منذ طفولته المبكرة وروحه تهفو للتميز، فكان يذهل رفاقه بموهبته في الرسم فيشككون بأنّها مطبوعة، ولكن الرسم لم يرضِ طموحه بوجود العمالقة في هذا الفن، فابتكر فناً يعتمد على مخلفات البيئة ليشكل صرخة في عالم الفن، فأنتج تُحفاً أغرتْ السائحين باقتنائها.

التقت مدونة وطن "esyria" مع الفنان "أحمد رمضان العلي" بتاريخ 8 تموز 2019 ليحدثنا عن بداية انطلاقته الفنية، قائلاً: «بدأتُ الرسم منذ الطفولة المبكرة، فكان أشدُّ ما يسعدني أن أرى الذهول في عيون نظرائي عند رؤية رسوماتي، واتهامي بأنني قمت بطباعتها، ثمّ تحولت للألوان الزيتية في المرحلة الثانوية، ولكنني لم أشعر بالتميز الذي أبحث عنه بوجود عمالقة من الرسامين والنحاتين، فبدأت رحلة البحث عن فن يميزني فتحولت إلى فن جديد هو إعادة تدوير مخلفات البيئة، فقمت بتصميم أول وثاني نموذج وكان جمهوري المعجب بأعمالي عائلتي وأصدقائي، حيث أثنى الجميع على الفكرة وشجعني، فكان عملي مبنياً على التجارب للخروج بشيء مميز، وبعد الأزمة سلط الإعلام الضوء على أعمالي لتميزها وغرابتها، ما شكل حافزاً أكبر لابتكار كل جديد، مع أنّ أعمالي كانت من وحي الموهبة والتجريب ولم تبنَ على دراسة أكاديمية، فأقمت أول معرض في المركز الثقافي في "حمص" مع اتحاد العمال عام 2005، فأحدث صدىً وسط حضور إعلامي لافت، ومطالبة المهتمين بتعليم هذا الفن الذي استخدمت فيه أدوات بسيطة لتخرج تحفاً، ففيها إحياء للتراث والمهن التقليدية وإعادة تدوير مخلفات البيئة، فشعرت بالمسؤولية وبضرورة أن أضعَ نفسي تحت تصرف الشؤون الاجتماعية والعمل، فتفرغت مدة أربع أشهر لتدريب المعوقين، وأثمرت الدورة عن معرض مميز، ومن مميزات هذه الدورات أن يجلسَ على الطاولة نفسها أعمارٌ مختلفةُ، لتتشكّل بينهم علاقات أسرية حميمة».

من أهم الموضوعات التي تناولتها التراث القديم من جوامع وكنائس وحارات قديمة على هيئة لوحات ككنيسة "أم الزنار" وجامع "الدالاتي" فحاولت أن يكونَ عملي توثيقياً، وعندما رآها السياح نظروا لها كتحفٍ يتمنون اقتناءها، ولكن رفضت بيعها رغم أنّه وصل عدد أعمالي لـ500 عملٍ بين لوحات صغيرة وكبيرة وهي عبارة عن تجارب مختلفة لتطويع مخلفات البيئة، ويعود رفضي لبيعها، لأنّه لدي مشروعي بنشر هذا الفن على مستوى القطر للعمل على تعليمه لأبناء الشهداء والمفقودين والجرحى

وتناول بحديثه الجهات التي عمل معها، قائلاً: «عملت مع الشبيبة سنين عديدة كمدرب متطوع، فحصلت على العديد من شهادات التقدير على عملي، أقمت العديد من الدورات بهدف تعليم أبناء الشهداء والمفقودين هذا الفن، ثمّ اتجهت نحو الجرحى القادرين على العمل، فكنت أحد مؤسسي فريق "صامدون رغم الجراح" لجرحى الحرب، حيث استقطبنا العديد من الجرحى، وكنت أشترط لتعليمهم أن يقومَ كل واحد من المتدربين بتدريب عشرة من رفاقه، بهدف نشر هذا الفن ليكون مهنة لهم، لما لهذا الفن من رفد لاقتصاد الوطن، من المعارض المميزة عام 2013 حيث فوجئنا بحضور قرابة 16 ألف شخص كمجموع عدد الزوار طيلة أيام المعرض، ويعود السبب لحضور قطاع التربية من مدرسين وموجهين، حيث شكّل المعرضُ صدمةً للحضور لما يتمتع به من مستوى عالٍ، بهدف إثبات أنّ "سورية" بخير وأنّنا لحمة وطنية لا تفرقنا طائفة أو مذهب، أقمنا المعرض في حديقة عامة، وقد حصلت على العديد من الجوائز على أعمالي، حيث كنت أشارك سنوياً بين 3 و 4 معارض سنوياً، ومن أبرز المعارض تلك التي أقيمت بالتعاون مع منظمة "الشبيبة" بمدرسة المتفوقين، فأُصيب الطلابُ بالدهشة عند رؤية إتقان اللوحات وجمالها فقمنا بتعريفهم على المواد المستخدمة في تشكيل العمل، وأشارك سنوياً بمعارض فرع شبيبة "حمص" منذ عام 2011 وحتى الآن».

نهاد طهماز

الموضوعات التي تناولها، قال عنها: «من أهم الموضوعات التي تناولتها التراث القديم من جوامع وكنائس وحارات قديمة على هيئة لوحات ككنيسة "أم الزنار" وجامع "الدالاتي" فحاولت أن يكونَ عملي توثيقياً، وعندما رآها السياح نظروا لها كتحفٍ يتمنون اقتناءها، ولكن رفضت بيعها رغم أنّه وصل عدد أعمالي لـ500 عملٍ بين لوحات صغيرة وكبيرة وهي عبارة عن تجارب مختلفة لتطويع مخلفات البيئة، ويعود رفضي لبيعها، لأنّه لدي مشروعي بنشر هذا الفن على مستوى القطر للعمل على تعليمه لأبناء الشهداء والمفقودين والجرحى».

أما المواد التي استثمرها في عمله، قال عنها: «استخدمت في عملي كل ما استطعت تطويعه من الطبيعة، فكانت المادة الأساسية بذر الزيتون ونوى التمر ونشارة الخشب وقشر الشجر، وقمت بتطعيم لوحاتي بالمعادن من التوالف كعلب المشروبات الغازية، ومن أهم إنجازات هذا الفن استخدام مادة العجمي أو الخيط النباتي، وعملت على تلبيس الزجاج والرسم والزخرفة، فصنعت من أغصان الشجر عصفوراً، وكنت أقوم بزراعة البذور على قطع الخشب بطريقة الفسيفساء، وصنعت سفينة مصغرة من قطع الخشب والنحاس بطريقة فنية، وطعّمت الخشب بالصدف والبذور وقطع النحاس، أما الطائرة القديمة فهي من أغصان الشجر وقابلة للفك والتركيب دون وضع مسمار واحد وجميعها أعمال يدوية تحاكي التراث، ضمن قناعة لدي بأنّه لا يوجد شيء لا يمكن استثماره».

منزل مصنوع من نوى التمر وبذر الزيتون

"نهاد طهماز" من فرع منظمة "الشبيبة" بمحافظة "حمص" قالت: «تعرفت على الفنان "أحمد العلي" أثناء بحثنا عن مدرب لمجموعة من الجرحى بعد أن قصدنا العقيد الراحل "ياسر الشاويش" عند إنشاء جمعية "صامدون رغم الجراح" عام 2011، حيث تواصل زميلي "علي عباس" مع الفنان "العلي"، فأذهلني اندفاعه وحماسه فسارع لتدريب الجرحى كمتطوع، وقدم وقته وجهده وتبرع بالمواد الأولية لأول مرة، فكانت مدة الدورة ثمانية أيام، وأثمرت عن معرض في مدرسة "محارب الأحمد" وكان هو المدرب الوحيد للجرحى، ومن خلال تجربتي الأولى معه وجدت أنّه يمتلك مواصفاتٍ نحتاجها في عملنا وهي العطاء والإحساس بالآخر وبالفن والرسالة التي يريد إيصالها وهي خدمة الوطن مهما كان الثمن، فطلبنا منه أن يقومَ بتدريب مجموعةٍ من شباب منظمةِ "الشبيبة" ممن يمتلكونَ موهبة، ويحتاجون ليدّ ترعاهم وتوجههم، فلم يترددْ وكان نتيجة ذلك أكثر من 10 معارض منها مهنية وفنية فكان الشريك بلوحاته وبالتدريب والتأهيل والتنظيم، وكان آخرها وأمتعها المعرض الذي أقمناه في مدرسة المتفوقين، ليقدم رسالةً بأنّ التفوقَ ليس دراسياً فقط وإنّما يترافقُ مع إبداعٍ بالرسم والفنون الأخرى، وآخر نشاط لنا كان في عام 2019 من توالف البيئة وتحويلها لتحفٍ فنية، حيث شارك كعادته بلوحاته وجهده، وقد التزم معنا بكل المعارض منذ 2011، فساعد المواهب الشابة بإنتاجهم وبطرق وأساليب عرض منتجاتهم وطرق تسويقها بطريقة إيجابية».

يذكر أنّ الفنانَ "أحمد رمضان العلي" من مواليد "حمص" عام 1963.

نماذج من أعمال الفنان