بعمر الإثني عشر عاماً، حمل في جعبته موهبته اليافعة وكتبه وكل ما سمعه من حكايات وما اعتقد بأنه خرافات إلى خشبة المسرح التي يسكنها.

"تمام العواني" المسرحي العتيق الذي تعرفه "حمص" ومسارحها التقاه موقع eHoms بتاريخ (20/1/2009) ليحدثنا عن تجربته وأحلامه المسرحية.

لم يستطع ولن يستطيع أي شخص أن يعيش دون حب، وأنا لا أعيش دون المسرح وعشقه، هو أب الفنون، هو الوعي والثقافة، العلم والقراءة...، هو حياة اجتماعية وأفكار تحاورية لكنّه على الأكيد ليس صناعة تجارية ولن يكون أبداً، لا تفصيل فيه يشبه غيره ولا عرض يماثل الآخر

بداية يقول: «أحس بأنني أعيش تلك اللحظة في كل مرة أنظر فيها إلى المسرح، حيث يقف ابن عمّي الشاب "بري العواني" وينحني ليحيي جمهوراً يصفق بحرارة، شبان وشابات يلتفون حوله، الكبار والمثقفين يثنون ويتناقشون، وغيرة شديدة تعتريني منه في البداية، تلك الغيرة التي جعلتني أقر بأنني سأعتلي هذه الخشبة، وسيكون المسرح عالمي، ليبدأ المشوار بمسرحية فتية وقصة حب لتلك الخشبة قد تكون خيالية، كلاهما لم يعرف ولن يعرف السلام».

من عرض "كواليس"

كغيره من عشّاق المسرح، أراد خطاً منفرداً فكان أحد ألمع من مثّلوا "المونودراما" على الرغم من عدم شعبيتها الواسعة، له فيها ست تجارب، قدّم أحداها وهي "الرقصة الأخيرة" في مهرجان "الفجيرة" المسرحي بتكلفة لم تتجاوز (2000) ل.س ليحقق شهرة واسعة جعلت حضور العرض من نقّاد ومخرجين وممثلين ينقسمون بين المعجب والكاره.....

لم يدرس المسرح دراسة أكاديمية، وإنما كانت الخبرة والتجربة أساس النجاح فيقول عن ذلك: «الفنان هو خليط مما يسمع، يشاهد، يقرأ، يفكر، لينتج بعدها ويحكم عليه ممن شاهدوه، وفي بدايتي كثير من الناس أشار بأنني أقلّد تفاصيل وحركات كان يقّدمها "بري العواني" على المسرح وهذا صحيح، لأن الإعجاب اختلط بالغيرة والسعي للتقدم والتميز، فبالرغم من صغر سني عاصرته ورفاقه مثل "فرحان بلبل" وآخرون ممن اعتبروا أعلام المسرح فترة الستينيات والثمانينيات في "حمص". قرأت الأدب الروسي الذي يقّص علينا ما خلّفته الحرب من حكايات وقصص كثيرة جعلت من مسرح الشرق مستقراً لها ووجهتها الأساسية، فتأثرت به وبغيره، فمن الكتب والحياة، المثقّف والأميّ تُصنع الصور وتقدّم العروض».

من لقاءه مع eHoms

نال "تمّام العواني" الذي سجلّت "حمص" مواليده سنة (1963) جوائز عديدة أولها أفضل مخرج في مهرجان الشبيبة سنة (1986)، أفضل ممثل متميز في مهرجان المسرح الجامعي سنة (1984)، وبعرض "المفتش العام" نال أفضل ممثل مسرحي بمهرجان "حمص" الرابع للمسرح، وبعرض "سيرة شحاته" جائزة مماثلة بمهرجان "حماة" المسرحي (2002)، جائزة النقّاد والجمهور في مهرجان "القاهرة". كرّم من قبل نقابة الفنانين على أعماله وتجاربه في المسرح سنة (1996)، مع مشاركته في كل من مهرجان "القاهرة" ثلاث مرّات، مهرجان "دمشق" الدولي، مهرجان "الفجيرة" الدولي للمونودراما سنة (2006).

قدّم عروضاً وصلت لـ (30) عرضاً منها ما كان من تأليفه وتمثيله مثل "الرقصة الأخيرة"، "العقرب"، "المطرود" وآخرها "كواليس" وهي عرض افتتاح مهرجان "حمص" المسرحي لسنة (2008).

بعد إحدى العروض من إعداده وإخراجه

لكن "تمام" المسرحي له عتب على العروض المسرحية المقدمة وحالة المسرح فيقول: «لم تتجاوز كثير من العروض المسرحية التي قدّمت في "حمص" ومنها "كواليس" مبلغ (30) ألف ل.س بكل من شارك فيه وهو بنظري كأغلب ما يقدمه الفنانون بمجهودهم الشخصي أهم بكثير مما يقدم في العاصمة ويكلّف الملايين، ولكن العتب على جهتين: أولهما على الإعلام ومديري الإنتاج الذين يخلطون الصالح بالطالح، سواء في المسرح أو على شاشات التلفاز، والثاني علينا نحن في "حمص" التي تكتفي بتظاهرة واحدة كل عام، دون إيجاد حلقة متصلة بما يقدم ويفسح مجالاً للتجدد والإبداع».

وعن عشق المسرح يختم بالقول: «لم يستطع ولن يستطيع أي شخص أن يعيش دون حب، وأنا لا أعيش دون المسرح وعشقه، هو أب الفنون، هو الوعي والثقافة، العلم والقراءة...، هو حياة اجتماعية وأفكار تحاورية لكنّه على الأكيد ليس صناعة تجارية ولن يكون أبداً، لا تفصيل فيه يشبه غيره ولا عرض يماثل الآخر».

من الجدير بالذكر أن "تمام العواني" يعمل موظفاً في شركة "سادكوب" بمدينة "حمص"، متزوج ولديه ولدان، له أحلام عديدة في مجال فنه والمسرح أهمّها أن يجعل من فن "المونودراما" شعبياً ومطلوباً، وأن يقدّم مسرحية فيها استعراض لعدد من الفنون كالرقص والغناء، وأن تكون شخصية "عنترة" و"عطيل" محطته القادمة.