يعد كراج "الهوب هوب" من أجمل الذكريات التي تدونها الذاكرة وتحفظها الصدور من قبل رجال الماضي من أبناء "القامشلي" وكل المناطق التابعة لها، من خلال القصص الكثيرة التي تروى عنه..

مدوّنة وطن "eSyria" وبتاريخ 19 آب 2014، قامت بجولة ضمن كراج "الهوب الهوب" في المدينة، الذي لم يظهر من مكانه إلا أحاديث الناس، فتجولنا على أهل العلم والدراية بالمكان وحكايا ذلك الكراج في سنوات حيويته وعطائه، وكانت البداية مع السيّد "خالد عبدي الحليم" وهو من كبار السن من قرية "نعمتلي" الملاصقة لمدينة "القامشلي"، الذي له رواية وذكرى مع الكراج ويقول: «قبل أربعين عاماً وأكثر لم يكن في المدينة سوى هذا الكراج وتلك الحافلات للتوجه من منطقتنا نحو العاصمة "دمشق"، فكنتُ أخرج ومن يريد السفر معي من قريتي قبيل إشراقة الفجر باتجاه الكراج سيراً على الأقدام، لأنّ الحافلات كانت نادرة ولم تكن تحضر إلا مع بزوغ شمس النهار، لذلك كنّا نخرج باكراً لنصل إلى الكراج، ليكون الانطلاق في أول حافلة وكانت تغادر عند الثامنة صباحاً تقريباً، والمسافة التي كانت تفصلنا للوصول إلى الكراج ساعة ونصف الساعة تقريباً، وكنّا نحولها إلى رحلة ترفيهية فنجلس على الطرقات أحياناً نشرب الماء ونتناول بعض الأطعمة الخفيفة التي كنّا نحملها معنا، ونسرد بعض القصص والمواضيع ومن ثمّ نتابع رحلة المسير نحو الكراج، وكان يتواجد في الكراج أشخاص من كل نقطة وبقعة من مناطق مدينة "القامشلي" ومن الريف القريب والبعيد، وهنالك يبدأ التعارف الاجتماعي الذي لم لم يكن ينتهي إلا في العاصمة، غير أن العديد من العلاقات الاجتماعية التي بدأت يومها باقية حتّى الآن، وكانت نقطة الكراج سبب التعارف».

كان الكراج لصاحبه "كبرئيل خوري" والمعروف بـ"أو آحو"، الذي أسسه مع بداية الخمسينيات من سور ترابي بالكامل، وكانت هناك ثمانية حوانيت ترابية على الطرفين، أمّا المساحة الكاملة فتقدّر بـ300م2، ومن بين الحوانيت كان هناك مقهى يجمع الناس الذين ينتظرون إقلاع الحافلة، وكان عدد الحافلات خمس من الحجم الكبير والمتوسط، وكان صاحب الكراج قد استأجرها من أهالي المنطقة، وضمن حرم الكراج كان هناك تسجيل للدور حسب وصول الأسرع، وذلك من خلال عدد من الموظفين، وقد استمر الكراج بالعمل حتّى الستينيات، أما اليوم فقد أزيل بالكامل وتحول إلى قيصرية سميت بقيصرية "الجمرك" وبنيت من الإسمنت وتوابعه

الكابتن "بيرج سركسيان" تحدّث عن رحلته في "باصات الهوب هوب"، ويقول: «مع نهاية السبعينيات كنتُ مُكلفاً بمهمة رياضيّة وهي إدارة مباراة كرويّة في "داريا" ولم يكن لي طريقة للسفر إلا عبر كراج "الهوب هوب" فكان الكراج الوحيد للسفر من "القامشلي"، ويستغرق السفر من مدينتي إلى العاصمة حوالي 19 ساعة، علماً أن الكراج سمّي بتلك التسمية لأن سياراته كثيرة الوقوف والتوقف، فبإمكانه الوقوف كل عدّة أمتار، ولذلك سمي بـ"الهوب هوب" وهو مصطلح للركاب، فحتى اليوم هناك من ينادي على سائق حافلة "هوب" أي توقّف، ورغم الإرهاق والتعب وطول البقاء في تلك الحفلات التي لم تكن مثل اليوم من حيث التكييف والراحة والسرعة، ولكن كانت هناك بعض العناوين الجميلة خاصة من الناحية الاجتماعية، رغم الأعطال الكثيرة لتلك الحافلات فكنّا نقف لساعات في البرية بانتظار إصلاح العطل، ومع ذلك نحتفظ بذكريات جميلة وقصص رائعة في الأذهان».

السيد أنيس مديواية

السيّد "أنيس حنا مديواية" أحد رجالات الماضي ومن كتّاب التاريخ عن مدينة "القامشلي" تحدّث عن بعض تفاصيل ذلك الكراج، ويقول: «كان الكراج لصاحبه "كبرئيل خوري" والمعروف بـ"أو آحو"، الذي أسسه مع بداية الخمسينيات من سور ترابي بالكامل، وكانت هناك ثمانية حوانيت ترابية على الطرفين، أمّا المساحة الكاملة فتقدّر بـ300م2، ومن بين الحوانيت كان هناك مقهى يجمع الناس الذين ينتظرون إقلاع الحافلة، وكان عدد الحافلات خمس من الحجم الكبير والمتوسط، وكان صاحب الكراج قد استأجرها من أهالي المنطقة، وضمن حرم الكراج كان هناك تسجيل للدور حسب وصول الأسرع، وذلك من خلال عدد من الموظفين، وقد استمر الكراج بالعمل حتّى الستينيات، أما اليوم فقد أزيل بالكامل وتحول إلى قيصرية سميت بقيصرية "الجمرك" وبنيت من الإسمنت وتوابعه».

المنطقة التي كان يسكنها الكراج