في مثل هذا اليوم من كل عام تتجه ربات البيوت إلى أسواق الخضار، فالمؤونة تتطلب النفس الطويل حتى تُنجز، أما "المحمَّرة" فتحاج النفس والتحمل في آن معاً؛ بسبب الحرقة التي تسببها لأيدي النساء.

مدونة وطن "eSyria" زارت منزل السيد "أبو حيدر" والتقت ربة المنزل "ناريمان حاج محمد" بتاريخ 11 أيلول 2014، وهي منهمكة في صنع "المحمرة" وتحمي يديها بقفازات خشية أن تلتهبا، فقالت: «قبل الحديث عن أي شيء يجب أن أذكر جميع ربات المنازل بالألم الذي يصيب اليدين؛ في حال عملت ربة المنزل دون قفازات، فقد تمضي عدة أيام وهي تتألم ولا تكاد تخرج يديها من الماء البارد حتى تعيدهما إليه، وبالعودة لـ"المحمرة" فهذا الشهر هو وقت صناعتها أو قبل ذلك بقليل، فمن جهة تكتظ بها الأسواق ومن الجهة الأخرى يكون سعرها ملائماً لصناعة المؤونة، ففي كل موسم أشتري كمية من "الفليفلة الحمراء" قد تصل إلى 50 كيلو غراماً، وأقوم بتقطيعها وتنظيفها من البذور، وفي داخل الفليفلة خطوط بيضاء مسؤولة عن رفع نسبة "الحدية" في هذه الثمرة، لذلك تبقى درجة "الحدية" مرتهنة بمزاج ربة المنزل، فكلما أزالت هذه الخطوط البيضاء خفت "حدتها"، وتنتج كل 5 كيلوغرامات من الفليفلة 1 كيلوغرام من "المحمرة"».

بل لأنه يرى فيها وجبة لذيذة وفيها من الفوائد الشيء الكثير، علاوةً على تقديمها كمقبلات أو كفاتح للشهية؛ خصوصاً عندما تكون شديدة الحرارة، لافتاً إلى أن صناعة المؤونة بشكل عام في المنزل توفر على رب الأسرة نفقات إضافية، إذ يصل سعر الكيلوغرام الواحد في المحال التجارية إلى 600 ليرة سورية في الحد الأدنى، بينما لا يكلّف الكيلوغرام المصنّع في المنزل أكثر من 250 ليرة سورية، علاوة على ضمان جودة الصناعة والجودة ومراعاة النظافة في العمل

وتبدأ مرحلة ثانية: «حيث يتم نشر قطع الفليفلة على سطح المنزل تحت أشعة الشمس مباشرةً، لمدة يوم كامل ما يساهم في تجفيف المياه الموجودة في الثمرة، ثم تبدأ عملية الفرم أو الطحن، ففي السابق كان يتم طحنها بسكين كبيرة وكان الأمر يستغرق وقتاً طويلاً، وفي مرحلة لاحقة دخلت الماكينات اليدوية لتعين على الفرم لكنها كانت تستغرق بعض الوقت والجهد، أما اليوم ومع التطور الحاصل؛ فيمكن للمرأة أن تنهي عملها خلال ساعة أو اثنتين على الأكثر، ويتم طحن الفليفلة مرتين على أقل تقدير؛ ويمكن الزيادة في عدد المرات حسب الرغبة، بعد ذلك توضع عجينة "المحمرة" في أوانٍ مسطحة "سفرة"، وتنشر في الظل لمدة يوم أو يومين حسب الرغبة في التجفيف، بعدها تصبح "المحمرة" جاهزة لتعبأ في علب حافظة ومحكمة ليُصار إلى تخزينها، ويفضل أن يتم حفظها في علب من البللور لكي تبقى المؤونة بحال جيدة طوال فترة الشتاء».

تقطيع المحمرة

وعن استخداماتها تضيف: «تدخل "المحمرة" في صناعة "المكدوس" بشكل رئيسي، حيث يتم حشو الباذنجان بعجينة "المحمّرة" مع إضافة بعض المكسرات إليها، وغالباً تكون الحشوة من الجوز حتى لا يتشرب المياه الموجودة فيها، كما تستخدم في دهن قطع اللحم أو الدجاج قبل وضعها في الفرن، إذ تساعد على إبقاء اللحوم طرية وتمنع تخشبها نتيجة الحرارة المرتفعة، وأخيراً، تستخدم "المحمرة" في وجبتي الإفطار والعشاء بشكل رئيسي؛ حيث تقدم بعد غمرها بزيت الزيتون، ويمكن أن تقدم كمقبلات مع الوجبات الرئيسية في فترة الغداء، ومؤخراً دخلت "المحمرة" في صناعة الفطائر بعد انتشار أفران الصفائح في جميع الحارات».

ولـ"المحمرة" وجه آخر بحسب السيدة "ناريمان": «كل ما سبق الحديث عنه هو نتاج الفليفلة الكبيرة ذات اللون الأحمر، أما الفليفلة الرفيعة الحمراء فلها استخدام آخر، فهذه تغسل وتنظف ليتم طحنها على الفور، وتتم عملية الطحن أربع إلى خمس مرات حتى تصبح سائلة، ثم توضع في وعاء وتترك تحت أشعة الشمس لمدة يوم واحد لتتكثف، ويتم بعد ذلك تخزينها في علب وتسمى "شطة"، وهو سائل شديد "الحدية" يضاف إلى أكثر أنواع الطبخات، إذ تضاف إلى وجبات "المرقات" الحمراء عموماً و"مرقة البامية" خصوصاً، فتعطيها نكهة لذيذة لاذعة، وقد تؤمن هذه الصناعة دخلاً جيداً من خلال صناعتها وبيعها للمحلات التجارية».

نشر المحمرة

من جهته أكد "شحود الحايك" أهمية "المحمرة" في مؤونة البيت ليس لأن النساء يصنعنها دون الرجوع إلى الرجل في أغلب الأحيان: «بل لأنه يرى فيها وجبة لذيذة وفيها من الفوائد الشيء الكثير، علاوةً على تقديمها كمقبلات أو كفاتح للشهية؛ خصوصاً عندما تكون شديدة الحرارة، لافتاً إلى أن صناعة المؤونة بشكل عام في المنزل توفر على رب الأسرة نفقات إضافية، إذ يصل سعر الكيلوغرام الواحد في المحال التجارية إلى 600 ليرة سورية في الحد الأدنى، بينما لا يكلّف الكيلوغرام المصنّع في المنزل أكثر من 250 ليرة سورية، علاوة على ضمان جودة الصناعة والجودة ومراعاة النظافة في العمل».

المحمرة الشطة