجز أي عمل نقوم به، وركزنا في "مدى" على أن التفاعل أساس العمل الثقافي، وعملنا على تكريس مفهوم الثقافة التفاعلية التشاركية وخلق حوار بين جميع الأطراف لأنهم شركاء في العمل جميعهم، وإن عملنا بمنهجية والتركيز على النوعية عزّز ثقة الآخرين بالمشروع وأهدافه، وأذكر أننا نواجه بعض الصعوبة في الترخيص؛ لكوننا أول مشروع ثقافي يرخص بواسطة وزارة الثقافة، كما أننا نحتاج إلى الدعم المادي والمعنوي لرفع مستوى نشاطاتنا وتكثيفها».

أما "ريم الشّعّار" مديرة فريق "مدى" في "دمشق"، فتتحدث عن المشروع ومديره قائلة: «تواصلت مع "رامز حسين" قبل ثلاث سنوات على وسائل التواصل الاجتماعي بغاية نشر قصة قصيرة في مجلة "خوابي"، ومع الوقت تطورت المعرفة وخرجت من الافتراضية لتصبح واقعية واجتماعية، حيث كانت هناك قواسم مشتركة خاصة في الشأن الثقافي وضرورة إغناء المشهد الثقافي السوري بعمل يضمّ السوريين من كل مكان؛ وهذا تحقق من خلال مشروع "مدى" الثقافي الذي تسلّمت إدارته في "دمشق". يتميز "رامز" بطاقة إيجابية تجعلني أطلق عليه اسم الكائن الأبيض، ولديه طموح وإصرار، فيّاض وعاطفي ووجداني تجاه كل ما يلامس "سورية"، وهو الأب الروحي للفريق في المحافظات كافة».

ريم الشعّار

الجدير بالذكر، أن مهندس الكهرباء "رامز حسين" من مواليد "حمص"، عام 1971.