قطعة قماشية لا غنى عنها للراعي عند تجواله في ساحات الرعي، ففيها يضع الأدوات والمواد التي يحتاج إليها خلال رحلته اليومية التي تدوم ساعات طويلة، "الخُرج" صناعته سهلة وحاجته كبيرة.

مدوّنة وطن "eSyria" وبتاريخ 18 شباط 2015، رافقت عدداً ممن امتهنوا الرعي في بعض القرى المجاورة لمدينة "القامشلي"؛ وتبيّن أن جميعهم حافظوا على أهم أدوات الرعي ومنها "الخُرج"، الذي يضم المواد الأساسية التي يحتاج إليها الراعي أثناء عمله، كانت البداية مع "سعد محمّد علي" ويقول: «هي قطعة قماشيّة تستخدم منذ القديم، حيث ورثناها ممن سبقونا في مهنة الرعي، ومنذ عملي في هذه المهنة -رعي الأغنام والماعز- تعرفت كل طقوس الرعي والأماكن الخاصة بها؛ التي عادة ما تكون خارج القرية ولمسافة طويلة قد تتعدى الكيلو متر وأكثر، لذلك من الضروري أن يكون مع الراعي مواد الشرب والأكل وبعض أدوات الترفيه والتسلية في البرية، وكل ذلك يتم وضعه ضمن تلك القطعة القماشية والمسمّاة "الخرج"؛ الذي يمثل عنصراً مساعداً ومهماً لساعات الرعي، فجلّ ساعاتنا في النهار تكون خارج المنزل، وبعيدة عنه، ولا نستطيع الذهاب والمجيء إلى الدار لنتناول الطعام وشرب الماء، فتكون تلك القطعة القماشية صديقنا وثلّاجتنا وحافظة وحاضنة لكل ما نحمله معنا إلى البرية».

ما نأخذه معنا إلى المرعى يكون بسيطاً، ولأن "الخرج" يرافقنا في جميع أوقات الرعي؛ فهو يحتاج إلى النظافة الدائمة، فبعد أن نسلّمه لأهل الدار يبدؤون تنظيفه جيداً من بقايا المواد المتواجدة فيه، وبين الحين والآخر ومع نهاية كل أسبوع يتم غسله بمواد التنظيفات التي تغسل بها الملابس ويجفف جيداً

أما الراعي "علي خالد" فيقول: «الموجود في "الخرج" بوجه دائم وأساسي وفي كل رحلات الرعي؛ بعض أرغفة الخبز، وكأس من الحليب أو اللبن في علب صغيرة مع إبريق الشاي الذي لا يستغنى عنه أيضاً، وإبريق الماء، إضافة إلى حبّات مسلوقة من البيض أو البطاطا، وتكون هناك بعض الخضراوات كالبندورة والخيار وغيرها، وفي كل رحلة نأخذ أنواعاً محددة، وليس بالضرورة أن نأخذ كميات كبيرة وأنواعاً عديدة، حتّى لا يكون الحمل كبيراً وثقيلاً، وقبل العودة إلى البيت نكون قد تناولنا الطعام بنظام وهدوء».

الخرج بانتظار ما سيوضع فيه

ويضيف: «ما نأخذه معنا إلى المرعى يكون بسيطاً، ولأن "الخرج" يرافقنا في جميع أوقات الرعي؛ فهو يحتاج إلى النظافة الدائمة، فبعد أن نسلّمه لأهل الدار يبدؤون تنظيفه جيداً من بقايا المواد المتواجدة فيه، وبين الحين والآخر ومع نهاية كل أسبوع يتم غسله بمواد التنظيفات التي تغسل بها الملابس ويجفف جيداً».

ويتابع: «هناك طريقتان لحمله؛ فإذا كان الراعي راجلاً فإنه يوضع على الكتف، أو يضعه على الدابة التي يستخدمها للركب، وكان بعض الرعاة يضعون في "الخرج" إلى جانب الأطعمة أدوات الترفيه كآلات العزف ليستأنس بها أثناء عمله، ومعظم من يعملون في هذا المجال يمتلكون موهبة جيدة في العزف والغناء، لأنهم يمارسونها يومياً في الساعات التي يقضونها في الرعي».

السيد حسين المحمود

وكان لأحد كبار السن الحاج "حسين المحمود" حديث عن "الخرج" ويقول: «عمري الآن يقارب الثمانين عاماً، ومنذ ولادتي فتحت عيني فوجدت الأغنام والماعز والأبقار؛ فأحببناها ورعيناها وأعطتنا من خيراتها وباتت جزءاً مهماً من حياتنا، وحتّى اليوم أخرج إلى الرعي للاستمتاع، وخلال تلك الفترة وفي كل مرّة أخرج فيها يرافقني "الخرج" حتّى إذا كان فارغاً إلا من علبة الماء، فقد تعودنا أن يكون معنا دائماً في الرعي».

أما "وليد سعيد" أحد صانعي "الخرج" فتحدّث عن صناعته ويقول: «"الخرج" عبارة عن قطعة قماشية طولها ما يقارب 80سم، ولها ما يشبه الجيب الكبير، جيب في كل طرف لوضع المواد والأدوات، وتعد صناعة "الخرج" بدائيّة وسهلة، وأغلب النسوة يقمن بتلك المهمة، فهو يصنع من القماش أو أكياس البلاستيك الخاصة بالسماد وهي كثيرة جداً في القرى، حيث يقمن بخياطة القطعة الطولية خياطة بسيطة وسريعة، ثم لصقها بقطعة أخرى بطول 30سم، وقطعة أخرى تقابلها بذات الطول، وتبقى مسافة 20سم هي للاستناد سواء إلى الكتف أو عندما يضعها الراعي على الدابة».