لم تكن "المصارعة" في منطقة "وادي النضارة" مجرد لعبة رياضية، بل طقساً قروياً يعبر عن التراث والقوة معاً، أما اليوم فأصبحت مجرد حكايات يرويها الأجداد...

"مدونة وطن eSyria" التقت الجد "وهيب دبوره" من سكان قرية "كفرة" ويبلغ من العمر ثمانين عاماً، كان من محبي هذه الرياضة وممن قصدوا قرى بعيدة لمشاهدة مبارياتها، فيقول: «في أيام شبابنا لم نكن نملك أجهزة كمبيوتر أو تلفزيوناً، بل كانت ألعابنا ووسائل تسليتنا من واقعنا المعيش، ومن أشهرها لعبة المصارعة التي كانت تتطلب جسماً رياضياً وبدناً قوياً وعضلاً مشدوداً وكان بعض الشبان معروفون بأنهم مصارعون يلعبون هذه الرياضة ويتنافس بعضهم مع بعض في المواسم والأعياد، وعلى الرغم من أن معظم الأهالي كانوا يتمتعون بصفات جسدية تؤهلهم لذلك نتيجة عملهم في الأرض إلا أن البعض لم يحبها والبعض أتقنها والآخر مثلي اكتفى بأن يكون مشاهداً متابعاً لها».

لم يعد للمصارعة وجود كما في السابق، وإنما نسمع عن قصصها فقط من أجدادنا، وأنا من جيل الشباب الذين نحب مشاهدة هذه الرياضة على شاشة التلفاز فقط أما أن نلعبها كلعبة محلية كما كانت قديماً فلا أعتقد أنها مناسبة لوقتنا ولا للاهتماماتنا

وكانت القرى في "وادي النضارة" تشتهر بإقامة احتفالاتها وسهراتها العامة وبعضاً من رياضاتها في ساحات تتوسط القرية ومع تقدم الزمن تغيرت معالم تلك القرى ومعها اقتصرت الرياضات على ذاكرة الأجداد، ويتابع: «كان معظم شبان المنطقة يقصدون ساحة القرية المستضيفة للاحتفالية إما سيراً على الأقدام أو عن طريق ركوب الدواب، وعندما تكتظ الساحة بالحضور تبدأ مباريات المصارعة حيث كان أقوى لاعبين يشاركان بأول مباراة حيث يهجم أحدهما على الآخر في عدة جولات تتراوح بين ثلاثة وأربعة لتنتهي بتثبيت الفائز لخصمه أكثر من دقيقة، ومعظم الفائزين كانوا من قرية "الحواش" حيث اشتهروا ببراعتهم وقوتهم الرياضية».

السيد لويس ابراهيم

ويروي السيد "لويس إبراهيم" بعضاً من القصص التي رافقت رياضة المصارعة وما زالت تحكى حتى الآن: «كان الرياضي المرحوم "عبود خليفة" من قرية "الحواش" من أشهر اللاعبين بهذه الرياضة وكنا نحضر كل مبارياته ويذكر أنه استطاع رفع "عرقة" المنزل وهي العتبة الخشبية الثقيلة التي تستند على أعمدة المنزل وكانت تسمى "الساموك" متحدياً مصارعاً لبنانياً أتى لكثرة ما سمع عن قوته».

تقلصت رياضة المصارعة مع حلول الستينيات من القرن الماضي نتيجة دخول وسائل الترفيه الحديثة ولم تعد مبارياتها تقام في ساحات القرى بل اقتصرت على النوادي الرياضية وبعض الاحتفالات التراثية وعن ذلك يقول الشاب "عناد العبد الله": «لم يعد للمصارعة وجود كما في السابق، وإنما نسمع عن قصصها فقط من أجدادنا، وأنا من جيل الشباب الذين نحب مشاهدة هذه الرياضة على شاشة التلفاز فقط أما أن نلعبها كلعبة محلية كما كانت قديماً فلا أعتقد أنها مناسبة لوقتنا ولا للاهتماماتنا».

الشاب عناد العبدالله