دخلت إلى قرى "وادي النضارة" بقوة وتميزت وانتشرت في العديد من مزارع الأهالي نتيجة لزيادة الحاجة إلى بعض المحاصيل الزراعية التي لا تتوافر في جميع فصول العام.

فمع بداية عام 1984 تم بناء أول بيت بلاستيكي في منطقة "وادي النضارة" من قبل المهندس "جبرا حريقص" من قرية "عناز" الذي تحدث عن هذه التجربة لمدونة وطن "eSyria" التي التقته بتاريخ 7/2/2013: «أتتني الفكرة بإنشاء مشروع البيوت البلاستيكية جراء ارتفاع ثمن الخضراوات التي يتم استيرادها من لبنان التي تعتمد على البيوت البلاستيكية في تأمين أنواع معينة من المحاصيل، وتجلت تجربتي الأولى بصناعة بيت بلاستيكي بطريقة بدائية وفشل التدفئة فيه أدى إلى كساد المحصول، وفي السنة التالية قررت الذهاب إلى لبنان للحصول على خبرة إضافية في انشائها حيث قمت بصنع "الشودير" (جهاز للتدفئة) بنفسي ولم تنجح تجربتي للمرة الثانية بسبب انقطاع الكهرباء وفي السنة الثالثة قمت بشراء مولدة كهربائية لضمان تدفئة المحصول وبالتالي ضمان نجاحه».

واجهتني عدة صعوبات أولها تأمين التدفئة اللازمة لنجاح الزراعة وإصابة المحاصيل بعدد كبير من الأمراض والآفات التي كان لابد لي من علاجها باستمرار

امتدت تجربة المهندس "جبرا" الأولية على مساحة 600 متر مربع أتت بمحصول هائل من الخضار وصل إلى 14 طناً من بيت بلاستيكي واحد ولم يخل ذلك من عدة صعوبات واجهت هذا النوع الجديد من الزراعة وعن ذلك يضيف: «واجهتني عدة صعوبات أولها تأمين التدفئة اللازمة لنجاح الزراعة وإصابة المحاصيل بعدد كبير من الأمراض والآفات التي كان لابد لي من علاجها باستمرار».

مجموعة من اليوت البلاستيكية

يزيد عدد البيوت البلاستيكية حالياً في المنطقة على2500 بيت تتوزع بين عدة قرى وعن ذلك تحدث المهندس الزراعي "الياس خوري" أحد مهندسي الإرشادية الزراعية في قرية "الحواش"، قائلاً: «تتوزع البيوت البلاستيكية في سهل البقيعة بين عدة قرى بأعداد متفاوتة في"عناز، عيناتا، الحواش" وتكثر البيوت البلاستيكية في هذه القرى نتيجة لكثرة عدد الفلاحين والعاملين بالزراعة وملاك الأراضي الزراعية التي تنتشر بكثرة في المنطقة».

أتى انتشار هذا النوع من وسائل الزراعة في المنطقة كصدى للنتائج الايجابية المترتبة عليها مثل وفرة المحصول وقلة التكلفة مقارنة بالزراعة التقليدية ولكنها تختص بأنواع معينة من المحاصيل وهنا يضيف: «زرعت البيوت البلاستيكية في منطقتنا بعدد من المحاصيل الزراعية مثل "لخيار" و"البندورة" و"الفريز"، وانحصر ذلك إلى الفريز فقط بسبب ضعف التدفئة وغلاء المحروقات وعدم توافرها دائماً واقتصر محصول البندورة على البيوت البلاستيكية الخاصة بقرية "الحواش"، حيث يرغب معظم المزارعين بمحصول الفريز لكونه الأوفر تكلفة والأكثر انتاجاً».

المهندس الياس خوري

تحتاج البيوت البلاستيكية لنوع معين من الرعاية، ومن اهم أركانها الحماية من الحشرات وخصوصاً العناكب والعفن والبياض الزغبي والبياض الدقيقي، إضافة لمعايير أخرى، وهنا يذكر: «تأمين التدفئة الملائمة والحماية من أحوال الجو المتقلبة وتوفير الماء باستمرار لإروائها أهم ما تحتاجه البيوت البلاستيكية التي يتم التلقيح فيها عن طريق الهرمونات على الرغم من مضارها وآثارها السلبية مقارنة بالتلقيح عن طريق النحل الطنان إلا أنها الوسيلة الوحيدة المستخدمة في الشرق الأوسط ومن ضمنها منطقتنا».

وعن انواع البيوت البلاستيكية يقول: «للبيوت المحمية حوالي عشرة انواع، والنوع الأكثر شيوعاً في منطقتنا هو الشكل نصف الأسطواني ويتميز كل شكل بمواصفاته التي ترتبط بمدى ملاءمته للظروف المناخية التي سيتم انشاؤه فيها».

الزراعة المائية

وعن آلية عملها وآثارها السلبية يوضح: «بالسيطرة والتحكم المنتظم ليتم ضبط الحرارة لضمان التدفئة شتاءً والتبريد صيفاً، وكذلك التحكم بالرطوبة المناسبة وحماية النباتات من التيارات الدافئة والباردة والأمطار والآفات الزراعية.

إلا أن لها آثاراً سلبية تتجلى بتأثيرها على طبقة الأوزون واستخدام الهرمونات في التلقيح بدلاً من النحل الطنان كما في الدول المتقدمة كما أنها تؤدي إلى التصحر نتيجة زراعة أكثر من موسم في العام. وبالتالي القضاء على خصوبة التربة بظهور الآفات الزراعية فيضطر الفلاحون إلى اللجوء إلى التعقيم أو استبدال التربة وبالتالي التصحر غير المعروف وخروج مساحات من الأراضي من الخدمة، وفي الحقيقة فإن عدم الانتباه إلى طريقة التعامل مع الأرض يؤدي إلى مشكلات بيئية وصحية».

أولت الدولة أهتماماً بالغاً بهذا النوع من الزراعة، وحالياً يتم تنفيذ مشروع قيد التجربة لمعرفة مدى نجاحه ألا وهو الزراعة المائية، حيث تزرع الشتلات بأنابيب بلاستيكية من دون تربة مع استمرار ريها بالماء بشكل دائم وهذا المشروع برأي المهندس "الياس خوري" قد لا يكتب له النجاح بسبب غنى الأرض في المنطقة بالمواد التي تحتاجها النباتات أكثر مما يتوافر في الماء، وإنما تنجح في المناطق ذات التربة الكلسية والمالحة والأراضي غير الصالحة للزراعة.