يتم قياس الحصيلة المعرفيّة للطالب الجامعي من خلال اختبار امتحاني يختاره المدرّس، أما الطالب فيرى بنفسه الأجدر باختيار نمط أسئلته، ومع ذلك فطبيعة التخصص والاختصاص تفرض النمط الأنسب لذلك.

مدوّنة وطن "eSyria" وبتاريخ 13 حزيران 2014، وقفت عند عدد من الطلبة الجامعيين واطلعت على آرائهم فيما يتعلق بموضوع أسئلة الاختبار الامتحاني، وكانت البداية مع الطالبة "هيلين فرحان" (هندسة معلوماتية – سنة أولى)، التي تجد في دراستها الجامعية الكثير من الفائدة من الأسئلة المؤتمتة، وتقول: «هناك مواد دراسية تتطلب حتماً أسئلة مؤتمتة، خاصة المواد النظرية في الكليات العلمية، فعلى سبيل المثال مادة "التقانات" في منهاجنا الدراسي مادة نظرية ويتطلب أن تكون أسئلتها مؤتمتة ولكن حتّى تاريخه نختبر بها ضمن أسئلة تقليدية أو إنشائيّة؛ وهذا يشكل عبئاً على الطالب».

لتجاوز موضوع الاختبارات يمكن دمج هذين الشكلين معاً، فنضع أسئلة متنوعة منها ما هو إنشائي وأسئلة أخرى موضوعية، وبذلك يتم التوصل إلى نموذج أسئلة متكامل يقيس كل قدرات الطلاب وإمكاناتهم بشكل تام وكامل

وهذا ما أكده الطالب "مروان عبد الله" (جيولوجيا – سنة ثانية) بأن الأسئلة المؤتمتة هي الأكثر نفعاً وفائدة، ويقول: «الاستيعاب والفهم يكون كبيراً وجيداً بالأسئلة المؤتمتة لأنها تكون شاملة وعامة من المنهاج الدراسي كله، ولكن هذا لا يعني إبطال أو نكران فائدة وضرورة وضع أسئلة تقليدية لبعض المواد الدراسيّة، خاصة المواد التي فيها مسائل رياضيّة».

السيد محمد حليم

وكان للمرشد الأكاديمي "محمد حليم إسماعيل" وهو أحد المحاضرين في جامعة "الفرات" حديث عن الموضوع المطروح ويقول: «هناك اختلاف بين وجهة نظر كل من الطالب والمدرس للاختبار، فالأول يشعر بالرهبة والخوف أحياناً كثيرة، أمّا المدرّس فالاختبارات عنده تشكّل حالة من توكيد الذات عليه، أمّا نمط الاختبار فهو يختلف من موضوع لآخر أو من اختصاص لآخر ويتقيّد بطبيعة التخصص والاختصاص، الذي يفرض نفسه على أسئلة الاختصاص، وبشكل عام هناك شكلان رئيسيان من الاختبارات فالأول يسمّى بالموضوعي وهو نفسه الذي يدعى المؤتمت، ويعتمد على الأنماط التالية: أسئلة الصح والخطأ، الاختيار من متعدد، إكمال الفكرة أو ملء الفراغات، وأسئلة المقاربة، وقد سمّيت بالموضوعية لأنّه يجب على المدرس أن يكون موضوعياً ولأن الجواب واحد وموحد من قبل المصحح، أمّا الأسئلة المقاليّة فهي تعتمد على الأسلوب الإنشائي ويقوم المدرس بصياغة أسئلة من المادة التعليميّة وتتم الإجابة عنها من قبل الطالب، ويضيف رأيه الشخصي وانطباعاته على تلك الإجابات، وقد تؤثر حتّى ثقافته في تلك الأفكار».

ويتابع: «وبالنسبة للأسئلة التقليدية فالإجابات تختلف من طالب لآخر من حيث الرأي الشخصي، وأكثرية الطلاب يفضلون النوع الموضوعي من الاختبارات، لوجود إجابة محددة، وحتى المدرس يميل إلى الأسئلة الموضوعية لسهولة التصحيح ولقلة العناء في إعدادها، كما أنها تؤمن الموضوعية والحياديّة وتلغي جانب العاطفة في التصحيح، ولكنّ الموضوعيّة تهمش جانب الإبداعيّة، فهناك اختصاصات عديدة تتطلب قياس الرأي، واليوم جامعاتنا الحكوميّة تُطبق الجانبين الموضوعي والمقالي، وهي تخلق حالة توافق بين الجانبين، وكلا النموذجين يحققان أهدافاً معيّنة يسعى المدرّس لقياسها وتقويمها لدى طلبته».

جامعة الفرات

الدكتور "إسماعيل العمري" عميد كلية التربية في جامعة "الفرات" تحدّث علمياً عن نوعي الأسئلة التي يُختبر بها الطالب الجامعي عندما قال: «تقدير التحصيل الدراسي يكون من خلال الاختبارين المذكورين، والنوع الأكثر شيوعاً من استخدام الأسئلة هو النوع التقليدي أو المقالي، وقد كانت حتّى وقت قريب الشكل الوحيد للأسئلة، وحتّى اليوم هو يحتفظ بمكانة خاصة على الرغم من الانتقادات الشديدة الموجهة لتلك النوع من الاختبارات، وهي تتميز بمزايا عديدة، منها: فيمكن من خلالها معرفة وقياس مستويات التعليم العليا أو نواتج التعليم المعقدّة التي لا يمكن قياسها بالوسائل الأخرى، كالقدرة على الربط وتنظيم الأفكار والقدرة على الإبداع والنقد وإبداء الرأي، والنمط المذكور يعطي حرية للطالب لمواجهة المسألة أو المشكلة المطروحة ومعالجتها بأسلوبه ووفق نمطه الخاص، وهو يساهم أيضاً في تنمية قدرة المتعلم على التعبير عن نفسه، أما الأسئلة الموضوعية فتتميّز بسهولة الإعداد وقلّة التكلفة الماديّة».

ويضيف: «أما سلبيات الأسئلة الإنشائيّة فيمكن القول إنها تعاني من تدخل العوامل الذاتيّة أو الشخصيّة عند المصحح الواحد نفسه من وقت لآخر، وهناك عدم توافق في تقديرات المصححين (ضعف مستوى الثبات)، ويتضمن اختبار المقال عادةً عدداً محدوداً من الأسئلة يتراوح من سؤال إلى عشرة أسئلة على الأكثر، وهذا يعني أنه يقتصر على تغطية جوانب أو أجزاء معيّنة من المادة، ويهمل جوانب وأجزاء أخرى، وهناك صعوبة في تصحيح الاختبارات التي تتضمن أسئلتها المقالية خاصة إذا كانت أعداد الطالب كبيرة، وبالنسبة للاختبار الموضوعي يشكّل راحة عند الطالب لأن ورقته تصحح آلياً ويعرف نتيجة عمله مسبقاً وفوراً، كما أنها تنمي اختبارات الذكاء عند الطالب، وتحقق درجة عاليّة من الثبات سواء من جهة المصحح أو من جهة الطالب، أما التحفظّات عليها فيمكن القول إعدادها يتطلب إعداداً جيداً ووقتاً طويلاً وتكلفة أكثر، يفسح المجال أمام الطالب للتخمين، وكذلك يفتت المادة أو الموضوع المدروس إلى جزئيات صغيرة ومبعثرة وغير مترابطة وخاصة عند السؤال عن تفصيلات غير مهمّة، كما أن الأسئلة الموضوعيّة تزيد من فرص الغش في الامتحان».

من أجواء الامتحانات

ويختتم: «لتجاوز موضوع الاختبارات يمكن دمج هذين الشكلين معاً، فنضع أسئلة متنوعة منها ما هو إنشائي وأسئلة أخرى موضوعية، وبذلك يتم التوصل إلى نموذج أسئلة متكامل يقيس كل قدرات الطلاب وإمكاناتهم بشكل تام وكامل».