اختار أصعب الاختصاصات العلمية المتعلقة بطب الأسنان، ولم يتوقف يوماً عن التفكير بتطوير أدواته لخدمة المرضى، وتعد اختراعاته ومؤلفاته مرآة حقيقية لموهبته وإنسانيته.

تحصيله في الشهادة الثانوية العامة خوله الدخول الى كلية طب الأسنان في جامعة "دمشق"، وهذه كانت محطته الأولى عام 1980، ويرى أن البداية كانت موفقة من خلال لقائه بقامات علمية زرعوا فيه حب العلم. وتابع الأستاذ الجامعي الدكتور "إبراهيم تركماني" حديثه لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 20 شباط 2016 أثناء لقائه في مكتبة الأسد بدمشق قائلاً: «تخرجت عام 1985 وكنت من المتميزين في دفعتي، حيث قدمت على مسابقة المعيدين للحصول على منحة لإكمال تحصيلي العلمي، وعلى الرغم من قساوة الظروف التي كنا نعيشها والشبيهة بالظروف الحالية نوعاً ما، أوفدنا إلى عدد من الجامعات الأوروبية لأن نور العلم كانت كلمته أقوى».

إمكانياته العلمية جيدة؛ إذ درّس في جامعات القطر في التعليم الحكومي والخاص، وله طريقة خاصة بالتدريس وتقديم المعلومة، يمتاز بقدرته على إيصال رسالته بطريقة سلسة وبسيطة، ومعروف عنه قيادته للجلسة بمنطقية وسلاسة

ويتابع: «كنت السوري الوحيد الذي قُبل عام 1988 للدراسة في أرقى جامعة في "بولندا" باختصاص التعويضات "الفكية الوجهية"، وتعد تلك المدة متعة علمية بالنسبة لي، حيث كنت أول من يدخل الجامعة صباحاً وآخر من يخرج منها، ونشرت خلالها عدة أبحاث باللغتين البولندية والألمانية، ونتيجة هذه الأبحاث ونشاطي واجتهادي؛ تم ترشيحي عام 1991 من قبل رئيس الجامعة وهو أستاذي المشرف على أطروحة الدكتوراه لحضور مؤتمر في "اليابان"، الذي ضم رؤساء لجامعات أوروبية، وكنت طالب الدكتوراه الوحيد في هذا المؤتمر، وكانت هذه المحطة مهمة جداً في حياتي العملية؛ حيث تعرفت إلى مجتمع مختلف عن المجتمعين الغربي والعربي، وهي الخطوة التي زرعت بذرة الإبداع لدي».

الدكتور الأستاذ إبراهيم تركماني أثناء مشاركته بمعرض الباسل

بعد أن أنهى إيفاده نهاية عام 1992 عاد إلى وطنه من دون تأخير ليكمل رسالته، حيث قال: «أسسنا جمعية لاختصاصي التعويضات في "سورية"، وكنت ممثلاً للمنطقة الوسطى، لنكون حاضرين ومحاضرين بكل المؤتمرات من أجل تطوير الاختصاص ورعاية الأمور العلمية.

كنت راضياً عن نفسي؛ إذ أعد المسؤول عن منح "شهادة الاختصاص" لكل اختصاصيي التعويضات المتحركة، لأكثر من عشر سنوات، والامتحان يجري كل ستة أشهر ولم يحصل أن تأخرت أو نال من لا يستحق شهادة بهذا الاختصاص، ويعد حاملو اختصاص التعويضات الفكية الوجهية قلائل على مستوى العالم والوطن العربي، كما أنني شاركت بمؤتمرات خارجية، وقد قُيّمت أعمالي من قبل اللجنة العلمية في المؤتمر الذي شاركت به في "فلوريدا" عام 2011؛ وهم من كبار الباحثين على مستوى العالم، أما المؤتمر الذي حمل في نفسي ذكرى طيبة وجميلة، فكان المؤتمر التأسيسي الذي دعيت إليه من قبل طلابنا "الموريتانيين" الذين تلقوا العلم في جامعاتنا السورية لإقامة نقابة لأطباء الأسنان في بلدهم، وألقيت عدة محاضرات باللغة العربية دعماً للمؤمنين بأن اللغة العربية لغة العلوم الطبية، وشاركت بافتتاح نادي المتخرجين في الجامعات السورية بمدينة "نواكشوط"».

ألية العمل لإنقاذ الأطفال حديثي الولادة

جاء اختراعه الذي أبرزه في "معرض الباسل للإبداع والاختراع" الأخير لكي يساعد الأطفال حديثي الولادة الذين يأتون إلى الحياة وهم يعانون من "شق الشفة وقبة الحنك"؛ فيكون الأنف موصولاً مع الفم، وبالتالي لا يتمكن الرضيع من الرضاعة الطبيعية فتخرج السوائل من أنفه وتؤدي إلى اختناقه، وتابع "تركماني" الشرح عن اختراعه: «اشتركت في هذا المعرض حتى أعمم فكرتي التي أعمل عليها منذ عام 1993، حيث توصلت إلى أبسط الطرائق وبتكلفة منخفضة، وصنعت سدادة زجاجة الإرضاع لمرضى حديثي الولادة ذوي انشقاق قبة الحنك ومن دون إجراء طبعات؛ وهنا الفكرة المهمة؛ فليس من السهل إجراء طبعات لطفل حديث الولادة، (الطبعة عبارة عن مادة مطاطية تحتاج إلى مهارات خاصة لتشكيلها)، وهناك من لا يتجرأ على مثل هذا العمل، ومن الممكن أن يؤدي الإهمال في الطبعة إلى وفاة المريض، وتأتي أهمية الإنجاز في الاستغناء عن الطبعات التي يقوم بها فقط الأطباء الاختصاصيين. والحل يكون بتكييف شمع الصف الأحمر في فم المريض حسب حالة قبة الحنك وبما يتناسب مع شق قبة الحنك بدلاً من الطبعات، ويتم تكييف الشمع كذلك حسب شكل زجاجة الإرضاع، كما يتم تنزيل شمع الصف الأحمر في البوتقة، وبعد تشكيل السدادة يتم تركيبها على زجاجة الإرضاع بواسطة اللاصق الطبي (البلاستر)، ومن ثم تتم عملية إرضاع الطفل حديث الولادة بسهولة، الطريقة سهلة ومن الممكن أن يقوم بتنفيذها أطباء الأسنان».

جمع خبرته العلمية بأن ألف كتاباً ثنائي اللغة بـ(العربية، والإنكليزية) بعنوان: "الامتصاص العظمي السنخي" الذي يعدّ مرجعاً لأطباء الأسنان والأطباء البشريين على مستوى العالم، وهو الأول عربياً، كما ألف كتاباً عن "تشريح فيزيولوجيا البلع".

عميد كلية طب الأسنان الدكتور عاطف درويش في الجامعة الدولية الخاصة

وأورد الدكتور الأستاذ "عاطف درويش" عميد كلية طب الأسنان في الجامعة الدولية الخاصة رأيه بالدكتور "تركماني" قائلاً: «كان "تركماني" واحداً من طلابي المجتهدين والمخلصين لمهنتهم ولبلدهم، هو مواطن جيد قبل أن يكون أستاذاً جيداً؛ يفكر بغيره، ولهذا لم يتسم بصفة العزلة، دوماً له وجود وحضور طيب ودائم، وتجده ضمن مؤتمرات أطباء الأسنان الداخلية والخارجية بحضور متميز وفاعل، وفي العادة تأتيني أول مباركة في "عيد المعلم" من قبله، فالإنسان فينا بحاجة إلى كلمة طيبة؛ وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على حضارة ورقي ورفعة أخلاقه».

ويتابع: «إمكانياته العلمية جيدة؛ إذ درّس في جامعات القطر في التعليم الحكومي والخاص، وله طريقة خاصة بالتدريس وتقديم المعلومة، يمتاز بقدرته على إيصال رسالته بطريقة سلسة وبسيطة، ومعروف عنه قيادته للجلسة بمنطقية وسلاسة».

بقي أن نذكر، أن "تركماني" من مواليد مدينة "حمص" عام 1961، وقد حصل عام 1995 على ذهبية "جائزة الباسل للعلوم الصحية" عن بحث بعنوان: "نخر الأسنان عند طلبة المرحلتين الإعدادية والثانوية" في "حمص"، ونال في معرض الباسل السابع عشر الذي أقيم في الثالث من كانون الأول 2015، برونزية عن اختراعه "سدادة زجاجة الإرضاع".