لكل زمان ومكان مؤرّخوه الذين جهدوا لتدوين أدق التفاصيل والأحداث، لينقلوا للأجيال القادمة تاريخ البلاد، و"حمص" هذه المدينة العريقة تحتضن بين طيات تاريخها أسماء مؤرخين كبار عاشوا فيها وعشقوا حجارتها ودونوا حتى شؤونها الصغيرة. ومن هؤلاء المؤرخ "غازي حسين آغا" ابن مدينة "حمص" ومؤرخها الذي التقاه eHoms في منزله، وعن اهتمامه بالتأريخ كان حديثه معنا فقال:

«التاريخ قراءة واستنطاق واستنتاج، فالذي يريد أن يقرأ التاريخ عليه أن يستنطق، وجلّ اهتمامي بالتأريخ وغايتي منه هو عشقي لمدينتي "حمص" ورغبتي بالحصول على المزيد من المعرفة فأي شيء له تاريخ، فالتاريخ هو ذاكرة الأمم، وهو حافز للمستقبل والأعمال، وأنا أتحرى دائماً الصحة في الخبر وأعتمد في كل ما أكتب على الوثيقة».

معظم ما كتب عن مدينة "حمص" أُخذ عن المخزون الموجود لدي ولدى عائلتي، كما أني اكتسبت فائدة كبيرة من التأريخ وهي أني إذا مشيت في "حمص" أقرأ حجارتها وأتمنى أن أنقلها إلى الناس لكنني لا أجد مهتماً

وعن المرجعية التي يعتمدها "آغا" في تأريخه يقول: «نشأت في أسرة لها تراث عريق في التاريخ، فوالد جدّي كان من أوائل المهندسين في ظل الحكم العثماني وكان له نشاط معماري مميز، فهو الذي أدخل الطراز المعماري إلى "حمص" ومنها: "قصر الدروبي" الذي كان مدرسة غربية معمارية متكاملة، وبناءٌ فريد من نوعه في سورية كما أنه هندس سرايا "حمص" على النمط المعماري الأوروبي وذلك سنة /1884م/ وقد تطرق المؤرخ "نعيم زهراوي" إلى ذكره في كتابه "حمص أسر وأماكن عبادة" في جزئيه الثاني والثالث وفي مذكرات المطران "أثناسيوس" كما كان يعد التقويم السنوي "سالنمه" الذي تصدره الدولة العثمانية. وقد تعلم جدّي الشيخ "محمد سعيد" عن والده الكثير وأنا أخذت عن جدّي الذي يعتبر في أيامه ذاكرة المدينة في حاضرها وماضيها فقد أنجز العديد من الكتب منها كتاب "مذكرات حمص" وكتاب وفيات وسجل وفيات العامة والخاصة، وسجلات خاصة بنفوس مدينة "حمص" وكتابين في الفقه الشافعي، وكتاب في قصة المولد النبوي الشريف، وكانت مذكراته هامة جدّاً فلها إسقاطات على مختلف الصعد، فكانت الوثائق والكتب والمخطوطات التي خلّفها وراءه مرجعاً مهماً لي يساعدني على التأريخ».

المؤرخ "غازي حسين آغا"

أما عن تخصصه في مجال معين فيقول "آغا": «لم أختص في شيء محدد فأنا أؤرخ، وأكتب في التصوف، والتنسيب، فلي في التصوف مجلدين هما: "الطريقة السعدية في بلاد الشام" و"رسائل في التصوف" منها ما طبع ومنها ما هو مخطوط، وأيضاً "خميس القدس في مدينة حمص" وقد ترجم قسمٌ منه إلى اللغة الفرنسية، "الطرق الصوفية في مدينة حمص" وكتاب "نقابة السادة الأشراف في بلاد الشام"».

أما بالنسبة لكتب النسب فمنها:

أمام مكتبته الغنية

«كتاب عن نسب الإمام الهادي "عليه السلام" بعنوان "إثبات العقب في السيد أبي جعفر محمد ابن الإمام علي الهادي" وكتاب "العمدة المبسوط في أنساب السادة الأشراف السعديين".

ويبين المؤرخ "آغا" بأن معظم الأعمال التي يشارك فيها تتعلق بمساعدة الدارسين لموضوعات الأسواق القديمة وأماكن العبادة، إضافة لتزويد المهندسين المهتمين بالمعلومات التاريخية، وكذلك بعض المستشرقين، إضافة لاهتمامه الخاص بقراءة بعض الفرمانات والوثائق العثمانية».

وعن مدينة "حمص" ومكانتها التاريخية قال: «أرى "حمص" غنية جداً بتاريخها ومعالمها التي تعود لأجيال مضت والتي احتضنت العديد من الأسر الحاكمة، وتركت فيها بصمات عمرانية ودينية كثيرة إلا أنها بمعظمها طمست، وأعتقد أن من أهم معالم المدينة "جامع النوري الكبير" من الناحية العمرانية، وكرمز للمدينة بلا شك "جامع الصحابي خالد بن الوليد"».

المدرس "محمود ظنطح" مدرس مادة التاريخ أعطى رأيا في شخصية المؤرخ "غازي حسين آغا" واعتبره حدثاً هاماً في تاريخ "حمص" وثقافتها لأنه يعتبر مرجعاً توثيقياً للمنطقة وتاريخها وأنسابها وعاداتها وتقاليدها.

"حسن اليوسف" طالب في قسم التاريخ في جامعة "البعث" بمدينة "حمص" أشار إلى الفائدة التي يحصل عليها الناس وخاصة طلاب قسم التاريخ من مؤلفات المؤرخ "آغا" وأبحاثه التاريخية الهامة والتي تعتبر مرجعاً مهماً لطلاب الجامعة لما يمثل وجود مؤرخين متميزين نقلة نوعية في مجال التأريخ والمحافظة على نقل المعلومات إلى الأجيال القادمة بطريقة أمينة وصادقة.

يذكر المؤرخ "آغا" أموراً كثيرة حققها في التأريخ فيقول عنها: «معظم ما كتب عن مدينة "حمص" أُخذ عن المخزون الموجود لدي ولدى عائلتي، كما أني اكتسبت فائدة كبيرة من التأريخ وهي أني إذا مشيت في "حمص" أقرأ حجارتها وأتمنى أن أنقلها إلى الناس لكنني لا أجد مهتماً».

الجدير بالذكر أن المؤرخ "غازي حسين آغا" وهو من مواليد /1954م/ وعضو عامل في الجمعية التاريخية، مجاز إجازات عالية في الفقه الشافعي والتفسير والحديث، كما أنه مجاز بثبت الشيخ "أحمد سليمان الأروادي" النقشبندي وبثبت السنوسية في العلم وإجازة سلسلة إلى الإمام الشافعي، ومجاز في الطريقة النقشبندية في التصوف، وإجازة عامة في الطريقة السعدية ومجاز في علم النسب الشريف عن أكبر ثلاثة نسابين في العالم الإسلامي، وضع أول كتاب عن الطريقة السعدية، متزوج وله ثلاثة أبناء.