«عندما كنّا صغاراً، وبأعمار تُشابه أعمار أطفالنا، كنّا نُحضّر لأحد "الشعانين" بلهفة وفرحٍ لا يوصفان، نجهّز الثياب ونزين الشموع بشتى أنواع الزينة والورود لتغدو كالعروس، ونطلُّ بها بهذا اليوم كالملائكة». كلمات وصور من ذاكرة السيدة "أولغا شمّاس" التي سبق وعاشتها وهي طفلة صغيرة والآن تعود لتحتفل مع ولديها "نينار" و"إيلي" بأحد "الشعانين" حسب التقويم الغربي وقالت لموقع eHoms عندما التقى بها أثناء الاحتفال:

«أعتقد أنّ الجميع يحتفلون بعيد "الشعانين" ليس فقط -كتقليد ديني- على الرغم من أهميته، وإنما لكي يدخلوا الفرحة إلى قلوب أطفالهم فحسب وإنما إلى قلوبهم فأنا أحس أنني بداخلي أعود طفلة يعتريها فرحٌ غامر عندما ترى الملابس البيضاء والأجنحة على ظهور أطفال لا يتعدون السنة وشموعٌ مزينة بأبهى حلّة، إضافة إلى أنّه من واجب الأهل أن يعلّموا الطفل محبة تعاليمه وتقاليده الدينية منذ الصغر، ولا طريقة أفضل من صور الفرح والبسمة تبقيهم متعلقين بجو الكنيسة، وهذا بدوره تقليد أخذناه من أهلنا وننقله لأولادنا وهو حقهم علينا».

فإن ارتداء الأهالي والأطفال أجمل حللهم حاملين الشموع المزينة مقلّدين لأهالي "أورشليم" ويطوفون خلف كاهن الرعية بعد "القداس الإلهي" ومعهم أغصان "الزيتون" مرافقة للشموع كنوع من البركة والحماية لأولئك الأطفال

"نينار" ذات السنة والنصف و"إيلي" بعمر الثالثة والنصف قد لا يعلمون لماذا يحملون الشموع ولا حتّى غيرهم من الأطفال بذات العمر لذلك فإن تعليمهم لماذا؟ وكيف نحتفل؟ هو ما يجب فعله لكي لا يتحول العيد إلى مصدر رزق للتجار وصنّاع الزينة وهذا ما أضافته السيدة "زويا نجار" التي تحتفل مع ابنها في أول عيد له، وتقول: «عيد "الشعانين" مثله مثل باقي الأعياد الدينية التي أخذت طابعاً اجتماعياً تجارياً، وهو ليس بالشيء السيء على شرط ألا يكبر أولادنا وهم لا يعرفون لماذا يحملون الشموع أو لماذا يقولون "هاليلويا" مثلاً لذلك من واجب الأهل أن يعلموهم ذلك».

السيدة "أولغا شماس" وابنيها "نينار وإيلي"

وعن كلٍ من المعنى الديني والاجتماعي يقول الأب "عبد الله قمز" كاهن رعية باب السباع والعدوية "للروم الكاثوليك" والذي أقام احتفالية "عيد الشعانين" في دير "المخلص" ونبدأ بالمعنى الديني: «قديماً كان القادة "الرومان" بعد عودتهم من معاركهم منتصرين يعودون إلى "روما" ويدخلونها باحتفال مهيب، إذ يركبون العربات المزينة التي تقودها الأحصنة وترافقهم رايات النصر كما يقف الشعب على جانبي الطريق ليهللوا لهم، وكأنهم أبناء الآلهة، و"السيد المسيح" في أحد "الشعانين" أثناء دخوله إلى "أورشليم"

يشبه دخول هؤلاء القادة مع التميز الواضح فبدل العربات المزينة ركب "يسوع" -جحشاً ابن أتان- وبدل الرايات رُفع له "سعف النخيل" وأغصان "الزيتون" وبدل أن يفرش أمامه السجاد الفاخر نراهم يضعون ثيابهم ليمرّ عليها أثناء دخوله مترافقة مع هتافات أطفال "أورشليم" وبمجد إلهي، يحمل التواضع كسمة رئيسية تجعلنا نتخذ عبرته في حياتنا وبساطة لا يعرفها إلا الأطفال».

السيدة "زويا نجار" وابنها

أما المعنى الاجتماعي: «فإن ارتداء الأهالي والأطفال أجمل حللهم حاملين الشموع المزينة مقلّدين لأهالي "أورشليم" ويطوفون خلف كاهن الرعية بعد "القداس الإلهي" ومعهم أغصان "الزيتون" مرافقة للشموع كنوع من البركة والحماية لأولئك الأطفال».

الأب "عبد الله قمز"