امتزج بآلة الكلارينيت حتى شكّل معها شخصيةً واحدةً، فبثّ روحه فيها ليخرج أحاسيسه الفنية عبرها، كما عشق الارتجال ووظفه بحرفيةٍ عاليةٍ في موسيقا الجاز لينطلق عالمياً برسالة سامية، مقدماً للعالم موسيقاه بأدواته الاستثنائية.

مدوّنةُ وطن "eSyria" تواصلت بتاريخ 1 حزيران 2020 مع الفنان "مجد سكر" ليحدثنا بالقول: «البداية كانت من دراسة المقامات الشرقية نظرياً ومحاولة أدائها باستخدام صوتي، وكنت مهتماً بالطرب الحلبي والموشحات وشاركت بغنائها مع فرق إحياء التراث في مدينتي "حمص"، وطريق الكلارينيت بدأ كهواية عندما كنت في سن التاسعة عشرة وبدأت أتعلمها عن طريق دروس على "يوتيوب"، ثم تحوّل لشغف حيث كنت أقضي ساعات من التمرين والبحث لتطوير أدائي وصقل مهاراتي، وفي عام 2014 تخرجت من كلية الاقتصاد في "حلب" وبعدها تفرغت للموسيقا كمهنة، وشاركت بعزف الموسيقا التصويرية لأكثر من 25 مسلسلاً وفيلماً محلياً وعربياً، وعزفت مع عدة فرق محلية في "حمص"، "حلب"، و"دمشق"، وفي بداية عام 2016 توجهت للعاصمة "دمشق"، وتشاركت الموسيقا مع نجوم مثل "عاصي الحلاني"، "ناصيف زيتون"، "أنس كريم"، و"آدم"».

لكل آلة موسيقية خبير، وهناك آلات فقيرة بالمراجع التي يمكن أن يستند عليها في التعليم، مثل آلة الكلارينيت، و"مجد" من الأشخاص الذين حاولوا اكتشاف هذه الآلة، ووصل إلى هدفه فيها، وبعد سنوات رأيناه موسيقياً بارعاً يعزف من خلالها موسيقا عذبة، وأوصل رسالته الموسيقية إلى خارج حدود "سورية"، أنا و"مجد" أصدقاء في الموسيقا، لكني اليوم أعدُّ نفسي واحداً من معجبيه، الذين ينتظرون ظهوره الدائم والاستماع إلى عزفه الذي لا يملّ منه

وتابع بالقول: «طالما أسرني صوت الكلارينيت وأثار فضولي لأعرف المزيد عن هذه الآلة، فكانت الوسيلة الوحيدة للتعبير عن نفسي وشخصيتي، فعازف آلات النفخ ينفث روحه داخل آلته، ولأني قطعت شوطاً جيداً في تعلم الموسيقا الشرقية، اتجهت نحو موسيقا الجاز، وعزفتها على مسارح محلية، عربية وعالمية، وبعد انتقالي إلى "كندا" ومشاركتي المسرح مع الكثير من الفرق متعددة الثقافات شعرت بضرورة توجهي أكاديمياً لتعلم نمط موسيقي عالمي، واخترت الجاز لأنه مبني على الارتجال وأنا أحب ذلك في الموسيقا، هذا النمط مبني على أعقد أنواع الهارموني الموسيقية وأعلى درجات التكنيك لأي آلة وبحاجة لناس مختصين وأكاديميين وذوي خبرة لتدريسه وللأسف في بلادنا العربية كل الاهتمام يتوجه نحو الموسيقا الكلاسيكية والعربية، وبالتالي أهم التّحديات التي تواجه عازفي الجاز العرب هو عدم وجود معهد جاز أكاديمي واحد في الوطن العربي لمساعدتهم على تطوير مهاراتهم في عزف هذا النوع الموسيقي، وهذا ما يؤدي إلى انخفاض رواج هذا النمط الموسيقي وعدم قدرة العازف على الوصول إلى قاعدة كبيرة من المستمعين».

من مشاركات "مجد سكر" العالمية

وعن مشاركاته قال: «تشاركت المسرح مع مغنيي وموسيقيي الصف الأول وهم كثر، لكن تبقى مشاركتي مع عازف العود الشهير "نصير شمه" استثنائية من حيث صعوبة المادة الموسيقية فقد عزفت أكثر من أسلوب موسيقي وكنت عازفاً مرافقاً وصوليست بهذا الحفل الذي حضره أكثر من 1200 شخص في مدينة "تورونتو" بمشاركة الأوركسترا الكندية العربية عام 2017، وفيما بعد تواصل معي المُصَنِّع "طارق جبارين" مؤسس أول شركة عربية للآلات النفخية، وعرض أن تحمل أحدث كلارينيت من تصميمه اسمي وتوقيعي، وصدرت الآلة عام 2019 وما زلنا نطورها من أجل الإصدارات القادمة».

الموسيقي "عمر أبو عفش" قال عنه: «التقينا أنا و"مجد" منذ ثلاث سنوات تقريباً أثناء التحضير لأحد مشاريع الأوركسترا الكندية العربية، وبدأت منذ ذلك الحين صداقة اعتز بها، مجد شخص نقي، موهوب، واثق، حسّاس، منفتح، صادق، دؤوب، ودائم البحث عن تطوير وإغناء ذاته وأدواته الفنية، ففي جعبته الكثير من زاد وعتاد الموسيقا العربية والشرقية عامةً من مقامات، أدوات، أساليب، موهبة، سنوات العمل والتدريب، بالإضافة للتقنيات العالية والمهارة ومعرفة أسرار آلة الكلارينيت والتحكم والسيطرة عليها بكل براعة، ما جعله يبدع ويحلّق عالياً، ويكون أميناً على عمله الجاد وموهبته الاستثنائية، وهذا كلّه لا يشبع شغف "مجد" وفضوله الفني الموسيقي، فهو دائم البحث والرغبة في اكتشاف وولوج عوالم جديدة، بالإضافة للموسيقا التركية وموسيقا البلقان نراه يطرق أبواباً ويفتح النوافذ ويدخل عوالم الموسيقا الآسيوية والموسيقا الكلاسيكية، وموسيقا الجاز بكلّ ألوانها، أحب أيضاً في "مجد" ابتعاده عن الاستعراض والتكلف في الأداء، فمع كل ما يمتلك من تقنيات ومهارات وعلوم نراه يبتعد عن الاستعراض المجاني ومحاولة إبراز العضلات فنياً وموسيقياً، بل يعمل على فهم العمل ومكوناته ويعمل ليكون وفياً للعمل الموسيقي بالإضافة للارتجالات، ففي كل عمل نستمع إلى مجد بشكل مختلف حيث لا يؤطر نفسه في أسلوب ما أو قالب ما، بل هو دائم التجدد والتنوع، يحلل العمل الموسيقي ويفهمه ويخوض في أعماقه، ومن ثم يعمل على عكس هذا الفهم و يضيف عليه من خبرات شخصيته وذاته الكثير، فنستمع في عمل ما مثلاً لأداء صوفي تأملي، وفي عمل آخر نستمع إلى الطرب بأحلى تجلياته، و في مرة أخرى يدعونا للرقص بكل رشاقة وبلا استئذان».

الموسيقي "محمد شحادة" عنه يقول أيضاً: «لكل آلة موسيقية خبير، وهناك آلات فقيرة بالمراجع التي يمكن أن يستند عليها في التعليم، مثل آلة الكلارينيت، و"مجد" من الأشخاص الذين حاولوا اكتشاف هذه الآلة، ووصل إلى هدفه فيها، وبعد سنوات رأيناه موسيقياً بارعاً يعزف من خلالها موسيقا عذبة، وأوصل رسالته الموسيقية إلى خارج حدود "سورية"، أنا و"مجد" أصدقاء في الموسيقا، لكني اليوم أعدُّ نفسي واحداً من معجبيه، الذين ينتظرون ظهوره الدائم والاستماع إلى عزفه الذي لا يملّ منه».

يذكر أنّ "مجد سكر" من مواليد محافظة "حمص" عام 1992، يقيم في "كندا".