رغم مرور السنين، وكثرة الالتزامات الاجتماعية ومتطلبات الحياة الأسرية، لم تبتعد عن الفن، وهو أيضاً لم يبتعد عنها.

لا تتأخر السيدة "أميمة السيد" اليوم عن أية دعوةٍ تتلقاها للمشاركة بإحياء موالد الأفراح، ومشاركاتها كلها تبرع وتقدمة مجانية لأصحاب الفرح، لأنها بهذه المشاركة كما تقول تكون في قمة السعادة وتستذكر سنوات الشباب حين كانت تغني مع فرقة نادي "دوحة الميماس" الموسيقيّة في الكثير من المناسبات الثقافيّة والوطنيّة.

وقع كبير على الجمهور، وخاصة الأغنيات الانتقادية والثورية التي كنّا نؤدّيها في مسارح "الزهراوي" والكلية الحربية

"مُدوّنة الموسيقا السورية" في "eSyria" التقت بالسيدة "أميمة" فتحدثت أولاً عن بدايات اكتشاف الميول نحو الموسيقا والغناء: «درست الابتدائية في مدرسة "المروانية" بمدينة "حمص"، وذات يوم كلفتني مدرِّسة التربية الدينية في إحدى الحصص بقراءة القرآن ترتيلاً وكان عمري حينها حوالي سبع سنوات وعندما بدأت بالترتيل اجتمع على نوافذ الصف مديرة المدرسة ومجموعة من الكادر الإداري والتدريسي، وقد جذبهم قوة وجمال الصوت الذي لدي، فقامت مديرة المدرسة بإخبار أهلي بالعناية والاهتمام بي لما وجدوا لدي من موهبة صوتية.

السيدة "أميمة السيد" أيام الشباب

وتفاجأ والدي أن لديّ هذه الإمكانيّات الصوتيّة على الرغم من والدي المرحوم "فوزي السيد" كان موسيقيّاً يغني ويلحّن وله عدد من التسجيلات في الإذاعة السورية وإذاعة الشرق الأدنى في "القدس" وكنت أجلس وأستمع له منذ طفولتي الأولى حين كان يؤدي المواويل والأغنيات المتنوعة وهو يعزف على العود».

وعن انتسابها "لدوحة الميماس" ومشاركاتها الأولى مع الفرقة الموسيقيّة تقول: «إخوتي كلهم كانوا يتمتعون بأصواتٍ جميلةٍ وقويّةٍ، وما دفعني وشجعني للانتساب إلى نادي "دوحة الميماس" للموسيقا أخي الكبير "أسامة"، أحد أعضاء النادي، كان يغني ويكتب ويلحن.

إحدى مشاركاتها مع فرقة "دوحة الميماس"

وفي أول دخولي النادي طلب مني رئيس نادي "دوحة الميماس" المرحوم "عبد الرحمن الملوحي" وبعض الأساتذة الموجودين تقديم أغنية، فقدمتها وأعجبوا بالأداء كثيراً وتأثروا لما قدمت، وتم قبولي في الفرقة الموسيقية، وكانت أول مشاركة لي مع الفرقة أمام الجمهور في مسرح الكلية الحربية "بحمص" في أيام الوحدة بين سورية ومصر نحو العام 1960، وكان عمري ثلاثة عشر عاماً، وقدمني عريف الحفل باسم "مطربة حمص الكبرى.. أميمة السيد"، وبعدها غنيت مع الفرقة في حفلة أحيتها بنادي الضباط "بحمص"، وأذكر حينها أنني قدمت أغنية للرئيس الراحل "جمال عبد الناصر" بعنوان "عربي عربي"، وبعد أن قدمتها حملني الجمهور على الأكتاف لشدة إعجابه بالصوت والأداء.

وتلقيت تدريباتي الموسيقية والصوتية على يد الأساتذة "عدنان عبد النبي" و"فايق السقا" و"سميح البنك" إضافة إلى والدي في البيت.

تؤدي أغنية مشتركة مع أخيها "أسامة" في إحدى الحفلات

وفي نفس الوقت كنت إحدى العناصر الأساسية في فرقة رقص السماح التابعة لنادي "دوحة الميماس" بإشراف الأستاذ "عبد الجليل عبد المولى"».

بعد انطلاقتها مع فرقة "دوحة الميماس" قدمت السيدة أميمة بعض الأغنيات الخاصة والتي كانت من كلمات وألحان شقيقها "أسامة" وبعضها من كلمات وألحان الأستاذ "ثابت الجندي".

وذكرت لنا أن هذه الأغنيات كانت لها: «وقع كبير على الجمهور، وخاصة الأغنيات الانتقادية والثورية التي كنّا نؤدّيها في مسارح "الزهراوي" والكلية الحربية».

وأضافت: «كانت أياماً جميلة جداً مع فرقة نادي "دوحة الميماس" التي كانت تزخر بالموسيقيين المتميزين وأصحاب الأصوات الجميلة.

وعن علاقتها مع الفلكلور الغنائي قالت "السيد": «لقد حفظت وغنيت الكثير من الأغنيات والمقطوعات الفلكلورية، وأكثر شيء المواويل التي كنت أحفظها منذ طفولتي من خلال سماعي لوالدي وتقليده، وفيما بعد قدم لي والدي عدداً من المواويل الخاصة وكنت أؤديها في الحفلات مع الفرقة».

أما من جهة رأيها بتطوير الفلكلور بما يناسب العصر فقالت: «لا أحبذ هذه الفكرة أبداً، لأنني أعتقد أننا يجب أن نؤدي الفلكلور على أصوله، ومن الضروري الحفاظ على تراثنا الموسيقي وإحيائه من جديد».

وعن أبرز مشاركاتها مع فرقة "دوحة المياس" قالت: «شاركت مع فرقة "دوحة الميماس" في العديد من الفعاليات والمهرجانات الثقافية في "حمص" وفي "دمشق" وحصلت على عدد من الدروع التكريمية وشهادات التقدير، منها من محافظ "حمص" "مصطفى رام الحمداني".

وقدمت أغنية "ديو" في إحدى الحفلات مع الفنان الراحل "فهد بلان" في "حمص" في مسرح سينما "أوبرا" بأغنية "آه يا قليبي" وكانت أغنية جميلة ولها وقع على الجمهور.

كما شاركت مع فرق الدبكة في الإذاعة والتلفزيون وسجلنا عدداً من اللوحات الفنية، إضافة إلى مشاركات في "بيروت" لبنان وفي "اسطنبول" تركيا، وكان لي شرف التعرف على عدد من الموسيقيين والفنانين كالفنانة "مها الجابري" والفنانة "هالة رمزي".

كما شاركت في التمثيل بعدة أدوار تمثيلية مع "يوسف وهبي" و"علوية جميل" و"أبو بكر عزت" في مسرح سينما "أوبرا"، كما شاركت بأدوار تمثيلية مع الممثلين "ماهر عيون السود" و"محمود طليمات"».

وأضافت: «اليوم أجلس على شرفة منزلي وأسترجع الأغنيات القديمة من أرشيف ذاكرتي وأعيد غنائها وأستذكر الأيام الجميلة التي عشتها مع الغناء والموسيقا وكيف كنت أطل على المسرح، وأستذكر والدي حين كان يقدم أغنياته، وأخرج يومياً من بيتي مشياً على الأقدام وأرجع مشياً على الأقدام، وأغني بصوت منخفض وأنا أمشي على الطريق، وأكون حينها بقمة السعادة، ولم أنقطع إلى اليوم عن التردد إلى مقر نادي "دوحة الميماس" الذي نشأت وتعلمت فيه الكثير».

الجدير بالذكر أن السيدة "أميمة السيد" خريجة المعهد الصحي باختصاص "القبالة"، وعملها الأساسي قابلة قانونية، وهي ربة منزل حريصة على تربية أبنائها تربية صالحة ولديها أربعة أبناء، ابنين ذكور وابنتين إناث».