مطحنة جوّالة مصنوعة يدوياً، مؤلفة من قطعة كبيرة من الحجر الأسود، يبلغ وزنها 200كغ، تستخدم في عملية تقشير حبوب القمح، باستخدام "الدقداقة"، حلت محلها اليوم المطاحن الآلية.

مدوّنة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 7 حزيران 2015، "أندراوس شابو" من مدينة "القامشلي"؛ الذي مازال يملك في منزله "الجرن" التراثي، وعنه يقول: «عمره يقارب القرن وربما أكثر، ويصل وزنه إلى 200كغ، وهو عبارة عن قطعة حجرية سوداء دائرية الشكل وكبيرة الحجم، وتنتشر بكثرة في مناطق الوديان، يتم حفرها ونقشها لتصبح على شكل مكعبي تقريباً، وفي المستوي الأعلى للمكعب توجد حفرة كبيرة لوضع حبات القمح بداخلها، وتتسع تلك لما يقارب الـ30كغ فقط من الحبوب، وكانت عملية النقش والحفر تستغرق مدة طويلة قد تتجاوز عشرين يوماً».

توضع كمية القمح في الحفرة العلوية ويبدأ الدقّ عليها من قبل رجلين يمتلكان صفات جسدية ضخمة، من خلال مطرقة خشبية كبيرة تسمّى "الدقداقة"، والرجلان يتناوبان الدق، وهناك امرأة تكون جالسة وتقلب القمح مع نهاية كل دقّة، وتلك الكمية من القمح تحتاج إلى نصف ساعة من الوقت لتصبح مقشّرة

ويتابع "أندراوس": «"الجرن" لم يكن يوجد إلا عند قلة قليلة من أبناء المنطقة، حيث في كل ثلاثة قرى يوجد واحد على الأغلب، وجميع أبناء تلك القرى كانوا يتوافدون إلى مكان ذلك "الجرن" الوحيد لإنجاز تقشير حبّات القمح، ومن كان باستطاعته حمله كان يأخذه إلى قريته ليقوم أبناؤها بإنجاز عملهم ضمن القرية، وعند الانتهاء منه يعود إلى مكان صاحبه، وتلك الحالة كانت تمثل لوحة اجتماعية في غاية الأهمية، ومن دون مقابل كانت تقدم هذه الأدوات لمن يحتاج إليها، حتى إن أي عائلة تحتاج إلى "الجرن" تستخدمه في مكانه من دون الحصول على موافقة صاحبه، ما عدا موسم الحصاد حيث يتم التنسيق وتنظيم الدور بين الأهالي، وكانت الأفضلية لأبناء القرى البعيدة».

الجرن مع "الدقداقة"

وعن طريقة استخدامه يقول: «توضع كمية القمح في الحفرة العلوية ويبدأ الدقّ عليها من قبل رجلين يمتلكان صفات جسدية ضخمة، من خلال مطرقة خشبية كبيرة تسمّى "الدقداقة"، والرجلان يتناوبان الدق، وهناك امرأة تكون جالسة وتقلب القمح مع نهاية كل دقّة، وتلك الكمية من القمح تحتاج إلى نصف ساعة من الوقت لتصبح مقشّرة».

أما الحاجة "فطومة محمد حسين" فتقول: «عند غياب الرجال كانت تؤدي عملية الدق النسوة اللواتي تتمتعن بالشجاعة، وأغلب نساء الريف لهن هذه الميّزة، ويبدأ هذا العمل منذ الصباح الباكر ومن خلال اجتماع معظم نساء القرية، اللواتي يرددن أغاني جماعية أو يسردن القصص، وأحياناً كثيرة يتناولن وجبات الإفطار والغداء مع تنفيذ العمل.

أندراوس شابو

"الجرن الحجري" كان في الزمن الماضي الجميل في زمن غياب المطحنة، أما اليوم فالإقبال عليه شبه معدوم، إلا أنني قبل مدة ذهبت إلى منزل "أندراوس" من أجل تقشير كمية قليلة من حبات القمح باستخدام جرنه الأثري، من دون الذهاب إلى المطاحن الآلية».