جاءت فكرة بناء دارٍ للثقافة لتُغطي تزايد الرواد من جهة، ومن جهةٍ أخرى لتواكب الطموحات التي تسعى "الحسكة" للوصول إليها، حيث تعد هذه الدار من الاماكن الثقافية المهمة في "الحسكة".

موقع eHasakeh زار مدير الثقافة الدكتور "أحمد الدريس" الذي حدثنا عما تم انجازه في دار الثقافة الجديد فقال: «تتطور الثقافة في المحافظة تطوراً مُطَّرداً يستندُ إلى المبادرات التي تُطلقها مديرية الثقافة، ويتجلى ذلك في استقطاب المفكرين وتحفيزهم على الإنتاج المعرفي، وتأمين الاحتكاك بين مثقفي المحافظة والمثقفين في المحافظات الأخرى، من أجل إثراء الحراك الثقافي بالتجارب المختلفة، هذه الأمور تفرض واقعاً مُكلفاً من خلال ما يتم صرفه من نفقات لتأمين احتياجات الضيوف، ناهيك عن ضيق المركز الثقافي، الذي بات أصغر من أن يحتوي المقبلين، إضافةً إلى تعدد الأغراض الوظيفية في دار الثقافة، من جهةٍ أخرى نظمت المحافظة العديد من المهرجانات التي كانت تصطدم بعائق وحيد، هو مكان إقامة النشاط، من هنا جاءت الفكرة للتعجيل في بناء دار الثقافة، حيث تم تصميمه ليتجاوز كل العقبات التي أفرزتها التجارب السابقة».

نشهد اليوم انجاز صرح ثقافي حقيقي، سيكون له وقعٌ خاص ومميز في خدمة الثقافة بالمحافظة والارتقاء بها، من خلال الإحاطة الكاملة بكل مقومات العملية الثقافية، لكن برأيي أن تكاتف القائمين على هذه الدار وتفعيلها، وأيضاً الراحة التي يوفرها هذا البناء من خلال التجهيزات التي زُوِدَ بها سيكون لها الدور الكبير في استقطاب الشرائح المثقفة

يضيف "الدريس": «بعد التدارس مع مجلس مدينة "الحسكة" للبحث عن مكان ملائم من الناحية الجغرافية، إلا أن الأماكن التي أشرنا إليها في وسط المدينة لم تكن متوفرة، فلم يكن أمامنا إلا التوجه إلى منطقة الدوائر الحكومية على بعد 2 كم من مركز المدينة تحديداً في "حي الزهور"، تمت الموافقة عليه خصوصاً أن الجامعة تقع على مقربةٍ منه، إضافةً إلى وجود أحياء صغيرة هي أحوج ما تكون إلى الثقافة، آخذين تزايد أعداد طلاب الجامعات بعين الاعتبار، فالمكتبة الموجود اليوم لا تفي بالحاجة التي تغطي اختلاف الأقسام الدراسية، لم تكن المكتبة ترتقي إلى ما يطمح إليه الكتاب والباحثون، فكان لا بد لها أن تضم أعداداً كبيرة من الكتب لوضعها في متناول طالب العلم».

المسرح الصيفي للاطفال

يتابع "الدريس": «تم تخصيص 5000 م² من الأرض لتشييد الدار، بلغت المساحة الطابقية 7500 م²، يضم البناء قاعةً ضخمة للفنون التشكيلية لتستوعب أكبر نشاط من الممكن إقامته، كما تم افتتاح معهد موسيقى الأمر الذي لم يكن متاحاً في السابق، إلى جانب معهد للثقافة الشعبية لتخديم المناطق النائية، وقد تم إدخال قسم الإنترنت بقصد إيجاد مكتبة رقمية لخدمة الرواد، وللعمل على ضغط التكاليف تم بناء فندق صغير في الطابق العلوي، جُهز على أعلى مستوى ليخدم الضيوف الوافدين من المحافظات الأخرى، الأمر الذي سيخفَّض من التكاليف المنفقة لتامين المسكن للضيوف، أيضاً المحافظة مُقلة في احتضان المؤتمرات العلمية لعدم وجود قاعات لهذا الغرض، هذا الأمر تم تجاوزه من خلال بناء قاعة المؤتمرات مع ملحقاتها لتقديم وجبات خفيفة».

وأكد "الدريس": «لم يكن الأطفال خارج دائرة الاهتمام، فقد تم بناء مسرح صيفي ليكون وجهتهم الثقافية والترفيهية، أما الجديد في هذه الدار هو المسرح الهيدروليكي، ويُستخدم لتقديم ما يُسمى "المشاهد الطيارة"، هذه المشاهد تحتاج إلى تقنيات عالية وهي أرقى ما يُقدم في المسارح العالمية، يُستخدم هذا المسرح في أيام المهرجانات وكثرة العروض حيث يضم قاعة مجهزة بـ 700 كرسي، يعمل المسرح على النظام الطابقي، وكلما تُنهي أي فرقة عرضها تقف الفرقة التالية على خشبة الطابق السفلي للمسرح، ثم ترتفع الطبقة الأولى لتحل محلها الفرقة الثانية في عدة ثوان، الأمر الذي في تقليل الوقت المهدور».

المسرح الهيدروليكي

ويختم "الدريس": «فكرة المسرح تم تقديمها من قبل جامعة "تشرين" التي صممت الدار، وبهذا تكون "الحسكة" من أوائل المستخدمين لهذه التقنية، وعلى الصعيد العمراني قامت الوحدة الهندسية في الجامعة بإخراج الشكل النهائي للدار، ليتماشى مع الأصالةِ والحداثة، فالدار من جهة تشبه في تصميمها الخيمة العربية، وتشابه من الجهة الأخرى أصابع آلة البيانو، هذا المزج أضفى عليها حساً جمالياً كبيراً، صحيح أن العمل في هذا الصرح تعثر بعض المرات بسبب الكلفة المالية المرتفعة، إلا كل العقبات ذُللت بجهود المعنيين في المحافظة، واليوم الصرح قائم بذاته بعد إنفاق مبلغ 345.000.000 ليرة سورية، وسيوضع في الخدمة مع بداية عام 2011».

رئيس اتحاد الكتاب السابق في "الحسكة" الأستاذ "محمد باقي" قال: «نشهد اليوم انجاز صرح ثقافي حقيقي، سيكون له وقعٌ خاص ومميز في خدمة الثقافة بالمحافظة والارتقاء بها، من خلال الإحاطة الكاملة بكل مقومات العملية الثقافية، لكن برأيي أن تكاتف القائمين على هذه الدار وتفعيلها، وأيضاً الراحة التي يوفرها هذا البناء من خلال التجهيزات التي زُوِدَ بها سيكون لها الدور الكبير في استقطاب الشرائح المثقفة».

الدكتور احمد الدريس

يضيف "باقي": «الثقافة اليوم وعلى المستوى العالمي هي بضاعةٌ كاسدة، هنا يأتي دورنا في تغيير هذه الصورة من خلال بث الروح في الثقافة، كنت أتمنى أن يكون هذا البناء ضمن مركز المدينة إلا أن الواقع المتمثل في ندرة الأرض في المدينة فرض نفسه، لكن هذه القضية لا تُشكل عائقاً والحلول الموجودة كثيرة، فمن الممكن تخصيص هذه المنطقة بوسائط نقل عامة لتحل المشكلة، بالنهاية أتوقع أن يكون لهذا الصرح تأثيرات ايجابية تصب في مصلحة المحافظة».