لم يكن طائر الرخمة من الطيور التي ولدت في منطقة الجزيرة السورية، إلا أن الطريق التي يسلكها في هجرته وندرة المسطحات المائية في المنطقة جعلته من سكانها القدامى.

«تعدّ محافظة "الحسكة" ذات الطبيعة الجغرافية المنبسطة والقليلة المسطحات المائية من أفضل الأماكن التي تقصدها الطيور في حلها وترحالها، ولأن ما ينطبق على معظم الطيور ينطبق حتماً على طائر "الرخمة المصري"، إضافةً إلى المحمية الطبيعية التي تقع في الجنوب الغربي للمحافظة، والتي أمنت له ملاذاً آمناً».

أمنت المحمية الواقعة تحت جبل "عبد العزيز" جنوب غرب مدينة "الحسكة" ملاذً آمناً للطيور المستوطنة والمهاجرة، من حيث الطبيعة الجغرافية الملائمة وتوفير المناخ المناسب لهذه الطيور

هذا ما قاله خبير الطيور المهندس "زبير العبدو" في لقاءٍ مع مدونة وطن "eSyria" الذي أجري بتاريخ 15 آذار 2014: «تنبع أهمية المحافظة من كونها أهم المسالك لهجرة الطيور القادمة من "كازاخستان" إلى "إفريقيا" وبالعكس، وتسلك الطيور أثناء هجرتها السنوية ممرات آمنة تخلو من المسطحات المائية التي تعترض الطريق، فهي تحط رحالها لتستريح عندما تتعب من الطيران، وترغب دائماً في أن تكون وجهتها فوق الأراضي المنبسطة، حتى إنها عندما تمر فوق "البحر الأحمر" تتعمد المرور فوق مضيق "هرمز" وهو أضيق نقطة مائية تعترضها».

الرخمة المصرية

يقول المهندس "العبدو": «طائر "الرخمة المصرية" Egyptian Vulture من الطيور المهاجرة يقيم جزء منها في "سورية" وهو نوع مهدد بالانقراض بحسب الاتحاد الدولي لصون الطبيعة "IUCN"، يعبر بشكل فردي ويسكن في الجبال المقفرة والسهول شبه الصحراوية والسهول العشبية والوديان الصخرية، يبلغ طوله 62 سم ويمتد جناحاه بطول 155 سم وهو عقاب صغير بحجم العقاب الأرقط الصغير، يمتلك الطائر البالغ ذيلاً وتدياً، أما لونه فيكون أبيض في الجزء السفلي وريش الأجنحة أسود، ورأسه مدبب ومنقاره دقيق، أما الطائر اليافع فيكون أسفل جسمه بني اللون والطوق ضاربٌ إلى السواد ويكون لونه من الأعلى بنياً قاتماً مع وجود خطوط صفراء شاحبة على غطائيات الأجنحة، في حين تكون غطائيات الذيل ضاربة إلى البياض والذيل وتدي الشكل ويميل لون معظمه إلى اللون البني المائل إلى الرمادي في حين تكون أطرافه باهتة».

يتابع "العبدو": «يحوم هذا الطائر غالباً على أجنحة مقوسة بعض الشيء وتكون ضربات الأجنحة عميقة في حالة الطيران النشط قبل الانزلاق، وله صوت نخير وصفير في بعض الأحيان إلا أنه غالباً ما يكون صامتاً، ويصنف هذا الطائر في فصيلة القماميات لأنه يتغذى على بقايا الحيوانات النافقة، كما أنه يتغذى على الأفاعي والأرانب والفئران، وقد باتت أعداده تتناقص بشكل حاد نتيجة الصيد الجائر، حيث تستخدم حوصلته لعلاج مرض "حية الهوا" أو ما يعرف شعبياً "عرق النسا"، لهذا قام الاتحاد الدولي لصون الطبيعة باعتباره نوعاً مهدداً بالانقراض».

الرخمة تحلق في سماء المحمية

من جانبه قال المهندس "رياض الطرخو" مدير محمية "جبل عبد العزيز": «أمنت المحمية الواقعة تحت جبل "عبد العزيز" جنوب غرب مدينة "الحسكة" ملاذً آمناً للطيور المستوطنة والمهاجرة، من حيث الطبيعة الجغرافية الملائمة وتوفير المناخ المناسب لهذه الطيور».

مشيراً إلى قيام عدد من الجهات الدولية بمتابعة هذه الأنواع وتوثيقها بهدف الحفاظ عليها ومراقبة أطوار التكاثر لديها.

المهندس زبير العبدو

يذكر أن طائر الرخمة المصرية ذكر في الأمثال الشعبية وقد ورد في هذا النوع مثل يقال على سبيل الهجاء والذم: "مثل طائر الرخمة".. أي إنه يترك اللحم الطري ويأكل لحم الجيفة.