سحره القانون بإمكانياته الموسيقية الهائلة التي تنقله بين الشرق والغرب وتضفي على أحلامه المستقبلية هماً اجتماعياً وطبياً مميزاً، العلاج بالموسيقا وإبراز اللحن "السوري" الأصيل أكثر ما يعمل عليه العازف "نوري المحمد" ويسعى لتحقيقه في حياته المهنية.

موقع eHoms التقاه وكان الحديث التالي:

  • لا بدّ من وجود أساسيات وقواعد لدخول المجال الموسيقي، فكيف بدأت أنت؟
  • إحدى الفرق الشرقية في كلية التربية الموسيقية

    ** الموسيقا لحن الحياة في كل مكان ومنزل، فكل طفل له أغنيته الّتي يشدوها منذ صغره وأنا واحد من أولئك الأطفال الذّين أحبوا الموسيقا كهواية حتى عمر الثانية عشرة، فبين الغناء على المسرح في نادي الشبيبة والعزف على الترمبون في فوج الكشّاف، بدأت أحس بأننّي أريد الأكثر من ذلك ولاسيّما بعد نجاحي في الشهادة الثانوية وقبولي في كلية الهندسة الزراعية الّتي قضيت فيها عاماً كاملاً، وعندها حصل التحول في حياتي بعد افتتاح كلية الموسيقا في حمص ورأيت فيها حلما يتحقق من خلال احتراف الفن بشكل أكاديمي وفعلاً قبلت فيها كعازف ترمبون.

  • لماذا القانون بعد الترمبون؟
  • ** العزف على آلة معينة هو أحد شروط الانتساب لكلية الموسيقا ولكي أستطيع ذلك دخلت إليها كعازف على الترمبون، إلا أننّي سحرت فيما بعد بآلة القانون عندما سمعت الأستاذ "باسل الصالح" في دمشق والأستاذ "سليم سالم" من العراق وعرفت بأنّها آلة مقلة بالعازفين عليها ومجالها واسع جداً، وتستوعب كمّاً هائلاً من المقامات الشرقية والغربية في آن واحد، ولأنّي واجهت صعوبة بالغة في بداية انتقالي من الترمبون إلى القانون أخضعت نفسي لدورة تدريبية مدتها ستة أشهر في دمشق لتعلّم القانون ونجحت بها، واستمر ذلك طوال دراستي في كلية الموسيقا، مع تدريب يومي من 8-10 ساعات ساعدني فيها وجود نوتات كثيرة مختصة بالقانون ضمن الكلية.

  • ما الّذي يميز آلة القانون بعد احترافك لها، وباعتقادك هل هي آلة تخدم اللحن الغربي أم شرقية بحتة؟
  • ** القانون كآلة في المنحى العلمي هي غربية الأصل لأنها من "أذربيجان" و"أرمينيا" ولكونها آلة ذات مجال واسع، يمكن العزف عليها بالرتم الغربي أو الشرقي، والخلط لكونها شرقية آتٍ من كون العرب ينسبونها "للفارابي" الذي اخترع آلة تشبه القيثارة التي عزف عليها سيدنا "رافئيل" وطورها الغرب لآلة "الهارب"، أما ما اخترعه "الفارابي" فهو قيثارة دون صندوق مصوت، وهو ما أضافه عليها "الأذربيجانيون" وزادوا عليها أوتاراً إضافية حتى بلغ عدد أوتارها عملياً 72 وترا، ونظرياً كما يبدو للناس 78 وتراً تمتدّ على ثلاثة "رجسترات"- مصطلح موسيقي- وثلاثة أو أربعة علامات موسيقية، لذلك فهي آلة تستوعب كل الألحان الشرقية والغربية وهذا بالتالي يميزها عن باقي الآلات، إضافةً إلى أن التعلم عليها يكون سهلاً في البداية ويزداد تعقيداً وصعوبةً مع الاحتراف، لأن التنوع الموسيقي عليها يصبح هائلاً، واستخدام كلتا اليدين أثناء العزف يصبح ضرورياً، فإحداهما للعزف والأخرى لضبط مقامات الآلة.

  • تعتبر نفسك مستمعاً جيداً لموسيقا القانون العالمية وعازفي الآلة المخضرمين؟
  • ** أعتقد أنني كذلك ولاسيما الطراز الشرقي والعربي تحديداً، ومن "حمص" أحبّ موسيقا "جورج أبيض"، وبالمجمل فإنّ الطابع الشرقي هو الأجمل بمقامات "البيات والصبا" التي يتميز بها التراث "العراقي والتركي" والتي تضفي حنيناً وشاعريةً لامثيل لها، وهذا لايعني أن الطابع الغربي على القانون ليس جميلاً إلا أنني لا أفضله.

  • أنت عازف ومدرس موسيقا فأيهما تفضل؟
  • ** حلمي الأساسي هو العزف واحترافه وهو ما أسير عليه وأسعى له في حفلاتي وعلى المسرح، وما أسعى لتطويره في بعثتي الخارجية، أمّا مهنتي الأخرى كمدرس لآلة القانون في كلية التربية الموسيقية فهو أمر هام لاكتساب مهارات إضافية ولفتح باب التعلم والتعليم في آنٍ واحد.

  • حدثنا عن حفلاتك الموسيقية وأكثر ما اكتسبته منها؟
  • ** أول حفلاتي التي شاركت بها كانت في سنتي الدراسية الثانية كعازف صولو في الأوركسترا الغربية وكانت الآلة الوترية الوحيدة بين آلات نفخية غربية مثل "الترمبون، الكلارينيت، السكسفون" وعلى الرغم من الغرابة التي طرحها على المسرح من خلال وجوده بين تلك الآلات إلا أنّ أداءه كان جميلاً جداً ولاقى استحساناً واضحاً، شاركت بعدها في حفلات داخلية في أغلب المحافظات أجملها في المركز الثقافي الروسي "بدمشق"، وخارجية في "دبي- برج العرب"، "شنغهاي، كوانزو- في الصين" وفي كل ما سبق أفضل ظهوري بالطابع الشرقي السوري تحديداً.

  • أين تصنّف نفسك كعازف قانون في سورية؟
  • ** عازفو القانون في سورية نادرون ومعروفون لقلتهم فهنالك من الأسماء المعروفة جداً "توفيق ميرخان"، "سامر صالح"، "وافي قهوجي" وقد أصنف من أولئك العازفين، وأتمنى أن أصل لمستويات عالية جداً.

  • ما سبب هذه الندرة في عازفي القانون؟
  • ** للأسف نحن نضطر كعازفي قانون أن نختص في الخارج ولاسيما في "أرمينيا" و"أذربيجان"، و"تركيا".....، وهنا نكون فقدنا الطابع السوري، وبالتالي فإن المحافظة على الأداء والتراث السوري على أية آلة موسيقية يطور العازف ويطور المستوى الموسيقي بالكامل.

    * ما مشاريعك المستقبلية؟

    ** أحضّر نفسي حالياًَ لمشروع ماجستير في فرنسا لكوني الحائز المرتبة الأولى في اختصاصي وسيكون موضوع الرسالة هو الخلط بين الطابع الشرقي والغربي الكلاسيكي، وفي المستقبل البعيد سأعمل على مشروع العلاج بالموسيقا بالتعاون مع أطباء اختصاصيين ومرشدين نفسيين وفي مركز عالي التجهيز، ولاسيمّا أنّه موضوع غاية في الأهمية يمكن من خلاله الاستعاضة أو التقليل من استخدام الأدوية الكيميائية، مثال عليه أننّي قد أساعد شخصا يعاني من صداع بإعطائه موسيقا مهدئة بدل الدواء الكيميائي إضافة إلى علاج حالات المرض النفسي والشلل وسرطانات الأطفال وهذا موضوع مطروق ومتداول في أوروبا وقد أثبت فعاليته الكبيرة.

    الجدير ذكره أنّ "نوري المحمد" من مواليد "حمص"، مدرّس في كلية التربية الموسيقية.