لا يمكنه الاستغناء عن طموحه في إكمال تحصيله العلمي، ولا يمكنه المتابعة في الدراسة وحدها في ظل الوضع الاقتصادي الصعب، فلجأ الطالب الجامعي إلى الجمع بين العمل والتعلم لتحقيق أهدافه في الحياة...

مدوّنة وطن "eSyria" وبتاريخ 26 آذار 2014 وقفت مع عدد من طلبة الجامعة الذين يبنون مستقبلهم الدراسي بالتزامن مع عملهم في مجال آخر، وكانت البداية مع الطالبة "رشا سعيد" التي تحدثت عن تجربتها وتقول: «أنا طالبة جامعية سنة ثانية كلية الاقتصاد، ولكن وضع أسرتي وعدد أفرادها الكبير جعل الحمل المادي كبيراً على والدي، فكان قراري أن أجد لنفسي عملاً ما لأعينه على مصاريفي الجامعية حتى لا أضطر لترك الدراسة، ومنذ عام تقريباً وأنا أنتقل من دائرة إلى مؤسسة حكومية كموظفة ضمن العقود الشهرية، وحالياً أعمل في إحدى مدارس مدينة "القامشلي" بصفة مستخدمة، فالعمل عبادة ولا أتردد في القيام بأي وظيفة إذا كانت تعينني على إكمال دراستي الجامعيّة، حتى إن عملي لم يؤثر في تحصيلي العلمي، فمن يتبّع برنامجاً ثابتاً وعلمياً ستكون النتائج جيدة للغاية، كما أنني أستغل كل الدقائق التي تسنح لي لدراسة فقرة أو محاضرة، وأعتقد أن تجربتي نموذج كغيره من الطلاب يجب احترامها وتقديرها، وبالنسبة لي تلقيت كل تشجيع جميع من حولي».

أنا طالبة جامعية سنة ثانية كلية الاقتصاد، ولكن وضع أسرتي وعدد أفرادها الكبير جعل الحمل المادي كبيراً على والدي، فكان قراري أن أجد لنفسي عملاً ما لأعينه على مصاريفي الجامعية حتى لا أضطر لترك الدراسة، ومنذ عام تقريباً وأنا أنتقل من دائرة إلى مؤسسة حكومية كموظفة ضمن العقود الشهرية، وحالياً أعمل في إحدى مدارس مدينة "القامشلي" بصفة مستخدمة، فالعمل عبادة ولا أتردد في القيام بأي وظيفة إذا كانت تعينني على إكمال دراستي الجامعيّة، حتى إن عملي لم يؤثر في تحصيلي العلمي، فمن يتبّع برنامجاً ثابتاً وعلمياً ستكون النتائج جيدة للغاية، كما أنني أستغل كل الدقائق التي تسنح لي لدراسة فقرة أو محاضرة، وأعتقد أن تجربتي نموذج كغيره من الطلاب يجب احترامها وتقديرها، وبالنسبة لي تلقيت كل تشجيع جميع من حولي

أمّا الطالب الجامعي "سليمان حسين" فكانت قصته مختلفة ويقول: «تأخرتُ كثيراً حتّى دخلت المجال التعليمي حيث إنني عانيتُ كثيراً حتّى نلتّ الشهادة الثانوية ودخلت بعدها كلية التربية، ووقتها كان لدي أسرة وأطفال، ومن واجبي أن أقوم بتربية الأسرة ومتابعة مشوار دراستي، وبحكم وجودي في ريف "القامشلي" المتوجّه إلى أعمال الزراعة بدرجة كبيرة، فقد عملتُ بكل الأعمال حتّى الشاقة منها، سواء في العتالة أي حمل أكياس القمح وغيرها أو سقاية المحاصيل الزراعية، ولم أتردد في رعي الماشية والأنعام، كما أنني في بعض السنوات عملت كوكيل تدريس في بعض القرى البعيدة التي يتوافر فيها شاغر ما، رغم صعوبة الوصول إلى تلك القرى وخاصة في فصل الشتاء، فكان المهم تأمين لقمة العيش والأهم الحصول على الشهادة الجامعية، علماً أنني أفضل أن يكون عملي قريباً من مجال دراستي الجامعية، ولكن إذا تعذر ذلك أبحث في مجال آخر، فأنا والعشرات مثلي وخاصة من أبناء الريف ممن يمارسون عملاً مجهداً في سبيل تأمين متطلبات الأسرة والجامعة معاً».

طالب جامعي يعمل في السقاية

المرشد النفسي "محمّد حليم إسماعيل" تحدّث عن مقومات التوفيق في الجمع بين العمل والعلم ويقول: «توجّه الطالب الجامعي نحو العمل حالة صحيّة ومفيدة شرط أن يتم تأمين عمل له يتناسب مع دراسته وتخصصه، فمن غير المعقول أن يعمل طالب في كلية الصيدلة في الحدادة أو النجارة، وشيء جميل أن يعمل في معمل للأدوية مثلاً، وهو ما نسميه التعلم عن طريق الحياة، ويكون قمّة الإيجابيّة، فسيعزز من إمكاناته الدراسية بالأمور العملية، وسيشعر بالمسؤولية تجاه نفسه ومحيطه الاجتماعي الواسع، وسيكسب مهارات عمليّة في مجال تخصصه وفي مجالات الحياة المتنوّعة، أمّا اختيار الطالب عملاً أكره عليه فستكون النتيجة سلبية ولو نسبياً حيث سيكون هناك تدنٍ لتحصيله العلمي، وانخفاض لمستوى تقدير الذات عنده، وربما وقع في علاقات اجتماعية غير مخطط لها بحكم ذلك العمل سيبعده ذلك عن التحصيل الأكاديمي، ولذلك وحتّى يتم التوفيق بين العمل والعلم لا بدّ من وجود مؤسسات وشركات تعمل على تنمية الموارد البشرية وتختص بتوفير فرص عمل، تنسّق تلك المؤسسة بين جهات العمل وطالبيه، لحمايتهم قانونياً ولاختيار العمل المناسب لكل قدرة من القدرات».

الدكتور "إسماعيل العمري" عميد كلية التربية تحدّث عن الموضوع المذكور، ويقول: «يعدّ عمل الطالب من المشكلات التي تسعى المجتمعات إلى إيجاد حلول لها لأنها تتعارض مع حقه في التعليم المثالي، فلها تأثيرات نفسية في الطالب فهناك معاناة تلحقه من خلال العمل، ورغم الجهود المبذولة من الكثير من الدول للحد من هذه الظاهرة من خلال نصوص وقوانين العمل لكن لم تنته الظاهرة، ولكن حدّت منها نسبياً، والسبب الرئيسي لتلك الظاهرة تدني معدلات النمو الاقتصادي، ومع ذلك لا نستطيع الحديث عن حلول قانونية إذا لم يتم التفكير بالأسباب الاقتصادية والاجتماعية لتلك الظاهرة، فهما سببا المشكلة (أي عمالة الطالب) ويجب إيجاد الحلول المناسبة لها، علماً أن بطالة حملة الشهادات العلمية هي التي ضاعفت نسبة البطالة على مستوى الوطن العربي وأوصلتها إلى 62 %، وللحد من تلك النسبة لا بدّ من زيادة الإنفاق الحكومي من أجل تحقيق النمو الاقتصادي وإيجاد شبكات أمان اجتماعي».

المدرس محمد حليم