تتميز كل منطقة سكنية بلباس وعادات تعكس طبيعتها وأسلوب المعيشة فيها، ولأن "وادي النضارة" منطقة زراعية بالمرتبة الأولى مع تحليها بطابع سياحي وثقافي معين، اكتسب أهلها نوعاً مميزاً من اللباس (كالحطاطة والسروال والقمباز) الذي مازال موجوداً حتى الآن لدى البعض من كبار السن.

مدونة وطن "eSyria" جالت في قرى "الوادي" والتقت عدداً من سكان المنطقة وأولهم الجد "ابراهيم اسحق"، الذي تحدث بالقول: «تطلب عملنا في الأرض وما يشمله من زراعة وحصاد وري وتربية الحيوانات إلى نوع خاص من اللباس تميز به أهل المنطقة، وهو نوعاً ما مشابه لما ارتداه معظم الفلاحين مع اختلاف نوعي يعود لطبيعة الأرض والجو ومحاذة معظم الأراضي إن لم تكن جميعها للجبال، فقد كنا نصعد إلى أراضينا على سفوح الجبال باستخدام الدواب أو سيراً على الأقدام وهذا احتاج نوعاً متيناً من الأحذية وقماشاً خاصاً لكساء البدن».

كان القمباز مفتوحاً من الأمام لتسهيل الحركة وكان يثبت على الخصر بزنار من القماش، وعند الجلوس يرفع من كلا الطرفين ليبين بياضه وأناقة لباسه، ويترافق لباس البدن مع الحذاء المصفح بالمسامير العريضة لحمايته والحفاظ عليه وأحياناً كانوا يلبسون جزمة "البيليك"

اشترط في اللباس القديم وجود جيب كبيرة لاستيعاب الاحتياجات من نقود ودواء مع ضرورة توافر الجودة في القماش كما ذكر الجد "ابراهيم".

ترافقت "حطاطة" الرأس ذات الأهمية الكبيرة في لباس الرجال من اهل المنطقة مع طراز تحدث عنه الدكتور "يوسف الشامي" في كتابه التوثيقي "الحواش القلعة والوادي" قائلاً: «توزع اللباس بين البدن والرأس، حيث اعتمد الفلاحين على "الحطاطة" (الاسم المحلي للكوفية) المصنوعة من الحرير الشيباني أو الشاش الأبيض، وتثبت "بعقال" أسود يلبس تحته "قبعة" مصنوعة بالسنارة، إضافة "للبادة" أما الأغنياء فكانوا يلبسون الطربوش.

لم يكن في تلك الفترة خياطون مختصون بصناعة هذه الملابس التراثية، بل كانت النسوة في المنازل يقمن بصنع هذه الملابس التي كانت مفصلة ومعقدة ومقسمة إلى عدة اقسام وعن ذلك يضيف: «كان هنالك لباس للجسم يقسم إلى نوعين أولهما "الشروال" المصنوع من الجوخ أو الكتان الأسود ومطوي على الخصر بطيات عديدة من كلا الجانبين وفي أعلاه "دكة" من الحرير الأحمر مع حبيبتين كبيرتين مطرزتين بالحرير الأحمر أيضاً وبشكل هندسي بديع وأحياناً تلف حول الخصر "شملة" من الحرير الناعم، يلبس تحته "الزريقة" (أي لباس مصنوع من القطن الناعم الرقيق)، أما لباس الجسم فيكون قميصاً من الحرير أو القطن المطرز وفوقه جاكيت من الجوخ الأسود وكنزة من الصوف المنسوج يدوياً بالسنارة».

يضاف إلى لباس الجسد "القمباز" المصنوع من الجوخ أو الحرير المقلم بالأبيض والأصفر أو الأبيض والأسود وتحته سروال طويل أبيض من القطن الناعم وهنا يتابع: «كان القمباز مفتوحاً من الأمام لتسهيل الحركة وكان يثبت على الخصر بزنار من القماش، وعند الجلوس يرفع من كلا الطرفين ليبين بياضه وأناقة لباسه، ويترافق لباس البدن مع الحذاء المصفح بالمسامير العريضة لحمايته والحفاظ عليه وأحياناً كانوا يلبسون جزمة "البيليك"».

أما لباس المرأة في تلك المنطقة فكان ذا مظهر مميز أيضاً، فمعظم النساء كن صانعات للملابس وللقماش في بعض الأحيان وكن بمعظمهن يتصفن بالحشمة والوقار في سلوكياتهن الاجتماعية ولباسهن بكل فئاتهن العمرية، وعن ذلك تحدثت الجدة "حليمة عيسى" بالقول: «أرتدي اللباس ذاته الذي كان دارجاً منذ ثلاثين عاماً مضت وهو لباس تقليدي كنا نحن النسوة نتفاخر بالتفنن به على الرغم من اشتراكنا بملابس اساسية اعطت سمة لكل النسوة، حيث يبدأ بغطاء الرأس الذي يتألف من الربطة المصنوعة من الحرير الأسود ذي الشرابات الطويلة أو الشاش المصبوغ باللون الأسود فوقه اللفحة المصنوعة من الحرير ايضاً أو القطن وتلف حول العنق وتكون مطرزة بتطريزات مختلفة كانت محل تنافس بيننا، أما لباس الجسم فكنا نرتدي الكسوة وهي تشبه "التنورة" تبدأ من الخصر حتى الركبة ونثبتها بمطاط على الخصر وعلى الساقين وكنا نلبس تحتها الفانيلة القطنية وفوقها الجبونة (الفستان) فقد كان فضفاضاً طويلاً إلى اسفل الكاحل وفوقه بلوزة تسمى "البولكة" تزينها حلابة (قطعة قماش لها بندان تربط حول الخصر نجمع فيها بعض النباتات أو الثمار أو نضع بها بعض الأدوات اللازمة للزراعة أو الطبخ».

تزينت النساء الصغيرات والفتيات غير المتزوجات بالمنديل المطرز بالخرز و"حطاطة" ذات ألوان زاهية، أما نساء الطبقة الغنية من أهالي القرى فكن يرتدين "الساكو" (معطف) مع حذاء ذو كعب عال ونوعية جيدة.

من الجدير بالذكر أن الحرب العالمية الثانية حوّلت كل بيت في الوادي إلى مشغل صغير لصنع الملابس وكل شيء، والذي ساعد في ذلك وجود مادة الحرير الذي كان مصدره الرئيسي "وادي النضارة" نتيجة اشتهاره بزراعة التوت واعتماد معظم السكان تربية "دودة القز" وإنتاجها من الحرير.