في زاوية صغيرة بأحد شوارع حي "الحميدية" "بحمص" يقع أحد أشهر محال الأكلات الشعبية المصنّعة من الحليب في المدينة، وهو محل "الجلبجي".

وربما عليك الانتظار حتى الثالثة أو الرابعة صباحاً حتى تتعرف على أشهر طبق يقدمه هذا المحل الصغير، وهو "المغطوطة" المأخوذة من أول طبقة للحليب قبل غليه، و"الجلبجي" هو من أوائل المحلات التي تحولت لمطعم صغير في "حمص" يقدم مشتقات الحليب.

فالعديد من زبائننا ليسو من "حمص" ولا يعرفون عنها الكثير

السيد "عبد الحكيم بن عبد الرزاق الحجار" أحد أبناء العائلة التي أسست المحل، تحدث لموقع eHoms عن هذا المطعم الصغير، وأخبرنا بدايةً عن أصل تسمية المحل فقال: «"الجلبجي" كلمة تركية الأصل وتعني "جالب الحليب"، وقد أطلق هذا اللقب على عائلة "الحجار" في "حمص" بسبب مزاولتها لمهنة بيع الحليب والمشتقات المصنعه منه.

"السحلب"

وكان تأسيس المحل على يد جدي "توفيق الحجار" الملقب "بأبي عادل الجلبجي" عام /1859/، وكان المحل بجانب جامع "الدالاتي" الكائن في شارع" الحميدية" قبل أن ننتقل إلى شارع "أسعد حداد" عام /1991/ في الحي نفسه، وذلك بعد هدم المحل القديم».

تابع الأخوة "غازي" و"عبد الحكيم" و"عبد المتين الحجار" العمل في المحل، وعلموا أبنائهم هذه المهنة إلى اليوم الحاضر، وقد انتشر اسم المحل الذي يقدم مأكولات "الرز بحليب" و"الكاسترد" أو المعروف "بالكستر" و"السحلب" و"المهلبية" و"الجيلي" و"البوظة" إضافة لحلويات أخرى "كالكاتو"، و"الصمون" الذي يقدّم مع السحلب، أما أشهر تلك الأطباق على الإطلاق، والتي يأتي لأجلها الزبائن من أماكن بعيدة فهي "المغطوطة" الذي ارتبط بها اسم المحل منذ عشرات السنين، وشرح عنها "عبد الحكيم الحجار" فقال: «هي أكلة موسمية، يكثر بيعها في فصل الشتاء، يتم تحضيرها بصب الحليب البارد غير المغلي في صواني كبيرة الحجم، ويترك بحدود ثمان ساعات حتى تظهر طبقة تسمى "الأيما" أي وجه الحليب، ثم يوضع خبز التنور على وجه الصواني حتى يتشرب "الأيما" ويقطع ويضاف إليه السكر أو القطر، علماً أن الأيما ليست قشطة، وهي دسمة أكثر من القشطة».

"صواني المغطوطة"

يضيف "الحجار" بأن الحليب بعد ذلك يستخدم في الجبنة الحلوة التي تضاف "للقطايف" و"الكنافة".

أما ساعات الذروة بالنسبة للعمل في مطعم "الجلبجي" فهي من الخامسة فجراً حتى العاشرة صباحاً، حيث يكثر بيع "المغطوطة" و"السحلب"، ويرجّح السيد "الحجار" أن جده "أبو عادل الجلبجي" هو أول من مارس هذه المهنة "بحمص" قبل أكثر من مئة عام.

"الكستر"

عند دخولك إلى محل "الجلبجي" تشعر أنك داخل إلى أحد البيوت الأثرية، رغم التصميم الحديث للمحل لكن رؤية أصحاب المحل تطلبت ذلك، وهذا منتشر بكثرة في معظم المحال الحمصية العريقة، بوضع صور تراثية قديمة عن" حمص" لأهم شوارعها ومعالمها، إضافة لصورة فريق كرة القدم الذي يشجعه أصحاب المحل وهذا تقليد متبع جدا بحمص، ويقول "الحجار" أنه مع إخوته أخذوا على عاتقهم عرض جوانب من التراث الحمصي بالصوّر كي يشاهده كل زائر للمحل: «فالعديد من زبائننا ليسو من "حمص" ولا يعرفون عنها الكثير».

وأضاف أن عدداً من مشاهير الفن والرياضة في سورية عندما يأتون إلى "حمص" يأتون لأكل "المغطوطة الحمصية"، وذكر منهم الفنان "حسام الشاه".

يقع شارع ا"لحميدية" بمحاذاة الأسواق القديمة وعند وصل الزائر إلى مدينة "حمص" إلى ما يعرف بسوق "المسقوف" أو "المقبي" يكون على بعد أمتار قليلة من محل "الجلبجي".