كان عمره عشر سنوات عندما دخل المسرح لأول مرة كممثل في الصف الخامس الابتدائي عام 1940، عندها كان رواد المسرح لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة، فتعلم منهم وأخذ خبرتهم المسرحية ليصبح من رواد المسرح الحمصي حتى اليوم.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 5 نيسان 2016 المسرحي "ماهر عيون السود" في منزله بمنطقة "الدبلان" بمدينة "حمص"؛ الذي لم يخرج منه منذ ثلاث سنوات لأسباب صحية؛ ليحدثنا عن شخصيته المسرحية وتاريخه بقوله: «ولدت في مدينة "حمص" عام 1930، وبدأت العمل المسرحي منذ طفولتي، فأنا أرى المسرح مجتمعاً كاملاً، وبقدر ما نحترم هذا المجتمع نحترم المسرح، لذا أعتقد أن المسرح هو إنسان كامل الأوصاف والحس، ومن المفروض أن نعيش هذا الإنسان الذي يقدم الرسالة الكبيرة إلى الناس والمجتمع.

فضل الأساتذة والزملاء كبير علي وعلى المسرح في "حمص" و"سورية" عموماً، حيث كنا بضعة أشخاص نوجه وندرّب بعضنا كي نرفع مستوى العمل، وأذكر منهم: "محمود طليمات"، و"ناظم طيارة"، و"أنيس ملوحي"، و"أديب الموصلي"، وغيرهم الكثيرون. كما دخل إلى الفرق المسرحية العنصر النسائي في ستينيات القرن الماضي؛ وهو ما سهل العمل بروح أكبر، فقد كنا سابقاً نتيجة عادات المجتمع نمثل أدوار الرجال والنساء معاً، أما بعد مشاركة المرأة علناً فقد أضافت هذه المشاركة الكثير إلى المسرح في "سورية"

أستاذي "عبد المعين الملوحي"، ومنذ نعومة أظفاري كان يصقل موهبتي برفقة عدد من المفكرين والأدباء حينها، من بينهم شقيقه "عبد الرحمن" الذي كان يبحث عن الأطفال الموهوبين، لأبدأ التعمق في هذ الفن إلى جانب دراستي في مدرسة "منبع العرفان الابتدائية"، والمشاركة عبر الفرق الكشفية الصيفية والمخيمات والنشاطات المدرسية، وفي مرحلة شبابي بدأت العمل مع المسرحي "مراد السباعي"؛ الذي أعدّه أباً روحياً وملهماً لي خلال سنوات مهنتي الطويلة، حيث اكتسبت منه اللغة ومهارة الجدل والحوار والفكر والرأي والالتزام، وكنت قد تعرفت إليه عبر نادي "دوحة الميماس" الذي أسسه "عرفان الأتاسي" سنة 1933».

طليمات الرفيق والعاشق المسرحي

ويتابع: «دعيت لتأدية أحد العروض التابعة لنادي "دار الفنون"، وبعد انتهائنا فوجئت بقرار فصلي من "دوحة الميماس" بسبب مشاركتي مع فرقة أخرى؛ وهو أمر كنت أجهله، لذا خصص لي النادي الجديد دخلاً شهرياً كتكريم على الاستمرار معهم، وأول عرض مسرحي حقيقي شاركت به كان "العهد الأميركي" لنص الأستاذ "مراد السباعي"، حيث قدم لي أربعين صفحة باللغة الفصحى، حفظتها وقدمت الدور بنجاح، إضافة إلى مسرحية "الطبيب رغماً عنه" المقتبسة عن رواية عالمية، وجميع تكاليف ومستلزمات المسرح كنا نقدمها على حسابنا خصوصاً مسرحيات تاريخية كمسرحية "عبد الرحمن الداخل"، فكنت أخيط الثياب على حسابي من أجل نجاح العمل المسرحي واستمراره، وأيضاً الديكور كمسرحية "الطاحونة" عندما أحضرنا بضع (كراتين) وقصصناها لتنتج شكل الطاحونة والنافذة، وغيرها».

كان دور "مظهر طليمات" كبيراً بالنسبة لمسيرته الفنية، فعندما كان في سن الثانية عشرة اصطحبه لحضور النشاطات الأدبية والمسرحية، وعن أهمية أساتذته يقول: «فضل الأساتذة والزملاء كبير علي وعلى المسرح في "حمص" و"سورية" عموماً، حيث كنا بضعة أشخاص نوجه وندرّب بعضنا كي نرفع مستوى العمل، وأذكر منهم: "محمود طليمات"، و"ناظم طيارة"، و"أنيس ملوحي"، و"أديب الموصلي"، وغيرهم الكثيرون.

كما دخل إلى الفرق المسرحية العنصر النسائي في ستينيات القرن الماضي؛ وهو ما سهل العمل بروح أكبر، فقد كنا سابقاً نتيجة عادات المجتمع نمثل أدوار الرجال والنساء معاً، أما بعد مشاركة المرأة علناً فقد أضافت هذه المشاركة الكثير إلى المسرح في "سورية"».

الأديب "راغب طليمات"؛ وهو من عائلة ساهمت في تأسيس المسرح الحمصي وأقارب لأشخاص ساهموا في تطوير أداء "ماهر عيون السود" ليصبح أيقونة مسرحية كما يقول "راغب"، حيث يحدثنا عنه بقوله: «كان لعميّ "مظهر" و"محمود" دور كبير في رفع مستوى المسرح بـ"حمص" وتأسيس أبرز الفرق الموسيقية، ففي "حمص" وحدها سبع فرق، في حين لم يكن يوجد في "دمشق" مثلاً إلا فرقتان، لذا خلقوا تنافساً حقيقياً، ولهذا احتاجوا إلى يافعين متميزين يستمرون بالعمل المسرحي لأجيال بعدهم، ولا يندثر مع تطور المجتمع، وكان "ماهر عيون السود" خياراً جيداً، حيث عاصرته وحضرت له بعض المسرحيات في الوقت الذي كنت فيه مخرجاً مسرحياً أيضاً، والجميع كانوا يتحدثون عنه بسبب شغفه بالمسرح، وتميز بالمونولوج بداية دخوله هذا المجال؛ لينتقل بعدها إلى بطولة الأعمال المسرحية، وتنقله بين عدة فرق، ليتوقف عن العمل عام 1990، ويتوقف بعده العمل المسرحي الحمصي حتى هذا اليوم».